حروب الحدود الأسترالية

حروب الحدود الأسترالية هو مصطلح أطلقه بعض المؤرخين على الصراعات العنيفة بين سكان أستراليا الأصليين والمستوطنين البيض أثناء الاستعمار البريطاني لأستراليا. وقع القتال الأول بعد عدة أشهر من رُسُّو الأسطول الأول في يناير 1788، وحدثت آخر الاشتباكات في مطلع القرن العشرين، في أواخر عام 1934. قُتل ما لا يقل عن 40,000 أسترالي من السكان الأصليين وما بين 2000 و2500 مستوطن في الحروب. ولكن، يشير بحث دراسي أخير عن الحروب الحدودية -ما يُعرف الآن بولاية كوينزلاند- إلى أن وفيات السكان الأصليين كانت على الأرجح أكبر بكثير. في الحقيقة، رغم وقوع معارك ومذابح في عدد من المواقع في أنحاء أستراليا، فقد كانت دموية في كوينزلاند بالتحديد، بسبب عدد السكان الأصليين الكبير نسبيًا قبل الاتصال بالعالم الخارجي.

حروب الحدود الأسترالية
شرطة نيو ساوث ويلز تهجم على الأستراليين الأصليين أصناء مجزرة ووترلو كريك في 1838.
معلومات عامة
التاريخ 1788–1934[1]
البلد أستراليا  
الموقع أستراليا
النتيجة انتصار بريطاني
  • الاستيلاء على أراضي الأستراليين الأصليين
المتحاربون
الجيش البريطاني[2]
الشرطة الأسترالية
شرطة نيو ساوث ويلز
حرس حدود نيو ساوث ويلز
المستعمرون البريطانيون
قوات الشرطة
الأستراليون الأصليون
الخسائر
على الأقل 2000 إلى 2500 [3] على الأقل 4000.[4]

الخلفية والسكان

قامت بعثة بريطانية عام 1770 بقيادة الملازم جيمس كوك آنذاك بأول رحلة للأوروبيين على طول الساحل الشرقي الأسترالي. في 29 أبريل أطلق كوك وفرقة إرساء صغيرة النار على مجموعة من أهالي داراول الذين سعوا لمنع البريطانيين من الرسو عند سفح مخيمهم في خليج بوتاني، الذي وصفه كوك بأنه «قرية صغيرة». قام رجلان من داروال بحركات تهديد وألقيا حجارًا للتأكيد على أن البريطانيين غير مرحب بهم للرسو في هذا المكان. ثم أمر كوك «باستخدام المسكيت (بندقية قديمة) لإطلاق النار بطلقات صغيرة» وأصيب أكبر الاثنين في ساقه. فركض الرجلين إلى أكواخهما وأخذا رماحهما ودروعهما. ثم ألقوا الرمح باتجاه الفرقة البريطانية، ولكنه «لم يصب أحداً لحسن الحظ». دفع هذا كوك للأمر «بالمسكيت الثالثة» بإطلاق النار، لذلك ألقيا رماحهما وهرب الاثنان على الفور. لم يتصل كوك مع داروال أكثر من هذا. [5]

لم يلاحظ كوك في رحلته على الساحل الشرقي لأستراليا أي علامات على الزراعة أو علامات تنمية أخرى من سكانها. يزعم بعض المؤرخين أنه بموجب القانون الأوروبي السائد كانت هذه الأرض تُعتبر أرضًا مباحة أو لا يملكها أحد أو أرض «خالية من السكان» (كما حددها إميري دي فاتل).[6] كتب كوك أنه استولى رسمياً على الساحل الشرقي لهولندا الجديدة في 22 أغسطس 1770 عندما كان في جزيرة بوزيشن قبالة الساحل الغربي لشبه جزيرة كيب يورك.[7]

قررت الحكومة البريطانية إنشاء مستعمرة للسجون في أستراليا في عام 1786. وبموجب المبدأ القانوني الأوروبي للأرض المباحة، لم يُعترف بحقوق الملكية للسكان الأصليين الأستراليين، وأمكن الحصول على الأرض من خلال «الاحتلال الأصلي» بدلاً من الغزو أو الموافقة. وقد وجّه حاكم المستعمرة، الكابتن آرثر فيليب، إلى «العيش في صداقة وعطف» مع الأستراليين وسعى لتجنب الصراع.[8]

أُسست مستوطنة أستراليا البريطانية مع الأسطول الأول في منتصف يناير 1788 في الجنوب الشرقي فيما يُعرف الآن بولاية نيو ساوث ويلز الفدرالية. ثم استمرت هذه العملية إلى تسمانيا وفيكتوريا منذ عام 1803 فصاعدًا. ومنذ ذلك الحين، ظلت الكثافة السكانية للسكان غير الأصليين أعلى في هذه المنطقة من القارة الأسترالية.[9]

لكن الصراع مع السكان الأصليين لم يكن شديدًا ودمويًا أبدًا في المستعمرات الجنوبية الشرقية كما كان في كوينزلاند وشمال شرق القارة. فقد قُتِل عدد أكبر من المستوطنين، فضلاً عن الأستراليين الأصليين، على حدود كوينزلاند أكثر من أي مستعمرة أسترالية أخرى. السبب بسيط، وينعكس في جميع الأدلة والمصادر التي تتناول هذا الموضوع: كان هناك الكثير من السكان الأصليين في ولاية كوينزلاند. كانت مقاطعة كوينزلاند القسم الأكثر اكتظاظًا بالسكان الأصليين في أستراليا قبل الاتصال، ولا ينعكس ذلك في جميع تقديرات السكان قبل الاتصال فحسب، بل أيضًا في رسم خرائط أستراليا قبل الاتصال.

يستند توزيع السكان الأصليين المبين أدناه إلى مصدرين مستقلين، الأول على تقديرين سكانيين قدمهما علماء الأنثروبولوجيا ومؤرخ اجتماعي في عام 1930 و1988، والثاني على أساس توزيع الأراضي القبلية المعروفة.

توزيع السكان الأصليين قبل الاتصال عند فرضهم على الولايات والأقاليم الأسترالية الحالية.[10]

الولاية/ الإقليم نسبة السكان في تقديرات 1930 نسبة السكان في تقديرات 1988 توزيع الأراضي القبلية
كوينزلاند 38.2% 37.9% 34.2%
أستراليا الغربية 19.7% 20.2% 22.1%
نيوساوث ويلز 15.3% 18.9% 10.3%
الإقليم الشمالي 15.9% 12.6% 17.2%
فيكتوريا 4.8% 5.7% 5.7%
أستراليا الجنوبية 4.8% 4.0% 8.6%
تاسمانيا 1.4% 0.6% 2.0%

تشير جميع الأدلة إلى أن إقليم كوينزلاند كان ذا كثافة سكانية أصلية قبل الاتصال بأكثر من ضعف كثافة سكان نيو ساوث ويلز، أي ستة أضعاف كثافة فيكتوريا على الأقل، وعشرين ضعف كثافة سكان تسمانيا على الأقل. وبالمثل، هناك دلائل على أن الكثافة السكانية للسكان الأصليين في أستراليا كانت أعلى نسبيًا في الأجزاء الشمالية الشرقية من نيو ساوث ويلز، وعلى طول الساحل الشمالي من خليج كاربنتاريا وغربًا بما في ذلك بعض قطاعات الإقليم الشمالي وأستراليا الغربية.[11]

الولاية/ الإقليم تعداد السكان بالأرقام تعداد السكان بالنسبة المئوية
كوينزلاند 300,000 37.9%
أستراليا الغربية 150,000 20.2%
نيوساوث ويلز 160,000 18.9%
الإقليم الشمالي 100,000 12.6%
فيكتوريا 45,000 5.7%
أستراليا الجنوبية 32,000 4.0%
تاسمانيا 5,000 0.6%
المجموع التقديري 795,000 100%

تأثير الأمراض

كان للأمراض والعقم وفقدان أراضي الصيد والمجاعة آثار كبيرة على السكان الأصليين. هناك مؤشرات على تأثير أوبئة الجدري الشديد على بعض قبائل السكان الأصليين، وعلى انخفاض عدد السكان في أجزاء كبيرة من مناطق فيكتوريا ونيو ساوث ويلز وكوينزلاند حتى 50% أو أكثر، حتى قبل انتقال المستوطنين وحيواناتهم من سيدني إلى الداخل. كان لأمراض أخرى غير معروفة بين السكان الأصليين -مثل نزلات البرد والحصبة والأمراض التناسلية والسل- تأثير أيضًا، لأنها قللت أعدادهم وتماسكهم القبلي بشكل كبير، ما حد من قدرتهم على التكيف أو مقاومة الغزو وانتزاع الملكية.[12]

حرب السكان الأصليين التقليدية

وفقًا للمؤرخ جون كونور، ينبغي دراسة حرب الشعوب الأصلية التقليدية بشروطها وليس بتعريفات الحرب المستمدة من المجتمعات الأخرى. لم يكن لدى السكان الأصليين أفكار متميزة عن الحرب والسلام، وكانت الحرب التقليدية شائعة، وتحدث بين المجموعات بشكل مستمر، مع استمرار المنافسات الكبيرة على مدى فترات زمنية طويلة.

نشأت أهداف وأساليب حروب السكان الأصليين التقليدية من مجموعاتهم الاجتماعية الصغيرة المستقلة. فقتال العدو من أجل غزو الأراضي لم يكن يتعدى على موارد هذه التجمعات من السكان الأصليين فحسب، بل ويتعارض مع ثقافة تقوم على صلات روحية بإقليم معين. وبالتالي قد يكون غزو أراضي مجموعة أخرى ذا فائدة قليلة. في نهاية المطاف، كانت حرب السكان الأصليين التقليدية تهدف إلى التأكيد المستمرعلى تفوق المجموعة على جيرانها، بدلاً من قهر أو تدمير المجموعات المجاورة أو إزاحتها. كما لاحظ المستكشف إدوارد جون آير عام 1845، أنه بينما كانت ثقافة السكان الأصليين «متنوعة للغاية في التفاصيل»، ولكنها «تتماثل في الخطوط العامة والطابع العام»، ويلاحظ كونور أن هناك تشابهات كافية في الأسلحة والقتال بين هذه المجموعات. تسمح بإجراء تعميمات حول حرب السكان الأصليين التقليدية.[13]

في عام 1840، حدد عالم الأعراق الأمريكي الكندي هوراشيو هيل أربعة أنواع من الحروب التقليدية للسكان الأصليين الأستراليين؛ معارك رسمية، محاكمات طقوسية، إغارات على النساء، وهجمات انتقامية. تضمنت المعارك الرسمية القتال بين مجموعتين من المحاربين، الذي ينتهي بعد قتل أو إصابة عدد من المحاربين، بسبب الحاجة إلى ضمان استمرار بقاء الجماعات. كانت تُخاض هذه المعارك عادة لتسوية المظالم بين الجماعات، وقد تستغرق بعض الوقت للتحضير. شملت المحاكمات الطقوسية تطبيق القانون العرفي على عضو واحد أو أكثر من أعضاء المجموعة الذين ارتكبوا جريمة مثل القتل أو الاعتداء. كانت تستخدم الأسلحة لإلحاق الضرر، وكان من المعتاد أن يقف المجرم على أرضهم ويتلقى العقاب. كان لبعض رجال السكان الأصليين حقوق ملكية فعلية للمرأة (كالممتلكات تمامًا)، وكانت الغارات على النساء تتعلق أساسًا بنقل الممتلكات من مجموعة إلى أخرى لضمان بقاء مجموعة ما من السكان الأصليين واستمرارها بفضل أدوار النساء في جمع الغذاء وحمل الأطفال. وكان النوع الأخير من الحروب التقليدية للسكان الأصليين التي وصفها هيل هو الهجوم الانتقامي الذي تقوم به مجموعة ضد مجموعة أخرى لمعاقبة المجموعة على أفعال أحد أعضائها، مثل القتل. وفي بعض الحالات، كان يتسلل هؤلاء إلى مخيمات المعارضين ليلًا ويقتلون بصمت واحدًا أو أكثر من أعضاء المجموعة.[14]

المراجع

  1. Coates (2006), p. 12.
  2. Connor, John (2002). The Australian Frontier Wars, 1788-1838. صفحة XII. ISBN 9780868407562. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Grey (2008), p. 39.
  4. Reynolds, Henry (2013). Forgotten War. Sydney: NewSouth. صفحات 121–134. ISBN 9781742233925. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Macintyre (1999), p. 34.
  6. Knop (2002), p. 128.
  7. Beaglehole, J.C. (1955). The Journals of Captain James Cook, Vol.1. Cambridge: Hakluyt Society. صفحة 387. ISBN 0851157440. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Broome (1988), p. 93.
  9. "Map of Aboriginal Australia « Australian Indigenous HealthInfoNet". ecu.edu.au. مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2018. اطلع عليه بتاريخ 23 سبتمبر 2016. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Robert Ørsted-Jensen: Frontier History Revisited – Colonial Queensland and the History War (Brisbane 2011), chapter 1, page 6-15.
  11. Statistics compiled by Ørsted-Jensen for Frontier History Revisited (Brisbane 2011), page 10-11 & 15. Column one is the distribution percentage calculated on the estimates gathered and publicised in 1930 (Official Year Book of the Commonwealth of Australia XXIII, 1930, pp 672, 687-696) by the social anthropologist رادكليف براون. The percentage in column two was calculated on the basis of N.G. Butlin: Our Original Aggression and ‘others’, by M. D. Prentis for his book A Study in Black and White (2 revised edition, Redfern NSW 1988, page 41). Column three however, is calculated on the basis of the 'Aboriginal Australia’ map, published by Australian Institute of Aboriginal and Torres Strait Islander Studies (AIATSIS), Canberra 1994.
  12. Dennis et al. (1995), p. 11.
  13. Connor (2002), p. 4.
  14. Connor (2002), pp. 5–8.
    • بوابة أستراليا
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.