حركة التحرر الوطنية الأرمينية

كانت حركة التحرر الوطنية الأرمينية[1][2][3] تهدف إلى إقامة دولة أرمينيا العظمى. اشتملت على حركات اجتماعية وثقافية، ولكن في المقام الأول سياسية وعسكرية وصلت إلى أوجها خلال الحرب العالمية الأولى وفي الأعوام التي تلتها.

حركة التحرر الوطنية الأرمينية
 
البلد الدولة العثمانية
الإمبراطورية الروسية  
الموقع الدولة العثمانية ،  والإمبراطورية الروسية  

متأثرة بعصر التنوير وصعود القومية في ظل الإمبراطورية العثمانية، تطورت الحركة القومية الأرمينية في أوائل ستينيات القرن التاسع عشر. كان هذا الصعود مشابهًا لصعود الحركات القومية في دول البلقان، لا سيما الحركات الثورية اليونانية التي خاضت حرب الاستقلال اليونانية.[4][5] سعت النخبة الأرمينية والمجموعات العسكرية المختلفة، بكونها مسيحية، إلى الدفاع عن سكان شرقي الإمبراطورية العثمانية الذين كان معظمهم من الأرمن الريفيين في وجه المسلمين، إلا أن الهدف النهائي كان الدفع بإصلاحات في 6 ولايات في البداية وبعد فشل تلك الإصلاحات إقامة دولة أرمينية في المناطق التي يسكنها الأرمن والتي كانت تسيطر عليها آنذاك الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الروسية.

منذ أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، انخرطت الحركة تحت قيادة الأحزاب السياسية الأرمنية الثلاثة المسماة حزب الهنشاك والحزب الأرمني وحزب الطاشناق في حرب عصابات مع الحكومة العثمانية والجنود الأكراد غير النظاميين في الأقاليم الشرقية من الإمبراطورية. نظر الأرمن عمومًا إلى روسيا على أنها حليف طبيعي في القتال ضد الأتراك على الرغم من أن روسيا حافظت على سياسة قمعية في القوقاز. فقط بعد خسارة وجودها في أوروبا بعد حروب البلقان، أُرغمت الحكومة العثمانية على توقيع حزمة الإصلاحات الأرمنية في أوائل عام 1914، إلا أنها عُطلت إثر الحرب العالمية الأولى.

خلال الحرب العالمية الأولى، طردت الحكومة بصورة منهجية خلال الإبادة الجماعية الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية. وفقًا لبعض التقديرات، منذ عام 1894 حتى عام 1923، قتلت الإمبراطورية العثمانية ما بين مليون ونصف حتى مليوني أرمني. بعد أن اتخذت وزارة الداخلية العثمانية قرار إبادة الأرمن بتنفيذ الأمر الإرشادي 8682 في 25 فبراير 1915، انضم عشرات الآلاف من الأرمن الروس إلى الجيش الروسي كوحدات تطوع أرمنية مع وعد روسي بالحكم الذاتي.[6] بحلول عام 1917، سيطرت روسيا على العديد من مناطق الإمبراطورية العثمانية التي كان يقطنها الأرمن. وعلى الرغم من ذلك، انسحبت القوات الروسية بعد ثورة أكتوبر وتركت الجنود الأرمن غير النظاميين وجهًا لوجه مع الأتراك. أعلن المجلس الوطني الأرمني جمهورية أرمينيا في 28 مايو 1918 مؤسسًا بذلك دولة أرمينية في الأجزاء المأهولة من قبل الأرمن في جنوب القوقاز.

بحلول عام 1920، نجحت الحكومة البلشفية في روسيا وحكومة أنقرا في الوصول إلى السلطة في بلديهما. احتل الثوار الأتراك بنجاح النصف الغربي من أرمينيا، في حين غزا الجيش الأحمر جمهورية أرمينيا وضمّها في ديسمبر من عام 1920. وُقّعت معاهدة صداقة بين روسيا البلشفية وتركيا الكمالية في عام 1921. ضُمّت الأجزاء التي كانت تسيطر عليها روسيا سابقًا في أرمينيا في الغالب من قبل الاتحاد السوفييتي، في أجزاء أُسست عليها جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفييتية. وجد مئات الآلاف من لاجئي الإبادة الجماعية أنفسهم في الشرق الأوسط واليونان وفرنسا والولايات المتحدة بادئين حقبة جديدة من الشتات الأرمني. كانت أرمينيا السوفييتية موجودةً حتى عام 1991 حين تفكك الاتحاد السوفييتي وأُسست جمهورية أرمينيا (الثالثة) الحالية.

الأصول

كانت النزعة القومية عاملًا هامًا في تطور أوروبا. في القرن التاسع عشر، اجتاحت موجة من النزعة القومية الرومانسية قارة أوروبا لتغيّر بلدان القارة. تشكلت بعض الدول الجديدة مثل ألمانيا وإيطاليا من خلال توحيد الدول الأصغر ذات «الهوية الوطنية» المشتركة. تشكلت دول أخرى مثل رومانيا واليونان وبولندا وبلغاريا عبر نيلها استقلالها. كان الأرمن يعيشون بين الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الروسية خلال صعود النزعة القومية. في عامي 1827-1828 طلب القيصر الروسي نيقولاي الأول في الحرب الروسية الفارسية 1826-1828 المساعدة من الأرمن ووعدهم أن حياتهم ستتحسن بعد الحرب. في عام 1828، ضمت روسيا يريفان ونخجوان والريف المحيط عبر معاهدة تركمانجاي. شُجع الأرمن الذين كانوا ما يزالون يعيشون تحت الحكم الفارسي على الهجرة إلى أرمينيا الروسية ولبّى النداء 30 ألف أرمنيًا. في عام 1828، أعلن الروس الحرب التركية الروسية 1828-1829 وفي معاهدة أدرنة نُقلت أخالكالاكي وأخالتسيخه إلى روسيا. كانت هناك موجة جديدة من الهجرة مع انتقال 25 ألف أرمني عثماني إلى أرمينيا الروسية.[7] ضمت روسيا قسمًا كبيرًا من الأرمن. في عام 1897 ذكر التعداد الروسي أن 1,127,212 أرمني كانوا في الأراضي الروسية (يريفان 439,926 إليزابيتبول 298,790 قارص 72,967 تيفليس 230,379 باكو 52,770 تشيرنومورسك 6,223 داغستان 1,652 كوتايس 24,505). كان عدد الأرمن في الإمبراطورية العثمانية في الفترة نفسها (1896 فيتال كينيه) 1,095,889 (ولاية أضنة 97,450 ولاية حلب 37,999 ولاية أنقرة 94,298 ولاية بدليس 131,300 ولاية بورصة 88,991 ولاية ديار بكر 67,718 ولاية أرضروم 134,967 ولاية إزمير15,105 إزميد 48,655 ولاية قسطموني 2,647 ولاية مامور أولأزيل 79,128 ولاية سيواس 170,433 ولاية طرابزون 74,209 ولاية فان 79,998)[8] كان هناك العديد من الأرمن على دراية بالعادات الروسية. كانت روسيا أيضًا، بالنسبة للأرمن، طريقًا إلى أوروبا. [9]

في عام 1836، خلال فترة إضفاء الطابع الروسي، تضمنت التطورات الثقافية الروسية إصلاحات روسية «محدودة». استهدفت روسيا الكنيسة الأرمنية. حدت روسيا من تقدم الكنيسة في المجتمع. [10]

في عام 1839، في محاولة لإيقاف مد الحركات القومية ضمن الإمبراطورية العثمانية، بزغت فترة التنظيمات من عقول السلاطين الإصلاحيين مثل محمود الثاني وعبد المجيد الأول وكذلك أيضًا إصلاحيين بارزين كانوا بيروقراطيين أوروبيي التعليم. اشتملت التنظيمات على سياسة العثمانية التي كانت تهدف إلى توحيد جميع الشعوب المختلفة التي كانت تعيش الأقاليم العثمانية «مسلمة وغير مسلمة وتركية ويونانية وأرمينية ويهودية وكردية وعربية». لهذا الغرض، وُضعت الشريعة الإسلامية جانبًا لصالح القانون العلماني.[11] بدأت هذه السياسة رسميًا بالنسخة الإمبراطورية لغرفة الورود لعام 1839، معلنةً المساواة أمام القانون لكل من العثمانيين المسلمين وغير المسلمين. [12]

في عام 1863، كان الأرمن العثمانيون موضوعًا لمجموعة من الإصلاحات الرئيسية كامتداد للتنظيمات. حدد الدستور الوطني الأرمني (150 مادة صاغها ناهابيت روسينيان وسيرفيتشين ونيغوغوس باليان وغريغور أوديان وغريغور مارغوسيان) أوضاع الأرمن في الإمبراطورية العثمانية، غير أنه أدخل أيضًا تشريعات تحدد سلطة البطريرك. اعتبر الأرمن التقدميون دستور الجمعية الوطنية الأرمنية نقطة هامة.[13] كان التطور الثاني إدخال المبشرين البروتستانت التعليم الابتدائي والجامعات ومعاهد أخرى للتعليم. تحسن التراسل مع إطلاق الصحف الأرمنية. أتاحت الكتب عن التاريخ الأرمني مقارنة الماضي بالظروف الحالية وتوسيع آفاق القراء. كان هذا جزءًا من تطور في الوعي السياسي الأرمني من الرومانسية الثقافية البحتة إلى برنامج للعمل. [14]

منذ عام 1860 فصاعدًا، تضاعف عدد المدارس الأرمنية والمنظمات الخيرية والوطنية في الإمبراطورية العثمانية.[15] كان الهدف الأولي للمبشرين البروتستانت دفع المسلمين واليهود إلى اعتناق المسيحية، إلا أنهم سرعان ما انخرطوا في إصلاح بروتستانتي للأرمن الأرثوذكس. بدأ الرعايا الأرمن في الإمبراطورية المتأثرين بالشتات الأرمني وشبكة التجمعات والمدارس التبشيرية البروتستانتية في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية بإعادة التفكير في موقعهم في العالم. في عام 1872، قال الصحفي غريغور أردزروني من الإمبراطورية العثمانية «بالأمس كنا مجتمعًا كنسيًا واليوم نحن وطنيون وفي الغد سنكون أمة من العمال والمفكرين».[16][17]

المراجع

  1. Chahinian, Talar (2008). The Paris Attempt: Rearticulation of (national) Belonging and the Inscription of Aftermath Experience in French Armenian Literature Between the Wars. Los Angeles: جامعة كاليفورنيا (لوس أنجلوس). صفحة 27. ISBN 9780549722977. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Mikaberidze, Alexander (2011). Conflict and Conquest in the Islamic World: A Historical Encyclopedia, Volume 1. Santa Barbara, California: ABC-CLIO. صفحة 318. ISBN 9781598843361. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Rodogn, Davide (2011). Against Massacre: Humanitarian Interventions in the Ottoman Empire, 1815-1914. Oxford: Princeton University Press. صفحة 323. ISBN 9780691151335. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Hovannisian, Richard G. (1992). The Armenian Genocide: History, Politics, Ethics. Palgrave Macmillan. صفحة 129. ISBN 9780312048471. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Göl 2005، صفحة 128: "The Greek independence of 1832 served as an example for the Ottoman Armenians, who were also allowed to use their language in the print media earlier on."
  6. Auron, Yair (2000). The Banality of Indifference: Zionism and the Armenian Genocide. Transaction Publishers. صفحة 44. ISBN 9781412844680. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Bournoutian. Armenian People, p. 105
  8. فيتال كينيه, La Turquie d'Asie: géographie administrative, statistique, descriptive et raisonée de chaque province de l'Asie-Mineure, 4 vols., Paris, 1890-95.
  9. (Peimani 2009, pp. 236)
  10. (Peimani 2009, pp. 237)
  11. http://faith-matters.org/images/stories/fm-publications/the-tanzimat-final-web.pdf نسخة محفوظة 2020-01-03 على موقع واي باك مشين.
  12. The Invention of Tradition as Public Image in the Late Ottoman Empire, 1808 to 1908, Selim Deringil, Comparative Studies in Society and History, Vol. 35, No. 1 (Jan., 1993), pp. 3-29
  13. Richard G. (EDT) Hovannisian "The Armenian People from Ancient to Modern Times", page 198
  14. Edmund Herzig "Armenians Past And Present In The Making Of National Identity A Handbook" page.76
  15. (Nalbandian 1963, pp. 48)
  16. (Nalbandian 1963, pp. 51)
  17. G. Warneck, Outline of a History of Protestant Missions (Edinburgh and London, 1901), p. 241.
    • بوابة أرمينيا
    • بوابة الإمبراطورية الروسية
    • بوابة الحرب
    • بوابة الحرب العالمية الأولى
    • بوابة الدولة العثمانية
    • بوابة القرن 19
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.