تدخل انتخابي أجنبي

التدخلات الانتخابية الأجنبية هي محاولات تقوم بها الحكومات سرًا أو علنًا للتأثير على الانتخابات في بلد آخر. توجد العديد من الطرق التي تؤثر بها الدول على الأنظمة الخارجية، ويعتبر التدخل الانتخابي أحد تلك الأساليب.[1]

كانت الأبحاث النظرية والتجريبية حول تأثير التدخل الانتخابي الأجنبي ضعيفة حتى عام 2011، وأجريت منذ ذلك الحين العديد من الدراسات. أشارت إحدى الدراسات إلى أن الدولة التي تتدخل في معظم الانتخابات الأجنبية هي الولايات المتحدة مسجلةً رقمًا يعادل 81 تدخلًا، تليها روسيا (بما في ذلك الاتحاد السوفيتي السابق) برقم يعادل 36 تدخلًا من 1946 إلى 2000 –وذلك بمعدل تدخل واحد في كل تسع انتخابات تنافسية.[2][3][4][5]

دراسات أكاديمية

وجدت دراسة أجراها دوف ليفين في عام 2016 فحص فيها 938 تدخلًا انتخابيًا مشاركة الولايات المتحدة وروسيا (بما في ذلك سلفها الاتحاد السوفيتي) مجتمعين في حوالي واحد من أصل تسعة تدخلات (117)، وكانت نحو 68% من هذه التدخلات سرية غير علنية. وجدت نفس الدراسة أن التدخل الانتخابي لصالح طرف واحد في الانتخابات سيزيد في المتوسط من حصته في التصويت بحوالي 3 بالمئة، وهو تأثير كبير بما يكفي لتغيير النتائج في سبعة من أصل 14 انتخابات رئاسية أمريكية بعد عام 1960. تدخلت الولايات المتحدة وفقًا للدراسة في نحو 81 انتخابًا أجنبيًا بين عامي 1946 و2000، بينما تدخل الاتحاد السوفيتي أو روسيا في نحو 36 انتخابًا. وجدت دراسة قام بها ليفين عام 2018 أن التدخلات الانتخابية حددت في كثير من الحالات هوية الفائز، ووجدت الدراسة أيضًا أدلة توحي برفع تلك التدخلات لخطر الانهيار الديمقراطي في الولايات المستهدفة.[6][7][8][9]

أجريت دراسة عام 2012 افترض فيها كورستانج ومارينوف وجود نوعين من التدخل الأجنبي، وهما: التدخل الحزبي حيث تدعم الدولة المتدخلة جانبًا واحدًا، والتدخل في العملية الانتخابية حيث تسعى الدولة المتدخلة لدعم قواعد التنافس الديمقراطي بصرف النظر من الذي سيفوز. بحثت الدراسة في 1703 مشارك، ووجدت أن التدخلات الحزبية امتلكت تأثيرًا استقطابيًا على وجهات النظر السياسية والعلاقات الخارجية بتأثيرها على العلاقات بين الطرفين.[10]

اعتمد جوناثان غودنيز في عام 2018 على نظرية كورستانج ومارينوف باقتراحه إمكانية تحديد التدخلات على أنها تدخلات ذات دوافع عالمية حيث تتدخل دولة في انتخابات بلد آخر لتعزيز مصالح الجمهور الدولي أو تحسينها أو لتحقيق الرفاه العام؛ أو أنها تدخلات بدوافع ذاتية حيث تتدخل دولة ما في انتخابات بلد آخر لتعزيز مصالحها أو تحسينها ولتحقيق رفاهها الخاص.

توضح نظرية غودينيز إمكانية تحديد المصلحة الخاصة للبلد المتدخل من خلال دراسة منهجية ثلاثية الأبعاد تعتمد على أساليب التدخل والدافع المعلن وضخامة التدخل.

وضع شولمان وبلوم في عام 2012 عددًا من العوامل التي تؤثر على نتائج التدخل الأجنبي: عناصر التدخل: يمتلك كل منها تأثيرًا موازيًا للاستياء الناجم عن التدخل الذي يمارسه، ويكونون كالآتي:

  • دول ومنظمات دولية ومنظمات غير حكومية وأخيرًا أفراد.
  • تحزب التدخل: سواء كان هدف التدخل الأجنبي التأثير على المؤسسات والعمليات الانتخابية بشكل عام أو مناصرة جانب واحد في المنافسة.
  • بروز التدخل: يتكون من عنصرين. الأول: «ما مدى وضوح التدخل؟»، والثاني: «ما مدى وضوح الغاية من التدخل؟».

بالإضافة إلى ذلك، فقد افترضوا أن أوجه التشابه الوطنية بين القوى الخارجية والداخلية ستقلل من الاستياء، وربما تجعل التدخل موضع ترحيب. تنبأ شولمان وبلوم بتقلص تأثير تشابه أو تباين القوتين على الاستياء. وذلك في الحالات التي يكون فيها الحكم الذاتي الوطني مصدر قلق رئيسيًا لجمهور الناخبين. بالمقابل، توقعوا أنه في الحالات التي تكون فيها الهوية الوطنية مصدر قلق رئيسي، فإن أهمية التشابه أو الاختلاف سيكون لها تأثير أكبر.

الانتخابات البوليفية (الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002)

أمرت الولايات المتحدة الأمريكية -التي كانت تمول القضاء على مزارع الكوكا- السفير مانويل روشا بتحذير البوليفيين من التصويت لصالح المرشح الاشتراكي إيفو موراليس قائلًا إن القيام بذلك يمكن أن يعرض المساعدات والاستثمارات الأمريكية للخطر. قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بإنشاء «مشروع إصلاح الأحزاب السياسية» في بوليفيا في عام 2002 الذي كان يهدف إلى المساعدة في بناء أحزاب سياسية معتدلة مؤيدة للديمقراطية يمكن أن تكون بمثابة ثقل موازن لحركة العمل نحو الاشتراكية الراديكالية أو خلفائها. جاءت هذه الخطوة بنتائج عكسية إلى حد كبير ما زاد من الدعم لموراليس الذي احتل المركز الثاني في الانتخابات.[11][12][13]

الانتخابات الفرنسية (ليبيا عام 2007)

تلقت حملة نيكولا ساركوزي الرئاسية وفقًا لصحيفة ميديا بارت الفرنسية مبلغًا يقدر بنحو 50 مليون يورو على هيئة تبرعات من الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي وهو ما يزيد عن ضعف الحد الفرنسي للتبرعات الفردية للحملات البالغة 22 مليون يورو. قام القذافي بعد انتصار ساركوزي بزيارة فرنسا لمدة استغرقت خمسة أيام اشترت خلالها الحكومة الليبية معدات عسكرية بما في ذلك 14 طائرة مقاتلة من طراز رافال. اعترف زياد تقي الدين وهو رجل أعمال فرنسي لبناني على صلة وثيقة بليبيا لميديا بارت بقيامه بثلاث رحلات من طرابلس إلى فرنسا لتسليم حقائب مليئة بمبلغ 200 و500 يورو إلى ساركوزي الذي قام بدعوة القذافي بعد الانتخابات. احتُجِزَ ساركوزي في مارس 2018 على إثر هذه المزاعم، واستجوبته الشرطة لمدة 25 ساعة نفى خلالها ارتكاب أي مخالفات وأُطلِق سراحه تحت إشراف قضائي خاص.[14][15][16][17]

الانتخابات الألمانية (تركيا عام 2017)

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أغسطس عام 2017 جميع مواطنيه في ألمانيا إلى التصويت ضد ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني والحزب الأخضر في الانتخابات الفدرالية الألمانية المقبلة. إذ دعا أردوغان هذه الأحزاب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بـ «أعداء تركيا». أدانت ميركل هذه التصريحات ودعت جميع الألمان إلى التصويت بحرية دون تدخل أجنبي في العملية الانتخابية. أكد وزير الخارجية الألماني سيجمار غابرييل أن ما دعا إليه أردوغان كان «تدخلًا غير مسبوق في سيادة بلدنا». يوجد ما لا يقل عن 4 ملايين شخص من أصل تركي في ألمانيا، ومعظمهم متحالفون مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني أو الحزب الأخضر سياسيًا.[18][19][20]

الانتخابات الغينية (فرنسا عام 2010)

قيل إن فينسنت بولوري الملياردير الفرنسي المقرب من الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي قدم الدعم المالي لمرشح الرئاسة ألفا كوندي في الانتخابات الرئاسية الغينية لعام 2010. يُشتبه في أنه قدم لكوندي خصمًا ماليًا للإعلانات الرئاسية من وكالته الإعلانية؛ الأمر الذي لم يقدمه لنظيره سيلو دالين ديالو. عندما أصبح كوندي رئيسًا لغينيا منح شركة بولوري امتيازات، ولكن نفى بولوري رسميًا أي مخالفات قانونية.[21]

الانتخابات الإيرانية (الولايات المتحدة الأمريكية عام 1952)

قال المؤرخ إيرفاند أبراهاميان في مقابلة مع مجلة «الديمقراطية الآن» إن وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التي رفعت عنها السرية في عام 2017 كشفت خطة الولايات المتحدة في إضعاف مكانة محمد مصدق من خلال البرلمان إذ أنفقت وكالة الاستخبارات المركزية الكثير من المال لانتخاب 18 مرشحًا اختارتهم الولايات المتحدة الأمريكية.[22]

استفتاء الإجهاض في إيرلندا (عدة أطراف عام 2018)

قيل إن التصويت بـ لا كان مدعومًا من قبل عدد من الحسابات معظمها لم يكن مقره في أيرلندا وإنما في هنغاريا والمملكة المتحدة وبلدين آخرين غير مدرجين على فيسبوك، بينما كان التصويت بـ نعم كان من حسابات يقع معظمها في إيرلندا.[23]

المراجع

  1. Shulman, Stephen; Bloom, Stephen (2012). "The legitimacy of foreign intervention in elections: the Ukrainian response". Review of International Studies. 38 (2): 445–471. doi:10.1017/S0260210512000022. مؤرشف من الأصل في 29 نوفمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 12 يناير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Levin, Dov H. (June 2016). "When the Great Power Gets a Vote: The Effects of Great Power Electoral Interventions on Election Results". International Studies Quarterly. 60 (2): 189–202. doi:10.1093/isq/sqv016. مؤرشف من الأصل في 12 يناير 2017. For example, the U.S. and the USSR/Russia have intervened in one of every nine competitive national level executive elections between 1946 and 2000. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Levin, Dov H. (June 2016). "When the Great Power Gets a Vote: The Effects of Great Power Electoral Interventions on Election Results". International Studies Quarterly. 60 (2): 189–202. doi:10.1093/isq/sqv016. مؤرشف من الأصل في 12 يناير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Tharoor, Ishaan (13 October 2016). "The long history of the U.S. interfering with elections elsewhere". واشنطن بوست. Retrieved 21 May 2019. نسخة محفوظة 8 نوفمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  5. Levin, Dov H. (7 September 2016). "Sure, the U.S. and Russia often meddle in foreign elections. Does it matter?". واشنطن بوست. Retrieved 21 May 2019. نسخة محفوظة 10 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. Democracy Facing Global Challenges, V-DEM ANNUAL DEMOCRACY REPORT 2019, p.36 (PDF) (Report). 2019-05-14. مؤرشف من الأصل (PDF) في 5 يونيو 2019. اطلع عليه بتاريخ 01 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Su, Alice (2019-12-16). "Can fact-checkers save Taiwan from a flood of Chinese fake news?". Los Angeles Times (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 01 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 01 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Kuo, Lily, and Lillian Yang (2019-12-30). "Taiwan's citizens battle pro-China fake news campaigns as election nears". The Guardian (باللغة الإنجليزية). ISSN 0261-3077. مؤرشف من الأصل في 01 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 01 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Levin, Dov (2018). "A Vote for Freedom? The Effects of Partisan Electoral Interventions on Regime Type". Journal of Conflict Resolution. 63 (4): 839–868. doi:10.1177/0022002718770507. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Godinez, Jonathan (15 August 2018). "The Vested Interest Theory: Novel Methodology Examining US-Foreign Electoral Intervention". Journal of Strategic Security. 11 (2): 1–31. doi:10.5038/1944-0472.11.2.1672. ISSN 1944-0464. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Domínguez, Jorge I. (25 September 2007). "Electoral Intervention in the Americas: Uneven and Unanticipated Results". NACLA. مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 12 يناير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Zunes, Stephen (2008-10-23). "U.S. Intervention in Bolivia". Huffington Post. مؤرشف من الأصل في 21 يناير 2017. اطلع عليه بتاريخ 30 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Forero, Juan (10 July 2002). "U.S. Aid Foe Is in Runoff For President Of Bolivia". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 12 يناير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Chrisafis, Angelique (2018-03-22). "Nicolas Sarkozy denies 'crazy, monstrous' Libya funding allegations". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. Penney, Joe (2018-04-28). "Why Did the U.S. and Its Allies Bomb Libya? Corruption Case Against Sarkozy Sheds New Light on Ousting of Gaddafi". The Intercept. مؤرشف من الأصل في 26 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Love, Brian; Jarry, Emmanuel (2018-03-20). "Former French president Sarkozy held over Gaddafi cash inquiry". Reuters. مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. Arfi, Fabrice; Laske, Karl (2018-04-04). "Nicolas Sarkozy a bien servi les intérêts de Kadhafi. Voici les preuves". Mediapart (باللغة الفرنسية). مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. "Erdogan tells German Turks not to vote for Angela Merkel". Deutsche Welle. 18 August 2017. مؤرشف من الأصل في 07 يوليو 2018. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. Sakman, Tolga (2015), "Turks in German political life: Effects of Turkish origin politicians to integration", in Sirkeci, Ibrahim; Şeker, Güven; Tilbe, Ali; Ökmen, Mustafa; Yazgan, Pınar; Eroğlu, Deniz (المحررون), Turkish Migration Conference 2015 Selected Proceedings, Transnational Press, صفحة 198, ISBN 978-1910781012 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  20. "'Enemies of Turkey': Erdogan tells 'countrymen' in Germany not to vote for Merkel's party". RT International. 18 August 2017. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  21. Chazan, David (2018-04-24). "French tycoon accused of bribery and interfering in African elections". The Telegraph. ISSN 0307-1235. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  22. Abrahamian, Ervand (24 July 2017). "Newly Declassified Documents Confirm U.S. Backed 1953 Coup in Iran Over Oil Contracts" (Interview). مقابلة مع Amy Goodman and Juan González. Amy Goodman and Juan González. Democracy Now!. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 24 يوليو 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  23. Armstrong, Stephen (28 July 2018). "This is the Twitter data that shows who's backing Tommy Robinson". Wired UK. مؤرشف من الأصل في 16 أغسطس 2019. اطلع عليه بتاريخ 21 مايو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة السياسة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.