انقلاب تشيلي عام 1973

كان انقلاب تشيلي عام 1973 لحظة فاصلة في كل من تاريخ تشيلي والحرب الباردة. بعد فترة طويلة من الاضطرابات الاجتماعية والتوتر السياسي بين كونغرس تشيلي الذي تسيطر عليه المعارضة، والرئيس الاشتراكي سلفادور أليندي، فضلًا عن الحرب الاقتصادية التي أمر بها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون،[1] أسقطت القوات المسلحة والشرطة الوطنية حكم سلفادور أليندي.[2][3]

انقلاب تشيلي 1973
جزء من الحرب الباردة
تفجير قصر لاموندا في 11 سبتمبر, 1973 بواسطة القوات المسلحة التشيلية.
معلومات عامة
التاريخ 11 سبتمبر 1973
البلد تشيلي  
الموقع تشيلي
المتحاربون
الحكومة التشيلية
  • Unidad Popular
القوات المسلحة التشيلية
  • الجيش التشيلي
  • البحرية التشلية
  • القوات الجوية التشيلية
  • الشرطة التشلية

بدعم من:
 الولايات المتحدة

القادة
سلفادور أليندي أوغستو بينوشيه
خوسيه توريبيو مارينو
غوستافو لي
سيزار مندوزا

أطاح الجيش بحكومة تحالف الوحدة الشعبية المناصر لحكم أليندي، وأنشأ في ما بعد مجلسًا عسكريًا علّق جميع النشاطات السياسية في تشيلي، وقمع الحركات اليسارية، وخاصةً الأحزاب الشيوعية والاشتراكية وحركة اليسار الثوري. صعد قائد جيش حكومة أليندي أوغستو بينوشيه إلى السلطة العليا بعد مرور عام على الانقلاب، وتولى السلطة رسميًا في أواخر عام 1974.[4] اعترفت إدارة نيكسون، التي عملت على تهيئة ظروف الانقلاب،[5][6][7] على الفور بحكومة المجلس العسكري ودعمته في توطيد سلطته.[8]

خلال الغارات الجوية والهجمات البرية التي سبقت وقوع الانقلاب، ألقى أليندي خطابه الأخير الذي تعهد فيه بالبقاء في القصر الرئاسي، ورفض عروض الممر الآمن في حال اختياره المنفى بدلًا من المواجهة. تتفق روايات شهود العيان المباشرين عن وفاة أليندي على أنه قتل نفسه في القصر.[9][10]

قبل الانقلاب، احتُفي بتشيلي على أنها منارة للديمقراطية والاستقرار السياسي لعقود من الزمن، وهي الفترة التي شهدت ابتلاء بقية دول أمريكا الجنوبية بالطغمات العسكرية والحكم الدكتاتوري (الكوديلو). أدى انهيار الديمقراطية التشيلية إلى إنهاء سلسلة من الحكومات الديمقراطية في تشيلي، والتي أجرت انتخابات ديمقراطية منذ عام 1932. وصف المؤرخ بيتر وين انقلاب عام 1973 بأنه واحد من أكثر الأحداث عنفًا في تاريخ تشيلي.[11] استمرت حركة التمرد الضعيفة ضد نظام أوغستو بينوشيه داخل تشيلي من قبل عناصر متعاطفة مع حكومة أليندي السابقة. أعقب الاستفتاء العام الذي حظي بدعم دولي في عام 1988، تحت رعاية الديكتاتورية العسكرية، انتقال سلمي إلى حكومة مدنية منتخبة.

خلفية الأحداث السياسية

خاض أليندي الانتخابات الرئاسية عام 1970 مع خورخي أليساندري رودريغيز من الحزب الوطني، ورادوميرو توميتش من الحزب الديمقراطي المسيحي. حصل أليندي على 36.6% من الأصوات. جاء أليساندري في المرتبة الثانية بعد حصوله على 35%، وحلّ توميتش ثالثًا بنسبة 28.1%. على الرغم من حصول أليندي على أكبر عدد من الأصوات، ولعدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة، كان على المؤتمر الوطني حسم الانتخابات بين المرشحين وفقًا للدستور التشيلي.[12]

لم يسمح دستور 1925 لأي شخص أن يكون رئيسًا لفترتين متتاليتين. وبالتالي، كان الرئيس الحالي إدواردو فري مونتالبا غير مؤهل لشغل منصب الرئاسة. كانت عملية «المسار الأول» التابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية خطةً تهدف إلى التأثير على الكونغرس لاختيار أليساندري، الذي سيستقيل بعد فترة قصيرة من توليه منصبه، ما سيؤدي إلى إجراء انتخابات ثانية. سيكون فري مونتالبا حينها مؤهلًا لشغل منصب الرئاسة. أعلن أليساندري في 9 سبتمبر أنه سيستقيل إذا اختاره الكونغرس، ثم اختار الكونغرس أليندي. بعد مرور وقت قصير على سماع أنباء فوزه، وقّع أليندي على قانون الضمانات الدستورية، والذي ينص على أنه سيتبع الدستور خلال فترة رئاسته.[13]

كانت الولايات المتحدة تخشى مثال «تجربة اشتراكية ناجحة» في المنطقة، ومارست ضغوطًا دبلوماسية واقتصادية وسرية على الحكومة الاشتراكية المنتخبة في تشيلي. في نهاية عام 1971، قام رئيس الوزراء الكوبي فيديل كاسترو بزيارة رسمية إلى تشيلي دامت أربعة أسابيع، ما أثار قلق المراقبين الغربيين الذين يشعرون بالقلق من مضيّ «تشيلي في طريقها نحو الاشتراكية».[14]

ثلاثة أيام من ذكرى مرور 46 عاما على انقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه وبدء الحكم الاستبدادي العسكري، والذي ما يزال يسبب انقساما عميقا في تشيلي ال فروان.

في عام 1972، تبنى وزير الاقتصاد بيدرو فوسكوفيتش سياسات نقدية زادت من حجم العملة المتداولة وخفضت من قيمة الإسكودو (عملة تشيلي بين عامي 1960 و1975)، وزادت هذه السياسات من التضخم ليبلغ 140% في عام 1972، ما تسبب بظهور اقتصاد السوق السوداء.[15]

في أكتوبر 1972، عانت تشيلي من أولى الإضرابات. كان من بين المشاركين رجال أعمال صغار، وبعض النقابات المهنية، والمجموعات الطلابية. تطلّع قادة الاضرابات -فيلارين، وجايمي غوزمان، ورافائيل كومسيل، وغييرمو إلتون، وإدواردو أرياغادا- إلى الإطاحة بالحكومة المُنتخبة. باستثناء الإضرار بالاقتصاد الوطني، كان التأثير الرئيسي للإضراب الذي دام 24 يومًا هو استقطاب قائد الجيش، الجنرال كارلوس براتس، إلى الحكومة كوزير للداخلية، وهو استرضاء للجناح اليميني. (خلف الجنرال براتس قائد الجيش الجنرال رينيه شنايدر بعد تعرضه للاغتيال في 24 أكتوبر 1970 على يد مجموعة قادها الجنرال روبرتو فيوكس، والتي لم تحاول وكالة المخابرات المركزية تثبيطها). أيّد الجنرال براتس عقيدة شنايدر المناصر للقانون ورفض التدخل العسكري في انقلاب ضد الرئيس أليندي.[16]

على الرغم من تدهور الاقتصاد، زاد تحالف الوحدة الشعبية بزعامة الرئيس أليندي عدد الأصوات إلى 43.2% في الانتخابات البرلمانية في مارس 1973؛ ولكن آنذاك، انتهى التحالف غير الرسمي بين الوحدة الشعبية والديمقراطيين المسيحيين. تحالف الديمقراطيون المسيحيون مع الحزب الوطني اليميني الذي عارض حكومة أليندي؛ وشكّل الحزبان اليمينيان اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية. أدى الصراع البرلماني الداخلي بين الهيئة التشريعية والسلطة التنفيذية إلى شل أنشطة الحكومة.[17]

بدأ أليندي يهاب خصومه مقتنعًا أنهم كانوا يخططون لاغتياله. من خلال إرسال ابنته كمراسلة، شرح أليندي الوضع لفيدل كاسترو. أسدى له كاسترو أربع نصائح: إقناع الفنيين بالبقاء في تشيلي، وبيع النحاس مقابل الدولار الأمريكي فقط، وتجنب الأعمال الثورية المتطرفة التي من شأنها أن تمنح المعارضين ذريعة لتدمير الاقتصاد أو السيطرة عليه، والحفاظ على علاقة مناسبة مع الجيش التشيلي إلى حين توفر إمكانية تأسيس الميليشيات المحلية وتوحيدها. حاول أليندي العمل بنصائح كاسترو، لكن التوصيتين الأخيرتين أثبتتا صعوبة تنفيذهما.[18]

انظر أيضا

المراجع

  1. Peter Kornbluh. "Chile and the United States: Declassified Documents Relating to the Military Coup, September 11, 1973". مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. "Controversial legacy of former Chilean dictator Augusto Pinochet ...Gen. Augusto Pinochet, who overthrew Chile's democratically elected Communist government in a 1973 coup ..." نسخة محفوظة 16 May 2008 على موقع واي باك مشين., The Christian Science Monitor, 11 December 2006
  3. "CHILE: The Bloody End of a Marxist Dream", Time Magazine, Quote: "....Allende's downfall had implications that reached far beyond the borders of Chile. His had been the first democratically elected Marxist government in Latin America..." نسخة محفوظة 19 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  4. Genaro Arriagada Herrera (1988). Pinochet: The Politics of Power. Allen & Unwin. صفحة 36. ISBN 978-0-04-497061-3. مؤرشف من الأصل في 10 فبراير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Winn, Peter (2010). Grandin & Joseph, Greg & Gilbert (المحرر). A Century of Revolution. Duke University Press. صفحة 270-271. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Peter Kornbluh (11 September 2013). The Pinochet File: A Declassified Dossier on Atrocity and Accountability. The New Press. (ردمك 1595589120)
  7. Lubna Z. Qureshi. Nixon, Kissinger, and Allende: U.S. Involvement in the 1973 Coup in Chile. Lexington Books, 2009. (ردمك 0739126563)
  8. Peter Kornbluh (19 September 2000). "CIA Acknowledges Ties to Pinochet's Repression: Report to Congress Reveals U.S. Accountability in Chile". Chile Documentation Project. National Security Archive. مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2006. اطلع عليه بتاريخ 26 نوفمبر 2006. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Davison, Phil (20 June 2009). "Hortensia Bussi De Allende: Widow of Salvador Allende who helped lead opposition to Chile's military dictatorship". The Independent. London. مؤرشف من الأصل في 25 سبتمبر 2015. اطلع عليه بتاريخ 20 أبريل 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Gott, Richard (12 September 2009). "From the archive: Allende 'dead' as generals seize power". The Guardian. London. مؤرشف من الأصل في 1 سبتمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 20 أبريل 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Winn, Peter (2010). "Furies of the Andes". In Grandin & Joseph, Greg & Gilbert (المحرر). A Century of Revolution: Insurgent and Counterinsurgent Violence during Latin America’s Long Cold War. Durham, NC: Duke University Press. صفحة 259. ISBN 978-0-8223-9285-9. مؤرشف من الأصل في 19 نوفمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Nohlen, D (2005) Elections in the Americas: A data handbook, Volume II, p259 (ردمك 978-0-19-928358-3)
  13. Régis Debray (1972). The Chilean Revolution: Conversations with Allende. New York: Vintage Books. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. "Comienzan los problemas" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 02 أغسطس 2007. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة), part of series "Icarito > Enciclopedia Virtual > Historia > Historia de Chile > Del gobierno militar a la democracia" on LaTercera.cl. Retrieved 22 September 2006.
  15. "mun6". Jornada.unam.mx. مؤرشف من الأصل في 7 مايو 2017. اطلع عليه بتاريخ 19 نوفمبر 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. "Se desata la crisis" (باللغة الإسبانية). مؤرشف من الأصل في 09 نوفمبر 2007. اطلع عليه بتاريخ 16 مايو 2009. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة) , part of series "Icarito > Enciclopedia Virtual > Historia > Historia de Chile > Del gobierno militar a la democracia" on LaTercera.cl. Retrieved 22 September 2006.
  17. Adams, Jerome R. (2010). Liberators, patriots, and leaders of Latin America 32 biographies (الطبعة 2nd). Jefferson, N.C.: McFarland & Co. صفحات 213–214. ISBN 9780786455522. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Development and Breakdown of Democracy, 1830–1973, United States Library of Congress Country Studies: Chile. Undated; according to Preface, "The body of the text reflects information available as of 31 March 1994." Accessed 22 September 2006. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 9 يوليو 2011. اطلع عليه بتاريخ 14 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)

    وصلات خارجية

    ان

    • بوابة التاريخ
    • بوابة السياسة
    • بوابة تشيلي
    • بوابة عقد 1970
    • بوابة الحرب الباردة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.