اندماج بحصر القصور الذاتي

الاندماج بحصر القصور الذاتي في الفيزياء (Inertial confinement fusion) هو تجربة يجري فيها الاندماج النووي حيث تحفز برفع درجة حرارة قطرة الوقود وضغطها بدرجة عالية جدا، وتتكون قطرة الوقود من مخاوط من الديوتيريوم والتريتيوم.

ليزر ضخم يستخدم في اندماج القصور الذاتي، وهو يتكون من 10 أشعة. ويرى في الصورة ليزر نوفا بعد الانتهاء من بنائه عام 1984.

ومن أجل تسخين وضغط الوقود فتوجه الطاقة على قرص الوقود من الخارج عن طريق استخدام فيضات من الليزر الضوئي ذوي طاقة عالية، أو إلكترونات أو أيونات. عندما تسخن الطبقة الخارجية فإنها تتفجر إلى الخارج مما يسبب ضغطا عاليا على جزء القرص الداخلي. وفي استطاعة تلك الموجات التصادمية الناشئة من الخارج إلى الداخل أن تضغط القرص وترفع درجة حرارته فتتيح فرصة سير التفاعل. ومن المفروض ان تلك الطاقة الناتجة من تلك التصادمات سوف ترفع من درجة حرارة الوقود النووي المحيط وتؤدي إلى التفاعل الاندماجي. والهدف من الاندماج بحصر القصور الذاتي هو إنتاج الحالة المسماة "الإشعال" حيث تتسبب تلك الطريقة في تفاعل تسلسلي تتفاعل خلالها جزء معقول من الوقود. وتبلغ اقراص الوقود حجم سن القلم ويحتوي على 10 مليجرام[؟] من الوقود، وفي الواقع يتفاعل جزء صغير من القرص ويجري الاندماج، وفي حالة اندماج مادة القرص طاملة فإن الطاقة الناتجة سوف تعادل الطاقة الصادرة من حرق برميل من النفط. وقد توصل العلماء إلى تلك المقارنة بحساب جدوى الطاقة 6.3×1014 جول/كيلوجرام وهي أعلى كفاءة لاندماج الهيدروجين، ومتوسط الطاقة الناتجة من برميل النفط البالغة ~6 جيجا جول.

طريقة القصور الذاتي

مراحل إشعال الاندماج النووي بطريقة القصور الذاتي: 1. شعاع الليزر أو أشعة إكس يقوم بتسخين قرص الوقود لإنتاج بلازما 2. تتأثر مادة الوقود وتنضغط إلى الداخل 3. تصل مادة الوقود في القرص إلى المرحلة الحرجة التي تفي بشرط لاوسون
4. ويبدأ تفاعل الاندماج وتنطلق طاقة أكبر من الطاقة المستخدمة. ملحوظة: تمثل الأسهم الزرقاء عمليات الأشعة المتجهة إلى الداخل، والأسهم البرتقالية العمليات المتجهة إلى الخارج، والأسهم البنفسجية تمثل الطاقة الحرارية الضاغطة المتجهة إلى الداخل.

يبين الشكل المجاور مراحل إشعال تفاعل الاندماج النووي لقطرة صغيرة أو قرص صغير من الوقود تحتوي على مخلوط من الديوتيريوم والتريتيوم. تكون القطرة معلقة داخل محفطة الجهاز وتبقى معلقة تلقائيا بفعل القصور الذاتي أثناء التفاعل عن طريق تصويب عدد كبير من أشعة الليزر عالية الطاقة.

مساعي أمريكية وأوروبية

تعتبر تجربة اندماج بحصر القصور الذاتي واحدة من تجربتين في مجال أبحاث الاندماج النووي، والتجربة الثانية تستخدم طريقة المحفظة المغناطيسية للاندماج. وتم معظم البحث في تلك التجربتين حتى الآن في [فرنسا]ي والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن البحث بطريقة المحفظة المغناطيسية تعد أكثر تقدما ز ويوجد حاليا مشروعان كبيران في مجال التنفيذز : ليزر الميجاجول في فرنسا والجهاز الوطني للإشعال في الولايات المتحدة. وعندما تم اقتراح طريقة محفظة القصور الذاتي علقت عليها آمال كبيرة علي سبيل إنتاج الطاقة الكهربائية من الاندماج النووي.ولكن تبين من خلال التجارب التي اجريت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أن كفاءة تلك الأجهزة كانت أقل بكثير عن المطلوب. ثم تركزت الأبحاث في أعوام الثمانينيات والتسعينيات بصفة أساسية على أبحاث القنابل الهيدروجينية. ثم حدث تقدم في مجال استخدام اندماج بحصر القصور الذاتي في الأغراض السلمية مما جعله مغريا من الوجهة الاقتصادية وبناء مفاعلات القوي التي تعمل بالاندماج النووي. وتوجد حاليا عدة تجارب جديدة على الطريق أو لا تزال في حيز التصميم من اجل اختبار تلك الطريقة للإشعال السريع.

طريقة الاندماج بالقصور الذاتي

في القنبلة الهيدروجينية تتحقق حالة التفاعل من وجود حرارة عالية وضغط عالي جدا عن طريق تفجير قنبلة ذرية (أنظر تصميم تيلر- أولام. وطريقة استخدام تفجير انشطاري لإشعال تفجير اندماجي غير عملية لاستخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية. وكما تبين التجارب على القنابل الذرية فإنه ليس من الممكن بناء قنبلة ذرية تكون شدة انفجارها أقل من 1 كيلو طن مما يجعلها غير صالحة للاستخدام المدني. وعلاوة على ذلك فتنتج القنبلة الانشطارية نفايات ضارة أكثر من تفاعل الاندماج النووي. وعل الرغم ذلك فلم تتوقف المساعي على هذا الطريق كما نرى في تصميم باسر للاندماج النووي.

فإذا استطعنا ايجاد طريقة لضغط الوقود تختلف عن طريقة الانفجار الانشطاري فيمكن بذلك تصغير حجم المفاعل. وفي السبعينيات من القرن الماضي بدى حل لذلك باستخدام الليزر لتحقيق الحرارة العالية والضغط العالي لبدء التفاعل الاندماجي. ويحتوي مخلوط الديوتيريوم والتريتيوم والذي يطلق عليه اسم "الهدف" على كمية ضئيلة من الوقود عن تصميم القنبلة (نحو عدة ميكروجرام] وينشأ عنها انفجارا أقل بمراحل.[1][2]

وبصفة عامة يستخدم اندماج محفظة القصور الذاتي شعاعا واحدا من الليزر بمثابة "القائد" حيث ينقسم إلى عدد من الأشعة، يضخم طاكل شعاع منها آلاف مليار مرة، قبل توجيهها إلى غرفة التفاعل وتسمى "غرفة الهدف" عن طريق الانعكاس على مرايا، وذلك بغرض إضاءة الهدف متساويا على جميع سطحه. فتسبب حرارة الأشعة في انفجار الطبقة الخارجية للهدف، مثلما يحدث في الطبقة الخارجية لقنبلة هيدروجينية أسطوانية عندما تتخللها أشعة إكس الصادرة من القنبلة الذرية الملحقة التي تستخدم كبادئ للاشتعال.

وتتسبب المادة المتفجرة على السطح في ضغط المادة الداخلية في الهدف (قطرة الوقود)، فتجبرها على التقلص في كرة أشد صغرا. وترتفع كثافة مادة الوقود في اندماج بحصر القصور الذاتي إلى نحو 100 مرة من كثافة الرصاص[؟]، أي تصل كثافتها إلى نحو 1000 جرام/سنتيمتر مكعب. ولكن تلك الكثافة لا زالت ليست عالية بالكافي لإنتاج معدل مفيد للاندماج النووي تلقائيا. ومن ناحية أخرى تتكون موجات تصادمية إثناء تقلص الوقود، وعند تقابل تلك الموجات التصادمية في مركز الوقود فإنها ترفع من كثافة الوقود أكثر فأكثر.

عند تحقق الحالات المناسبة فقد ينشأ من الموجات التصادمية على مركز قطرة الوقود كمية ملحوظة من جسيمات ألفا ذات الطاقة العالية. ونظرا لشدة كثافة المادة حولها فإن جسيمات ألفا ستتحرك مسافة قصيرة جدا قبل أن تنخفض سرعتها وتفقد طاقتها في الوقود في صورة حرارة عالية. وتتسبب تلك الطاقة الإضافية في تفاعلات أكثر من الاندماج النووي في الوقود الساخن، فيُنتج جسيمات عالية الطاقة. وتنتشر تلك العملية من مركز القطرة إلى الخارج وتتسبب في تفاعل تلقائي قائم بذاته يسمى الاشتعال.

اندماج بحصر القصور الذاتي كمصدر للطاقة

تدرس تصميمات محطات القوى التي تعمل بواسطة الاندماج بحصر القصور الذاتي منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي عندما بدأت تجارب اندماج القصور الذاتي التوصل إلى طاقات أعلى، وتلك التصميمات كانت تسمى محطات قوى اندماج القصور الذاتي. وكانت الرؤية آنذاك أن تقدم تلك الأجهزة عددا منتتاليا من الأهداف (قطرات الوقود) إلى غرفة التفاعل - عدة قطرات في الثانية - والاستفادة من الحرارة والنيوترونات الناتجة عن اندماج الوقود وتوليد بخار منه يدير توربين بخاري عادي.

وكان الاعتقاد آنذاك أن الليزر كمصدر للحرارة والضغط الابتدائيين لبدء الاندماج في استطاعته إنتاج محطات قوى اقتصادية. ولكن الحسابات التي أجريت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بينت أن الطاقة اللازمة للوصول إلى اشعال التفاعل عالية جدا مما تسبب في اهمال البحث في ذلك المجال. فقد كانت كفاءة التضخيم بالليزر نحو 1% إلى 5 و1 % بالإضافة إلى الفقد الحراري الكبير لإنتاج الكهرباء (تبلغ كفاءة التوربينات البخارية نحو 35 %) فكان من اللازم رفع قدرة الاندماج نحو 350 مرة للوصول إلى مرحلة تساوي الطاقة المبذولة والطاقة الكهربية الناتجة.

وبدت تلك الزيادة في طاقة الجهاز المولد ليست من المستطاع، وانحصر البحث بطريقة اندماج بحصر القصور الذاتي في أبحاث صناعة الأسلحة النووية في أمريكا[؟]. ثم حدث تقدم في أبحاث الاشتعال السريع وبدأت الأحوال تتغير سريعا، فبدى انه في المتناول تحقيق تضخيم يبلغ 100 مرة عن طريق أول جهاز تجريبي هايبر HiPER. فعندما يمكن الحصول على تضخيم 100 مرة وتكون كفاءة الليزر 1% نكون قد وصلنا إلى تساوي الطاقة المكتسبة من الاندماج مع الطاقة المستخدمة لإشعاله.

انظر أيضًا

مراجع

    • بوابة ميكانيكا الكم
    • بوابة طاقة
    • بوابة الفيزياء
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.