الكتلة الشرقية

الكتلة الشرقية، أو كما عرفت أيضًا بالكتلة الشيوعية أو الكتلة الاشتراكية أو الكتلة السوفييتية، كانت مجموعة من الدول الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية وشرق آسيا وجنوبها الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي خلال فترة الحرب الباردة بين عامي (1947 و1991) في مواجهة الكتلة الغربية الرأسمالية. بشكل عام، يشير مصطلح الكتلة الشرقية في أوروبا الغربية إلى الاتحاد السوفييتي والدول التابعة له من شرقي أوروبا في مجلس التعاون الاقتصادي (ألمانيا الشرقية وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا ورومانيا وبلغاريا وألبانيا)، بينما في آسيا، تتألف الكتلة الشرقية من الجمهورية الشعبية المنغولية والجمهورية الاشتراكية الفيتنامية وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وجمهورية كمبوتشيا الشعبية وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وجمهورية الصين الشعبية (قبل الانقسام الصيني السوفييتي الحاصل عام 1961).[1][2][3][4][5] في الأمريكتين، تتألف الكتلة الشيوعية من جمهورية كوبا الكاريبية، منذ عام 1961.[6]

خريطة الكتلة الشرقية وما جاورها من دول محايدة ومناوئة

امتُحنت سيطرة الاتحاد السوفييتي على الكتلة الشرقية خلال انقلاب تشيكوسلوفاكيا عام 1948 وانفصال تيتو-ستالين إثر كل من جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية والثورة الشيوعية الصينية عام 1949، ومشاركة الصين في الحرب الكورية.

بعد موت ستالين عام 1953، انتهت الحرب الكورية مع مؤتمر جنيف عام 1953، إذ شجعت معاداة السوفييت على قيام انتفاضة 1953 في ألمانيا الشرقية. بدأ الانفصال في الكتلة الشرقية في عام 1956 مع خطاب نيكيتا خروتشوف المعادي لستالين «على عبادة الشخصية وآثارها». كان ذلك الخطاب عاملًا في قيام الثورة الهنغارية عام 1956، التي قمعها الاتحاد السوفييتي. منح الانفصال الصيني السوفيتي كلًا من كوريا الشمالية وفيتنام الشمالية مزيدًا من الاستقلالية وساهم أيضًا في انفصال ألبانيا عن الاتحاد السوفييتي. ساهمت أزمة صواريخ كوبا في حفظ الثورية الكوبية من التراجع من قبل الولايات المتحدة، إلا أن فيديل كاسترو أصبح أكثر استقلالية من الاتحاد السوفييتي بعدها، خصوصًا خلال فترة التدخل الكوبي في أنغولا عام 1975.[6] في ذلك العام، جدد النصر في الهند الصينية الفرنسية سابقًا -في أعقاب حرب فيتنام- الثقة بعد توتر العلاقات مع الزعيم السوفييتي ليونيد بريجنيف إثر اجتياح تشيكوسلوفاكيا عام 1968 بهدف قمع «ربيع براغ». ذلك ما دفع جمهورية ألبانيا الشعبية الاشتراكية إلى الانسحاب من حلف وارسو، والوقوف بصف ماو تسي تونغ إلى حين الانقسام الألباني الصيني.

وفقًا لمبدأ بريجنيف، حفظ الاتحاد السوفيتي حق التدخل في الدول الاشتراكية الأخرى. في المقابل، اتجهت الصين نحو الولايات المتحدة فيما تلى صراع الحدود السوفيتية الصينية والإصلاح الاقتصادي الصيني، فيما شهدت الكتلة الشرقية عصر الركود إذا ما قورنت برأسمالية العالم الأول. ساهمت الحرب السوفيتية في أفغانستان في توسيع الكتلة الشرقية، ولكن أثبتت الحرب عدم نجاحها ومدى كلفتها الشديدة على السوفييت، والمواجهة التي لاقتها في أوروبا الشرقية من قبل المقاومة المدنية متمثلة بحركة تضامن (اتحاد نقابة العمال البولندي). في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، سعى القائد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف إلى تحقيق كل من سياستي غلاسنوست (الانفتاح) وبيريسترويكا (إعادة الهيكلة)؛ بهدف إصلاح الكتلة الشرقية وإنهاء الحرب الباردة التي جلبت مزيدًا من الاضطراب في مختلف أنحاء الكتلة. على عكس القادة السوفييت السابقين الذين مروا في أعوام 1953 و1956 و1968، رفض غورباتشوف استخدام للقوة في إنهاء ثورات 1989 ضد حكم الماركسية اللينينية في أوروبا الشرقية. أدى انهيار جدار برلين وإنهاء حلف وارسو إلى انتشار كل من المُثُل القومية والليبرالية عبر الاتحاد السوفييتي الذي ما لبث أن تفكك في نهاية عام 1991. أطلقت نخبة من المحافظين الشيوعيين محاولة الانقلاب السوفيتية عام 1991، التي عجلت من إنهاء الحكم الماركسي اللينيني في أوروبا الشرقية. شهدت مظاهرات ساحة تيانانمن قمعًا عنيفًا من قبل الحكومة الشيوعية هناك، والتي شدت قبضتها على السلطة.

على الرغم من اعتبار كل من الاتحاد السوفييتي ومنافسه الولايات المتحدة أوروبا الجبهة الأكثر أهمية في الحرب الباردة، كان يستعمل مصطلح الكتلة الشرقية كثيرًا بالتبادل مع مصطلح العالم الثاني (دول المعسكر الشيوعي). هذا الاستعمال الواسع للمصطلح لم يتضمن فقط كلًا من الصين الماوية وكمبوديا، بل أيضًا عددًا من أتباع السوفييت -التي لم تدم طويلًا- مثل جمهورية تركستان الشرقية الثانية (1944 - 1949) وجمهورية أذربيجان الشعبية وجمهورية مهاباد (1949)، إضافة إلى الدول الماركسية اللينينية التي تأرجحت بين دول العالم الثاني والثالث قبل نهاية الحرب الباردة مثل: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (منذ عام 1967) وجمهورية الكونغو الشعبية (منذ عام 1969) وجمهورية بنين الشعبية وجمهورية أنغولا الشعبية وجمهورية موزمبيق الشعبية منذ عام 1975 والحكومة الثورية الشعبية في غرناطة بين عامي 1979 و1983 والحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية منذ عام 1974 والجمهورية الشعبية الصومالية منذ عام 1969 إلى حرب أوغادين عام 1977.[7][8][9] اتّهمت العديد من الدول من قبل الكتلة الغربية بكونها من ضمن الكتلة الشرقية على الرغم من كونها جزءًا من حركة عدم الانحياز. شمل التعريف الأكثر حدودية للكتلة الشرقية فقط دول حلف وارسو والجمهورية الشعبية المنغولية بكونها الدول الأكثر تبعية سابقًا التي هيمن عليها الاتحاد السوفييتي. كانت كوريا الشمالية خاضعة بنفس المفهوم قبل الحرب الكورية، وساهمت المساعدة السوفييتية في فرض فيتنام سيطرتها على كل من لاوس وكمبوديا حتى نهاية الحرب الباردة.[10][11] كانت مواجهة كوبا للسيطرة السوفييتية الكاملة جديرة بالملاحظة لدرجة استبعادها كليًّا من كونها دولة تابعة للاتحاد السوفييتي، إذ تدخلت أحيانًا بدول من العالم الثالث حتى مع معارضة موسكو لذلك.

الدول الشيوعية الوحيدة الباقية هي الصين وفيتنام وكوبا وكوريا الشمالية ولاوس. كانت التجربة الاشتراكية لهذه الدول أكثر محاذاةً مع معاداة الاستعمار من كونها ضد التقسيم العالمي (شمال وجنوب) أو معادية للإمبريالية باتجاه الغرب بدلًا من احتلال الجيش الأحمر للكتلة الشرقية السابقة. شهدت جميع الدول الشيوعية الباقية إعادة هيكلة اقتصادية بدرجات مختلفة. عادة ما توصف كل من الصين وفيتنام بكونهما أكثر رأسمالية من كوبا ولاوس وكوريا الشمالية المجاهرة بالفكر الستاليني. ما زالت كل من كمبوديا وكازاخستان تحت حكم نفس قادة الكتلة الشرقية خلال الحرب الباردة، إلا أنهم لا يعترفون رسميًا بكونهم دول ماركسية لينينية. كانت تلك هي الحالة سابقًا في دول الاتحاد السوفييتي الزميلة كازاخستان مثل أوزبكستان حتى عام 2016، وتركمانستان حتى عام 2006، وقيرغيزستان حتى عام 2005، وأذربيجان وجورجيا حتى عام 2003. كان جميع رؤساء روسيا بعد الاتحاد السوفييتي أعضاء في الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي (بوريس يلتسن قبل عام 1990 وفلاديمير بوتين وديمتري ميدفيديف قبل عام 1991). تعَد أذربيجان دولة سلطوية يسيطر عليها الحزب الحاكم، وتعَد كوريا الشمالية نظامًا شموليًا بنظام الحزب الواحد يتوارث فيه السلطة قادته من الكتلة الشرقية، إلا أن كلا الدولتين مسحت من دساتيرها كل ما له علاقة بالشيوعية.

ظهور المصطلح

قد يكون استخدام مصطلح الكتلة الشرقية بعد عام 1991 محصورًا بالإشارة إلى الدول المشكلة لحلف وارسو بين عامي 1955 و1991 ومنغوليا بين عامي 1924 و1992،[12] والتي لا تعد اليوم دولًا شيوعية. أحيانًا يُشار إليهم بشكل عام بكونهم «دول أوروبا الشرقية تحت الشيوعية»، ما عدا منغوليا، لكن مضافًا إليها يوغسلافيا وألبانيا اللتان انفصلتا عن الاتحاد السوفييتي في ستينيات القرن الماضي.[13]

انظر أيضاً

مراجع

  1. Loth, Wilfried, The Division of the World, 1941–1955, Routledge, 1988, (ردمك 0-415-00365-2), p. 297.
  2. Haggett, Peter, Encyclopedia of World Geography, Marshall Cavendish, 2001, (ردمك 0-7614-7289-4), p. 1,850.
  3. Rees, G. Wyn. International Politics in Europe: The New Agenda, Routledge, 1993, (ردمك 0-415-08282-X), p. 6.
  4. Satyendra, Kush (2003), Encyclopaedic Dictionary of Political Science, Sarup & Sons, صفحة 65, ISBN 978-81-7890-071-1, the countries of Eastern Europe under communism الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  5. Compare: Janzen, Jörg; Taraschewski, Thomas (2009). Shahshahānī, Suhaylā (المحرر). Cities of Pilgrimage. 4. Münster: LIT Verlag. صفحة 190. ISBN 9783825816186. مؤرشف من الأصل في 05 سبتمبر 2015. اطلع عليه بتاريخ 21 ديسمبر 2012. Until 1990, despite being a formally independent state, Mongolia had de facto been an integral part of the Soviet-dominated Eastern Bloc. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Piero Gleijeses, Conflicting Missions: Havana, Washington and Africa, 1959–1976 (ردمك 978-0-8078-5464-8)
  7. Ludlow, N. Piers, European integration and the Cold War: Ostpolitik-Westpolitik, 1965–1973, Routledge, 2007, (ردمك 0-415-42109-8), page 37, 39
  8. Ahonen, Pertti, After the expulsion: West Germany and Eastern Europe, 1945–1990, Oxford University Press, 2003, (ردمك 0-19-925989-5), page 125-126 & 183
  9. Skinner, Kiron F., The strategy of campaigning: lessons from Ronald Reagan & Boris Yeltsin, University of Michigan Press, 2007, (ردمك 0-472-11627-4), page 137-8
  10. Whincop, Michael J., Corporate Governance in Government Corporations, Ashgate Publishing, Ltd., 2005, (ردمك 0-7546-2276-2), page 43
  11. Feldbrugge, Ferdinand Joseph Maria, Russian law: the end of the Soviet system and the role of law, Martinus Nijhoff Publishers, 1993, (ردمك 0-7923-2358-0), page 63
  12. Satyendra, Kush, Encyclopaedic dictionary of political science, Sarup & Sons, 2003, (ردمك 81-7890-071-8), page 65
  13. Hirsch, Donald; Kett, Joseph F.; Trefil, James S. (2002), The New Dictionary of Cultural Literacy, Houghton Mifflin Harcourt, صفحة 316, ISBN 978-0-618-22647-4, مؤرشف من الأصل في 18 يناير 2020, Eastern Bloc. The name applied to the former communist states of eastern Europe, including Yugoslavia and Albania, as well as the countries of the Warsaw Pact الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
    • بوابة بلغاريا
    • بوابة التشيك
    • بوابة إستونيا
    • بوابة ألمانيا
    • بوابة المجر
    • بوابة بولندا
    • بوابة روسيا
    • بوابة اشتراكية
    • بوابة القرن 19
    • بوابة أوروبا
    • بوابة الاتحاد السوفيتي
    • بوابة الحرب الباردة
    • بوابة السياسة
    • بوابة شيوعية
    • بوابة علاقات دولية
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.