الدقة والضبط

عند إجراء القياس على مجموعة، تشير الدقة إلى اقتراب القياسات من قيمة محددة، بينما يشير الضبط (أو التكرارية) إلى تقارب القياسات مع بعضها البعض.

للدقة تعريفان:

  1. التعريف الأشيع، هو وصف للأخطاء الرتيبة ومقياس للانحراف في القياس، إذ تؤدي الدقة المنخفضة إلى فروق بين نتيجة القياس والمقدار «الحقيقي». هذا المفهوم تسميه المنظمة الدولية للمعايير (أيزو) باسم المصداقية.
  2. في المقابل، تعرف المنظمة الدولية للمعايير الدقة على أنها تصف نوعَي أخطاء القياس أو الأخطاء الملاحظة (العشوائية والرتيبة)، لذا تتطلب الدقة المرتفعة كلاً من التكرارية العالية والمصداقية العالية.

التكرارية: وصف للأخطاء العشوائية، وهي مقياس للتشتت الإحصائي (التباينات الإحصائية أو الاختلافات في القياس).

بعبارات أبسط، بأخذ مجموعة من نقاط المعطيات من قياسات متكررة لنفس الكمية، يمكن وصف المجموعة بأنها دقيقة إذا كان المتوسط قريبا من القيمة الحقيقية للكمية المقاسة، بينما يقال عن المجموعة إنها مضبوطة (أو ذات تكرارية مرتفعة) إذا كانت القيم متقاربة فيما بينها. في التعريف الأول الأشيع المذكور أعلاه لمفهوم «الدقة»، يستقل المفهومان عن بعضهما، لذا يمكن وصف مجموعة معينة بأنها إما دقيقة أو مضبوطة أو كلاهما أو ليست أيًّا منهما.

تعريف تقني شائع

في مجالات العلوم والهندسة، دقة منظومة القياس هي درجة اقتراب قياسات كمية ما إلى القيمة الحقيقية لتلك الكمية.[1] تكرارية منظومة القياس المتعلقة بالأمانة (التناتجية) والعدالة (قابلية التكرار)، هي درجة تكرار القياسات المتتابعة لنفس النتائج تحت ظروف ثابتة.[2] وبرغم ترادف كلمتي الضبط والدقة في الاستخدام العام، فهما مصطلحان متباينان عندما يأتيان في سياق المنهجية العلمية.

يفضل مجال الإحصاء -حيث يؤدي تفسير القياسات دوراً محوريًّا-  استخدام مصطلحي الانحراف والتشتت بدلاً من الدقة والتكرارية: الانحراف هو مقدار الخطأ في الدقة، والتشتت هو مقدار الخطأ في الضبط أو التكرارية.

يمكن لمنظومة قياس ذات دقة مرتفعة وتكرارية منخفضة أو العكس أن تكون ذات دقة وتكرارية مرتفعتين، أو ألا تكون ذات دقة مرتفعة ولا تكرارية مرتفعة. على سبيل المثال، إذا احتوت تجربة على خطأ رتيب، فإن زيادة حجم العينة تزيد التكرارية بشكل عام ولكن لا تحسن الدقة. تكون النتيجة مصفوفة قراءات منسجمة، لكنها غير دقيقة ناتجة عن التجربة المعيبة. يمكن أن تحسّن إزالةُ الأخطاء الرتيبة الدقةَ دون أن تغير التكرارية.

تعتبَر منظومة قياس صالحةً إذا كانت ذات دقة وتكرارية مرتفعتين معاً. تشمل المصطلحات المتعلقة بهذه المفاهيم الانحرافَ (الأخطاء غير العشوائية أو الآثار الموجَّهة الناتجة عن عامل أو عوامل غير متعلقة بالمتغير المستقل)، والخطأَ (التشتت أو الانحراف العشوائي).

تُستخدم هذه المصطلحات أيضاً في القياسات غير المباشرة (وهي القيم التي يُحصل عليها نتيجة إجراء حسابي على المعطيات المدروسة).

بالإضافة إلى الدقة والتكرارية، يمكن أن يعرَّف في القياسات أيضاً تمييزُ التدريج (أو التفريق)، وهو أصغر تغير في القيمة الفيزيائية المقاسة ينتج عنه استجابة في القياس.

في التحليل العددي، تعَد الدقة أيضاً اقترابَ الحساب من القيمة الحقيقية، لكن الضبط هو تمييز التمثيل، ويعرَف عادة من خلال أصغر تدريجة عشرية أو ثنائية (في نظام العد الثنائي).

في المصطلحات العسكرية، تشير الدقة بشكل أساسي إلى دقة إطلاق النار (جوستيس دو تير justesse de tir)، في حين يعبِّر مصطلح الضبط عن اقتراب مجموعة الطلقات أو القذائف من مركز الهدف.[3]

التكميم

في مجال المعدات الصناعية، تعَد الدقة التسامحَ في القياس أو سماحية الجهاز، وتعرِّف الدقة حدود الأخطاء المرتكبة عند استخدام الجهاز في ظروف التشغيل العادية.[4]

بشكل مثالي، يكون جهاز القياس ذا دقة وضبط مرتفعين، وكل قياساته متقاربة ومتزاحمة حول القيمة الحقيقية. تحقَّق الدقة والضبط من خلال القياس المتكرر لمعيار مرجعي يمكن تتبع أصله. يضع نظامُ الوحدات الدولي (يكتب اختصاراً إس آي من الفرنسية: Système international d'unités) هذه المعاييرَ، وتضمن تطبيقَها منظمات معايير وطنية (أو منظمات تقييس) كالمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية.

ينطبق هذا أيضاً على حالة تكرار القياسات واستخراج متوسطها الحسابي. في هذه الحالة ينطبق بدقة مصطلح الخطأ المعياري: تكرارية المتوسط تساوي الانحراف المعياري المعروف مسبقاً للعملية مقسوماً على الجذر التربيعي لعدد القياسات التي أُخذ منها المتوسط الحسابي. تظهِر نظرية الحد المركزي أن التوزع الاحتمالي للقياسات التي يحسب متوسطها الحسابي بهذه الطريقة سيكون أقرب إلى التوزع الطبيعي من القياسات التي تجرى بشكل فردي.

فيما يخص الدقة يمكننا التمييز بين:

  • الفرق بين الوسط الحسابي للقياسات والقيمة المرجعية، والانحراف. من الضرورة تصحيح الانحراف وتحديده لأجل المعايرة.
  • الأثر المشترك لذلك مع الضبط.

من المتعارف عليه في العلم والهندسة التعبير عن الدقة و/أو الضبط ضمنياً من خلال عدد الأرقام المعنوية. في هذه الحالة عندما لا يعبَّر عن ذلك صراحةً، يُفهم هامش الخطأ على أنه نصف أصغر تدريجة (آخر رقم معنوي). على سبيل المثال، كتابة 843.6 م أو 843.0 متر أو 800.0 متر تعني ضمنياً أن هامش الخطأ 0.05 م (آخر رقم معنوي هو من مرتبة الأعشار)، بينما تشير كتابة 8436 م ضمنياً إلى هامش خطأ مقداره 0.5 م (آخر رقم معنوي هو من مرتبة الآحاد).

قراءة 8,000 هكذا بأصفار متأخرة دون وجود فاصلة عشرية أمر يثير التساؤلات؛ يمكن فهم الأصفار المتأخرة على أنها أرقام معنوية أو غير ذلك. لتجنب هذا اللغط، يمكن استخدام التدوين العلمي للعدد: ##رمز## يشير إلى أن أول صفر هو رقم معنوي (وبالتالي فالهامش 50 م) بينما يشير ##رمز## إلى أن الأصفار الثلاثة أرقام معنوية، ما يعني هامشاً مقداره 0.5 م. بشكل مشابه، يمكن استخدام أحد مضاعفات وحدة القياس الأساسية: 8.0 كم تكافئ ##رمز##. في الواقع تشير إلى هامش مقداره 0.05 كم (50م). لكن الاعتماد على هذا العرف يمكن أن يؤدي إلى نتائج تعطي أخطاء ضبط كاذبة عند استقبال المعطيات من مصادر لا تتبع هذا النظام. على سبيل المثال، يعطي مصدرٌ العددَ 153,753 بضبط مقداره 5,000 +/- يبدو أنه بضبط 0.5 +/- . كان سيقرب إلى 154,000 حسب العرف.

تتضمن التكرارية (أو الضبط):

  • العدالة: الانحراف الناشئ عند بذل كل الجهود اللازمة لإبقاء الظروف ثابتة باستخدام نفس جهاز القياس والمشغل والتكرار خلال فترة زمنية قصيرة؛ و
  • الأمانة: الانحراف الناشئ عند استخدام نفس إجراء القياس بواسطة عدة أجهزة ومشغلين، على فترات زمنية أطول.

تعريف أيزو (أيزو 5725)

ظهر تحول في معاني هذه المصطلحات مع نشر سلسلة معايير أيزو 5725 عام 1994، ويظهَر هذا أيضاً في إصدار عام 2008 «المفردات العالمية لعلم القياس بي آي بّي إم» (994)، الفقرات 2.13 و 2.14.

وفقاً لأيزو 1-5725، يستخدَم المصطلح العام «دقة» لوصف اقتراب القياس للقيمة الحقيقية. يتضمن مركبة خطأ عشوائي ومركبة خطأ رتيب عند تطبيق المصطلح على مجموعة قياسات لنفس الكمية المقيسة. في هذه الحالة تكون المصداقية اقترابَ الوسط الحسابي لمجموعة نتائج قياس إلى القيمة الحقيقية (الصادقة)، والضبط اقترابَ انسجامية مجموعة النتائج.[5]

يتفادى أيزو 1-5725 و 994 أيضاً استخدام مصطلح «انحياز»، المحدد مسبقاً في بي إس 1-5497؛ لأنه يرتبط بمفاهيم مختلفة خارج مجالات العلوم والهندسة، كما في الطب والحقوق.

مراجع

  1. JCGM 200:2008 International vocabulary of metrology — Basic and general concepts and associated terms (VIM) نسخة محفوظة 31 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. Taylor, John Robert (1999). An Introduction to Error Analysis: The Study of Uncertainties in Physical Measurements. University Science Books. صفحات 128–129. ISBN 0-935702-75-X. مؤرشف من الأصل في 7 يناير 2014. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. North Atlantic Treaty Organization, Nato Standardization Agency AAP-6 - Glossary of terms and definitions, p 43.
  4. Creus, Antonio. Instrumentación Industrial[بحاجة لمصدر]
  5. BS ISO 5725-1: "Accuracy (trueness and precision) of measurement methods and results - Part 1: General principles and definitions.", p.1 (1994)
    • بوابة إحصاء
    • بوابة الفيزياء
    • بوابة رياضيات
    • بوابة علم الحاسوب
    • بوابة علم المكتبات والمعلومات
    • بوابة علوم
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.