الحملات البحرية العثمانية في المحيط الهندي

العثمانية للحملات البحرية في المحيط الهندي  (بالتركية: Hint seferleri)‏ أو Hint Deniz seferleri, lit. "حملات المحيط الهندي") سلسلة من العمليات العثمانية العسكرية البرمائية في المحيط الهندي في القرن 16 خلال أربع حملات بين عامي 1538 و1554 في عهد سليمان القانوني.

بحر العرب
إعادة تمثيل لمعلومات العثمانيين عن الحيط الهندي عام 1911، المسجلة من قبل سيدي علي ريس في خريطة محيط 1554

خلفية

الأسطول العثماني في المحيط الهندي في القرن 16.
قارب عثماني ذو ثلاث صواري مع ثلاثة أشرعة مثلثية ومجاذيف.

بعد رحلات فاسكو دا جاما قام أسطول برتغالي قوي بالسيطرة على المحيط الهندي في مطلع القرن 16، وهدد المدن الساحلية من شبه الجزيرة العربية والهند، وكان مقر البحرية البرتغالية في غوا وهي مدينة على الساحل الغربي للهند عام 1510.

بدأت السيطرة العثمانية على البحر الأحمر وفي الوقت نفسه عام 1517 عندما عندما ضم سليم الأول للإمبراطورية العثمانية بعد معركة الريدانية. وسرعان ما انضمت المناطق المأهولة من شبه الجزيرة العربية (الحجاز و تهامة) إلى العثمانيين. قدم بيري ريس خريطته الشهيرة للعالم للسلطان سليم بعد بضعة أسابيع فقط من وصوله إلى مصر. يوجد الجزء من الذي يغطي المحيط الأطلسي و الأمريكتين من حالياً في متحف توب قابي،[1] أما جزء الذي يغطي المحيط الهندي فهو مفقود ويُحتمل أن سليم قد أخذها؛ ليستخدمها في التخطيط لحملات عسكرية مستقبلية في هذ المنطقة. بعد الهيمنة العثمانية في البحر الأحمر بدأت مرحلة الصراع العثماني البرتغالي، فدخل سليم دخلت في مفاوضات مع السلطان المظفر الثاني سلطان غوجارات (سلطنة في شمال غرب الهند) حول احتمالية ضربة مشتركة ضد البرتغاليين في غوا.[2] إلا أن سليم تُوفي عام 1520.

الأدميرال العثماني سلمان ريس يدافع عن جدة ضد الهجوم البرتغالي الهجوم عام 1517.

في عام 1525 تم تعيين القرصان السابق سلمان ريس أدميرالاً لأحد الأساطيل العثمانية الصغيرة في عهد سليمان القانوني في البحر الأحمر والتي كانت مكلفة بالدفاع عن المدن الساحلية العثمانية ضد الهجمات البرتغالية.[3] في 1534 ضم سليمان معظم العراق وبحلول عام 1538 كان العثمانيون قد وصلوا إلى البصرة، مما يعني الخليج العربي، ولم تزل الدولة العثمانية تواجه سيطرة البرتغاليين على السواحل، فمعظم المدن الساحلية في شبه الجزيرة العربية كانت إما موانئ أو أقاليم برتغالية. أيضاً كان الصراع العثماني البرتغالي ذا بعد اقتصادي، في القرن 15 كانت أهم طرق التجارة من الشرق الأقصى إلى أوروبا ، ما يُعرَف بطريق التوابل، تمر خلال البحر الأحمر ومصر لكن بعد الالتفاف حول أفريقيا تناقصت إيرادات التجارة.[4] وحيث كانت الدولة العثمانية قوة بحرية رئيسية في البحرالمتوسط فلم يكن من الممكن نقل الأسطول على البحر الأحمر (كان ذلك قبل حفر قناة السويس). لذا تم بناء أسطول جديد في السويس باسم"الأسطول الهندي".[5] ومع ذلك فالسبب الظاهر من الحملات في المحيط الهندي كانت دعوة من الهند.

حملة سليمان باشا الخادم 1538

ناشد بهادر شاه ابن مظفر الثاني حاكم كجرات الذي تفاوض مع السلطان سليم من قبل القسطنطينية من أجل العمل المشترك ضد البحرية البرتغالية، فاستغل سليمان الأول هذه الفرصة للتحقق من الهيمنة البرتغالية على المحيط الهندي وعينسليمان باشا الخادم كأدميرال لأسطول المحيط الهندي، وتألفت قوة ذلك الأسطول من حوالي 90 قادساً،[6] وفي عام 1538 أبحر إلى الهند عبر البحر الأحمر وبحر العرب، إلا أنه علم أن بهادر شاه قد قتل خلال اشتباكات مع القوات البحرية البرتغالية وخليفته قد تحالف مع البرتغال. بعد فشل الحصار على ديو قرر العودة، وفي طريق عودته إلى السويس غزا معظم اليمن بما في ذلك عدن. بعد تلك الحملة، تمت ترقية سليمان باشا لمنصب الصدر الأعظم.

حملة بيري ريس 1548-1552

وصول السفن البرتغالية إلى هرمز.
مسار بيري ريس عام 1552.

بعد الحملة الأولى استولت البرتغالية استولت على عدن وضربت حصاراً على مدينة جدة (المملكة العربية السعودية) وحاولت أن تخترق البحر الأحمر. كانا الهدف من الحملة الثانية استعادة السلطة العثمانية في البحر الأحمر واليمن، كان الأدميرال على رأس هذه الحملة بيري ريس قد استعاد عدن في 1549 وبالتالي تأمين البحر الأحمر.

وبعد ثلاث سنوات أبحر من السويس مرة أخرى مع 30 سفينة لانتزاع جزيرة هرمز مفتاح الخليج العربي من البرتغال، فسيطر بيري ريس على مسقط في طريقه، وبالتالي توسيع السلطة العثمانية بقدر حتى عمان وحاصر هرمز لكنه لم يوفق، فاستولى على المدينة ولكن بقيت القلعة على حالها. بعد الاستيلاء على شبه جزيرة قطر والبحرين وتلقي تقارير تفيد اقتراب الاسطول البرتغالي قرر بيري ريس سحب الأسطول إلى البصرة، وعاد إلى السويس مع قاربين كانا من ممتلكاته الشخصية.[7] حكم السلطان على بيري ريس بالموت جراء ذلك وأُعدم بالفعل في 1553.[8]

حملة مراد ريس الكبير 1553

كان الغرض من هذه الحملة إعادة الأسطول إلى السويس، وكان الأدميرال مراد ريس الأكبر السنجق (الحاكم) السابق للقطيف على رأس هذه الحملة. بينما كان يحاول الإبحار في الخليج العربي واجه أسطولاً برتغالياً كبيراً بقيادة دوم ديوغو دي نورونها، في المواجهة البحرية المفتوحة الأكبر بين البلدين نجح مراد في إغراق بارجة نورونها الرئيسية بمدفعيته، بيد أن التغيير المفاجئ في الرياح أجبره على العودة إلى البصرة.[9]

حملة سيدي علي ريس 1553

سيدي علي ريس في مواجهة الأسطول البرتغالي.

تم تعيين الأدميرال سيدي علي ريس بعد فشل الحملة الثالثة عام 1553، ولكن كان ما وجده في البصرة مجموعة من القوارب المهملة، ومع ذلك بعد بعض الصيانة قرر الإبحار بها ومر عبر مضيق هرمز و بدأت بالإبحار على طول الشواطئ العمانية حيث اشتبك مع الأسطول البرتغالي مرتين. لم يكن محظوظا للغاية ضد عاصفة كبيرة سُميت من قبل السكان المحليين بـ الفيل الاعصار (طوفان الفيل)، وبعد العاصفة تبقى له 6 سفن جنحت إلى الهند التي كانت الهدف الأصلي لكل تلك الحملات طوال 15 عاماً. لم يعدْ ما تبقى من هذا الأسطول صالحاً مما أدى إلى عودته براً مع خمسين رجلاً، ثم وصل سيدي علي ريس إلى الديوان الملكي للامبراطور المغولي همايون في دلهي حيث التقى الإمبراطور المغولي تانستقبلي جلال الدين أكبر الذي كان يبلغ من العمر اثني عشر عاماً آنذاك.

كان الطريق من الهند إلى تركيا في غاية الخطورة بسبب الحرب بين الدولة العثمانية والفرس، فعاد سيدي علي ريس بعد توقيع معاهدة أماسيا بين البلدين في عام 1555، وألف كتاباً اسماه مرآة الممالك عن هذه المغامرة ووقدمه للسلطان سليمان عام 1557 .[10] يعتبر هذا الكتاب الآن واحداً من أقدم كتب الرحلات في الأدب العثماني، كما ألف كتاب «المحيط في علم الأفلاك والأبحر» والذي اشتهر باسم «محيط»، واعتمد فيه اعتماداً وثيقاً على علم الملاحة العربي، وأهمها مؤلفات ابن ماجد وتلميذه سليمان المهري، التي قال عنها في كتابه: «إذ الملاحة بدون هذه الكتب جدّ متعذرةٍ».

فيما بعد

كانت  الحملات البحرية على المحيط الهندي بالكاد ناجحة جزئيا، فالأهداف الرئيسية من التحقق من الهيمنة البرتغالية في المحيط ومساعدة الحاكم الهندي المسلم الهندي لم تتحقق. كان هذا على الرغم مما سُمي "مزايا ساحقة للبرتغال" كانت الدولة العثمانية أكثر ثراءاً وسكانا من البرتغال ومعتنقة نفس دين معظم سكان المناطق الساحلية في حوض المحيط الهندي وقواعدها البحرية كانت أقرب إلى مسرح العمليات.

من ناحية أخرى تم ضم اليمن فضلاً عن الضفة الغربية من البحر الأحمر المقابلة للشريط الساحلي الضيق من السودان وإريتريا من قبل أوزدمير باشا نائب سليمان باشا الخادم، وتم إنشاء ثلاث مقاطعات في شرق أفريقيا: مصوع والحبشة وسواكن. وأصبحت الموانئ في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية أيضاً مؤمنة.[11]

أحياناً تعتبر أيضاً مساعدة العثمانيين لآتشيه (في سومطرة بإندونيسيا) عام 1569 جزءاً من هذه الحملات (كانت بقيادة أمير البحر العثماني: كوردوغلو خضر ريس)، بيد أن هذه الحملة لم تكن حملة عسكرية.[12]

من المعروف أن صقللي محمد باشا الصدر الأعظم للدولة بين عامي 1565 و1579 اقترح قناة تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، فإذا أمكن تحقيق هذا المشروع سيكون من الممكن للسفن المرور عبر القناة إلى المحيط الهندي، إلا أن هذا المشروع كان يفوق القدرات التكنولوجية في القرن 16 فقناة السويس لم تُفتح حتى عام 1869، أي بعد ذلك بنحو نحو ثلاثة قرون.

انظر أيضاً

مراجع

  1. Piri Reis' map نسخة محفوظة 12 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  2. History cooperative نسخة محفوظة 19 أبريل 2013 على موقع واي باك مشين.
  3. Essays on Hurmuz نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  4. Lord Kinross: Ottoman centuries (translated by Meral Gasıpıralı) Altın Kitaplar, İstanbul,2008, (ردمك 978-975-21-0955-1), p.237
  5. Prof Dr. Yaşar Yücel-Prof Dr. Ali Sevim :Türkiye Tarihi II, Türk Tarih Kurumu Yayınları,1990,İstanbul [بحاجة لرقم الصفحة]
  6. Gabor Anaston-Bruce masters: The Encyclopaedia of the Ottoman Empire, (ردمك 978-0-8160-6259-1) p.467
  7. World map of Piri Reis نسخة محفوظة 28 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  8. Soucek, Svat (June 2013), "Piri Reis. His uniqueness among cartographers and hydrographers of the Renaissance", in Hofmann, Catherine (المحرر), Cartes marines : d'une technique à une culture. Actes du colloque du 3 décembre 2012., CFC, صفحات 135–144, مؤرشف من الأصل (PDF) في 27 يونيو 2018 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |last1=مفقود في editor (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  9. Giancarlo Casale: The Ottoman age of Exploration, Oxford University Press, 2010 (ردمك 978-0-19-537782-8), p. 99.
  10. Summary of Mir'at ül Memalik نسخة محفوظة 14 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
  11. Encyclopædia Britannica, Expo 70 ed, Vol.22, p.372
  12. International Conference of Aceh and Indian Ocean [وصلة مكسورة]

    لمزيد من الاطلاع

    • Casale, Giancarlo (2010). The Ottoman Age of Exploration. Oxford: Oxford University Press. ISBN 978-0-19-537782-8. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة التاريخ
    • بوابة تركيا
    • بوابة أفريقيا
    • بوابة البرتغال
    • بوابة الدولة العثمانية
    • بوابة المحيط الهندي
    • بوابة الهند
    • بوابة الوطن العربي
    • بوابة ملاحة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.