الحقبة الفيدرالية

الحقبة الفيدرالية في التاريخ الأمريكي استمرّت من عام 1788 إلى عام 1800، في وقت كان فيه الحزب الفيدرالي وأسلافه هم المهيمنون على السياسة الأمريكية. خلال هذه الفترة، كان الفيدراليون يسيطرون عمومًا على الكونغرس ويتمتّعون بدعم الرئيس جورج واشنطن والرئيس جون آدمز. شهد هذا العصر تأسيس حكومةٍ اتحادية جديدة أقوى بموجب دستور الولايات المتحدة، وتعميق الدعم للقومية، وتلاشي المخاوف المتعلقة باستبداد الحكومة المركزية. بدأت الحقبة بالتصديق على دستور الولايات المتحدة وانتهت بانتصار الحزب الديمقراطي الجمهوري في انتخابات عام 1800.

خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، «فترة الكونفدرالية»، كانت الأمّة حديثة العهد تعمل بموجب وثائق الكونفدرالية، التي تنصّ على ولايات كونفدرالية تتمتّع بحريتها. في اجتماع فيلادلفيا (الاجتماع الفيدرالي) لعام 1787، وضع مندوبون من معظم الولايات دستورًا جديدًا أسّس حكومة فيدرالية ذات سلطة أوسع. بعد الاجتماع، عُرض هذا الدستور على الولايات للتصديق عليه. وأصبح أولئك الذين طالبوا بالتصديق على الدستور معروفين بالفدراليين، في حين أصبح المعارضون للتصديق يعرفون باسم المناهضين للفدراليين. بعد فوز الفدراليين في مناقشة التصديق في جميع الولايات باستثناء ولايتين، دخل الدستور الجديد حيّز النفاذ وعُقدت انتخابات جديدة للكونغرس والرئاسة. أعادت الانتخابات الأولى أغلبية الفدراليين إلى كلا المجلسين وانتخبت جورج واشنطن، الذي شارك في اجتماع فيلادلفيا، رئيسًا للولايات المتحدة. قدمت إدارة واشنطن وكونغرس الولايات المتحدة الأول سوابق عديدة، وهيكلت غالبية الحكومة الجديدة. شكّل الكونغرس القضاء الفيدرالي من خلال القانون القضائي لعام 1789، في حين عزّزت السياسات الاقتصادية لوزير الخزانة ألكساندر هاملتون تشكيل حكومة مركزية قويّة. أقرّ الكونغرس الأول أيضًا وثيقة حقوق الولايات المتحدة للتقييد دستوريًا من صلاحيات الحكومة الفيدرالية. خلال الحقبة الفيدرالية، كانت السياسة الخارجية الأمريكية تهيمن عليها المخاوف إزاء بريطانيا وفرنسا وإسبانيا. سعى واشنطن وآدمز لتجنّب الحرب مع كلٍ من هذه الدول مع ضمان استمرار التجارة وتسوية الحدود الأمريكية.[1]

قسّمت سياسات هاملتون الولايات المتحدة وفقًا لأسسٍ فئوية، وأنشأ أحزابًا سياسية قائمة على الناخبين لأول مرة. حشد هاملتون النُخب الحضرية التي أيّدت سياساته المالية والاقتصادية. التفّ خصومه حول توماس جيفرسون وجيمس ماديسون. كان جيفرسون يخشى أن تقود سياسات هاملتون إلى خلق مجتمعٍ أرستقراطي، وربما ملكي، يتعارض مع رؤيته لجمهورية ترتكز على مزارعين يومَنيين. تعكّر هذا الجدل حول السياسة الاقتصادية أكثر فأكثر بسبب حروب الثورة الفرنسية، إذ كان أنصار جيفرسون حينها يميلون للتعاطف مع فرنسا وأنصار هاملتون مع بريطانيا. أقامت معاهدة جاي علاقاتٍ تجارية سلمية مع بريطانيا، لكنها أثارت حُنق جفرسون وألحقت أضرارًا بفرنسا. تنظّم أتباع هاملتون في الحزب الفيدرالي بينما تنظّم أنصار جفرسون في الحزب الديمقراطي الجمهوري. على الرغم من أن العديد ممن سعوا إلى التصديق على الدستور انضمّوا إلى الحزب الفيدرالي، إلا أن بعض مؤيّدي التصديق على الدستور، بقيادة ماديسون، أصبحوا أعضاءً في الحزب الجمهوري الديمقراطي. خاض الحزب الفيدرالي والحزب الديمقراطي الجمهوري الانتخابات الرئاسية عام 1796، ليخرج الفيدرالي آدمز من الانتخابات منتصرًا. من عام 1798 إلى 1800، انخرطت الولايات المتحدة في شبه الحرب مع فرنسا، واحتشد الكثير من الأميركيين حول آدمز. في أعقاب هذه التوتّرات في السياسة الخارجية، فرض الفيدراليون «قوانين العصيان والأجانب» لقمع المعارضين وجعلوا من الصعب على المهاجرين أن يصبحوا مواطنين أمريكيين. يجادل المؤرّخ كارول بيركين بأن الفيدراليين نجحوا في تقوية الحكومة الوطنية، دون إثارة مخاوف من الاستبداد.[2]

تبنّى الفيدراليون رؤيةً شبه أرستقراطية ونخبوية لم تكن تحظى بشعبية لدى معظم الأميركيين خارج الطبقة المتوسطة. جذبت رؤية جيفرسون للمساواة المزارعين والحضريين من الطبقة المتوسّطة على حدٍّ سواء، واستخدم الحزب عند التحضير لحملته أساليبًا استطاعت حشد جميع فئات المجتمع حوله. على الرغم من أن الفيدراليين حافظوا على قوّتهم في نيو إنجلاند وأجزاء أخرى من الشمال الشرقي، إلا أن الجمهوريين الديمقراطيين سيطروا على الجنوب والغرب وأصبحوا الحزب الأكثر نجاحًا في معظم الشمال الشرقي من البلاد. في انتخابات عام 1800، انتصر جيفرسون على آدمز في الانتخابات الرئاسية، وسيطر الجمهوريون الديمقراطيون على الكونغرس. أشار جيفرسون بدقة إلى الانتخابات على أنّها «ثورة عام 1800»، حيث أصبحت ديمقراطية جيفرسون هي التي تسود البلاد في العقود التالية. شهِد الفيدراليون انتعاشًا قصيرًا خلال حرب عام 1812، ولكن سرعان ما انهاروا بعد الحرب. على الرغم من أفول الحزب الفيدرالي، فإن العديد من المؤسسات والهياكل التي أنشأها الحزب ستصمد، وستؤثّر سياسات هاملتون الاقتصادية على أجيال من الزعماء السياسيين الأمريكيين.[3]

بدء عصر الفيدرالية

للحصول على دليلٍ زمني لهذا الموضوع، ألقِ نظرةً على الجدول الزمني لصياغة دستور الولايات المتحدة والتصديق عليه. أُجريت صياغة دستور الولايات المتحدة في اتفاقية فيلادلفيا لعام 1787 وصدقّت عليه الولايات في عام 1788، وبدأ سريانه في عام 1789. خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، عملت الولايات المتحدة بموجب وثائق الكونفدرالية، والتي كانت في الأساس معاهدة لثلاث عشرة دولة ذات سيادة. أقنعت تحديّات السياسة الداخلية والخارجية الكثيرين في الولايات المتحدة بالحاجة إلى دستورٍ جديد ينصّ على تشكيل حكومةٍ وطنية أقوى. أُطلق على أنصار التصديق على الدستور «الفدراليين»، بينما كان يُطلق على المعارضين للتصديق «المناهضين للفدراليين». المشكلة الآنيّة التي واجهها الفيدراليون لم تكن تتجلّى في مشكلة قبول الدستور وحسب، بل كانت المشكلة الجوهرية هي شرعية الحكومة الجمهورية الجديدة. مع أخذ هذا التحدي في الحسبان، كانت الحكومة الوطنية الجديدة بحاجة إلى التصرّف حيال فكرة أن كل قانون يجري تنفيذه لأول مرة، وبالتالي سيكون له أهمية كبيرة وينظر إليه على غرار الآثار الرمزية والعملية. أعادت الانتخابات الأولى لكونغرس الولايات المتحدة الجديد الأغلبية الفدرالية الكثيفة. ونصّب المجمع الانتخابي جورج واشنطن، الذي ترأس اجتماع فيلادلفيا، بالإجماع كأول رئيسٍ للولايات المتحدة.[4][5][6]

عارضت الحركة المناهضة للفدراليين مشروع الدستور في المقام الأول لأنه يفتقر إلى وثيقة الحقوق. اعترضت على الحكومة المركزية النافذة الجديدة، وفقدان مكانة الولايات، ونظروا إلى الدستور باعتباره تهديدًا محتملًا للحرّيّات الشخصية. خلال عملية التصديق، أظهر المناهضون للفدراليين معارضًة شديدة في جميع الولايات باستثناء ثلاث ولايات. كانت العقبة الرئيسية أمام المناهضين للفدراليين، وفقًا لكتاب إيلكينز وماكيتريك «عصر الفيدرالية»، هي أن أنصار التصديق على الدستور قد التزموا التزامًا راسخًا، وكانوا أكثر حرصًا، وتغلّبوا على المعارضة الأقلّ نشاطًا. أقدم المناهضون للفدراليين على منع التصديق مؤقتًا في ولايتين، كارولينا الشمالية ورود آيلاند، لكن كلتا الولايتين صدّقتا على الدستور بعد عام 1788.[7]

المراجع

  1. Gordon S. Wood, Empire of liberty: a history of the early Republic, 1789–1815 (2009) pp 1–52.
  2. Elana Krischer. "Review of Berkin, Carol, A Sovereign People: The Crises of the 1790s and the Birth of American Nationalism". H-War, H-Net Reviews. March, 2019. URL: http://www.h-net.org/reviews/showrev.php?id=53201
  3. Peter S. Onuf, Jan Lewis, and James P.P. Horn, eds. The Revolution of 1800: Democracy, Race, and the New Republic (U of Virginia Press, 2002).
  4. Wood, pp. 7-8
  5. Elkins and McKitrick, 33-34.
  6. Stanley Elkins and Eric McKitrick, The Age of Federalism (1993), 32-33.
  7. Elkins and McKitrick, 32-
    • بوابة الولايات المتحدة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.