الحد من الفقر

الحد من الفقر، أو التخفيف من حدّة الفقر، هو مجموعة من التدابير الاقتصادية منها والإنسانية، بهدف إخراج الناس من الفقر بشكل دائم.

تساعد تكنولوجبا المعلومات والاتصالات أغراض التنمية في مكافحة الفقر. يتم شحن الهاتف المحمول من بطارية السيارة في أوغندا.

إن التدابير، كتلك التي يروج لها هنري جورج في كتابه "التقدّم والفقر"، الاقتصادي الكلاسيكي، هي تلك التي تثير أو تهدف إلى إثارة سبل تمكين الفقراء من خلق ثروة لأنفسهم كوسيلة لإنهاء الفقر إلى الأبد. في العصر الحديث، يقترح خبراء اقتصاديّون مختلفون داخل الحركة الجورجيّة، تدابير مثل ضريبة قيمة الأرض لتعزيز الوصول إلى العالم الطبيعي للجميع. الفقر يحدث في كل من البلدان النامية، ويتخذ كلا النوعين من البلدان تدابير للحد من الفقر.

لقد تمّ قبول الفقر تاريخيّاً في بعض أجزاء العالم على أنّه أمر لا مفرّ منه حيث أنّ الاقتصادات غير الصناعيّة لم تنتج إلا القليل جدّاً بنفس الوقت الذي ازداد فيه عدد السكّان بسرعة كبيرة، مما جعل الثروة شحيحة.[1]

كتب جيفري باركر:

«في أنتويرب وليون، وهما اثنتان من أكبر المدن في أوروبا الغربيّة، بحلول عام 1600 كان ثلاثة أرباع مجموع السكّان فقراء لدرجة لا تسمح بدفع الضرائب، وبالتالي من المحتمل أن يحتاجوا إلى الإغاثة في أوقات الأزمات"[2]

يتم الحدّ من الفقر بشكل كبير نتيجةً للنمو الاقتصادي العام.[3][4] كان نقص الغذاء شائعاً قبل التكنولوجيا الزراعيّة الحديثة وفي الأماكن التي تفتقر إليها اليوم، مثل الأسمدة النيتروجينية والمبيدات وأساليب الري.[5][6] أدّى فجر الثورة الصناعيّة إلى نمو اقتصادي عالٍ، والقضاء على الفقر الجماعي في ما يعتبر الآن العالم المتقدّم الناتج المحلّي الإجمالي العالمي للفرد الواحد خلال القرن العشرين. في عام 1820، كان 75% من البشر يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم، بينما في عام 2001، انخفضت النسبة إلى 20%.[3]

اليوم، التنمية الاقتصادية المستمرّة مقيّدة بسبب الافتقار إلى الحرّيات الاقتصاديّة. يتطلّب التحرير الاقتصادي توسيع حقوق الملكيّة للفقراء، وخاصةً الأراضي.[7] يمكن توفير الخدمات المالية، لاسيّما المدّخرات للفقراء، من خلال التكنولوجيا، مثل الخدمات المصرفيّة عبر الهاتف المحمول.[8][9] المؤسّسات غير الفعّالة، والفساد، وعدم الاستقرار السياسي يمكن أيضاً أن تكون سبباً في تثبيط الاستثمارات. يساعد الدعم الحكومي في الصحّة والتعليم والبنية التحتيّة، كما يساعد في النمو والازدهار من خلال زيادة رأس المال البشري والمادّي.[4]

ينطوي تخفيف الفقر أيضاً على تحسين الظروف المعيشيّة للأشخاص الفقراء أصلاً. المساعدات، لاسيّما في المجالات الطبيّة والعلميّة، أمر أساسي في توفير حياة أفضل، مثل الثورة الخضراء والقضاء على الجدري.[10][11] تشمل المشاكل المتعلّقة بالمعونة الإنمائيّة الحاليّة نسبة عالية من المعونات المحدودة التي تفرض على الدول شراء منتجات غالباً تكون غالية الثمن ومصدرها حصراً البلدان المانحة لهذه المعونات.[12]

التحرير الاقتصادي

ادّعى بعض المعلّقين أنّه بسبب التحرّر الاقتصادي، فإن الفقر في العالم سيأخذ في الارتفاع بدلاً من الانخفاض.[13] والبيانات التي يقدّمها البنك الدولي، والتي تظهر أن الفقر في تناقص، هي بيانات معيبة.[14][15][16][17] كما يجادلون بأن توسيع حماية حقوق الملكيّة للفقراء هو واحد من أهم استراتيجيّات الحدّ من الفقر التي يمكن لأية دولة أن تنقذها. تأمين حقوق الملكيّة للأراضي الذي هو أكبر رصيد لمعظم المجتمعات، أمر حيويّ لحريّتهم الاقتصاديّة [3][11]. يخلص البنك الدولي إلى أن زيادة حقوق الأراضي هي "مفتاح الحد من الفقر"، مشيرة إلى أن حقوق الأراضي تزيد إلى حد كبير من من ثروة الفقراء، وفي بعض الحالات تضاعفها.[18]

تشير التقديرات إلى أن اعتراف الدولة بممتلكات الفقراء سيعطيهم ثروات أكبر ب40 مرة من المعونات الأجنبيّة منذ عام 1945. على الرغم من اختلاف النهج، قال البنك الدولي أن القضايا الرئيسيّة هي ضمان الحيازة وضمان كون معاملات الأراضي منخفضة التكاليف.[3][4] في الصين والهند شهدت تخفيضات ملحوظة في الفقر في العقود الأخيرة في الغالب نتيجة التخلّي عن الزراعة الجماعيّة في الصين وقطع الروتين الحكومي في الهند.[3]

رأس المال والبنية التحتيّة والتكنولوجيا

يتحقق النمو الاقتصادي على المدى الطويل لكل شخص من خلال زيادة رأس المال (العوامل التي تزيد الإنتاجيّة)، سواء البشريّة أو المادّيّة، والتكنولوجيا. هناك حاجة إلى تحسين رأس المال البشريّ، على شكل الصحّة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي. الأمم لا تحتاج بالضرورة إلى ثروة من أجل الحصول على صحة جيّدة.[19][20] على سبيل المثال، كان معدّل وفيّات الأمّهات في سيريلانكا 2% في ثلاثينيّات القرن العشرين، أي أعلى من أي دولة اليوم [32]. تم تخفيض النسبة إلى 0.5-0.6% في خمسينات القرن الماضي. مع ذلك يتم تقليل الإنفاق على صحة الأمهات في كل عام أكثر من العام الذي يسبقه، لأنه تم معرفة الطرق الناجحة والطرق غير الناجحة في هذا المجال.[21]

التوظيف والإنتاجيّة

النمو الاقتصادي لديه القدرة غير المباشرة للتخفيف من حدّة الفقر، نتيجة للزيادات المتزامنة في فرص العمل وإنتاجيّة العمالة. وجدت دراسة قام بها الباحثون بمعهد ما وراء البحار للتنمية في 24 دولة شهدت نموّاً اقتصاديّاً، تم تخفيف الفقر في 18 دولة منها. ومع ذلك، فإن العمالة ليست ضمانة للهروب من الفقر، وتشير تقديرات منظمّة العمل الدوليّة إلى أن ما يصل إلى 40% من العمال هم فقراء، ولا يكسبون ما يكفي لإبقاء عائلاتهم فوق خط الفقر الذي يبلغ دولارين في اليوم. على سبيل المثال، في الهند معظم الفقراء هم من العمال، لأن وظائفهم غير آمنة ومنخفضة الدخل ولا تقدّم أي فرصة لتجميع الثروة من أجل تجنب المخاطر والفقر.[22]

النمو مقابل تدخّل الدولة

نظرت مقالة بحثيّة للبنك الدولي عام 2012 بعنوان "منظور مقارن للحد من الفقر في البرازيل والصين والهند" في استراتيجيّات الدّول الثلاث وتحدّياتها ونجاحاتها النسبيّة. وخلال فترات الإصلاح، خفّض هؤلاء الثلاثة معدّلات الفقر لديهم ولكن من خلال مزيج مختلف من الطرق. استخدم التقرير خطّ فقرٍ موحّد قدره 1.29 دولار أمريكي للشخص الواحد في اليوم، عند شراء القدرة التكافليّة للاستهلاك في عام 2008. باستخدام هذا المقياس وتقييم الفترة بين عامي1981 و2005، انخفض معدّل الفقر في الصين من 84% إلى 18%؛ في الهند من 80% إلى 42%؛ وفي البرازيل من 17% إلى 8%. [23]

العمل معاً لإنهاء الفقر مسمار واحد في كل مرّة، "تي شيرت الذكرى السنويّة الخمسين للمسيرة في واشنطن من أجل الوظائف والحرّيّة". دور التعليم وبناء المهارات كسلف للتنمية الاقتصادية

التعليم العام العالمي له دور في إعداد الشباب للمهارات الأكاديميّة الأساسيّة وربّما العديد من المهارات التجاريّة. من الواضح أن التلمذة الصناعيّة تبني المهارات التجاريّة اللازمة. إذا كان من الممكن الجمع بين كميّات متواضعة من النقد والأرض مع قدر من المهارات الزراعيّة في مناخ معتدل، فإن الكفاف يمكن أن يفسح الطريق أمام ثروة اجتماعيّة متواضعة. كما يسمح تعليم المرأة بتقليص حجم الأسرة- وهو حدث هام للحد من الفقر بحدّ ذاته. في حين أن جميع المكوّنات المذكورة أعلاه ضروريّة، فإن جزء من التعليم يتعلّق بمجموعة متنوّعة من المهارات اللازمة لبناء وصيانة البنية التحتيّة لمجنمع نامٍ (ناجٍ من الفقر) كالبناء والتجارة والسباكة والكهرباء، بالإضافة إلى المهارات الميكانيكيّة.

تمكين المرأة

لقد أصبح تمكين المرأة مؤخّراً مجالاً هامّاً فيما يتعلّق بالتنمية والاقتصاد؛ ومع ذلك، غالباً ينظر إليه على أنّه موضوع يتناول فقط عدم المساواة بين الجنسين. ولأن النساء والرجال يعانون من الفقر بشكل مختلف، فإنّهم يحتفظون بأولويّات مختلفة للحدّ من الفقر، ويتأثّرون بشكل مختلف بالتدخّلات الإنمائيّة واستراتيجيّات الحدّ من الفقر.[24] واستجابةً للظاهرة الاجتماعيّة المعروفة باسم تأنيث الفقر، بدأت السياسة الرامية إلى الحدّ من الفقر تتناول النساء الفقيرات بشكل منفصل عن الرجال الفقراء.[25] وبالإضافة إلى إثارة التدّخلات المتعلّقة بالفقر، فقد أوضحت البحوث التي أجراها البنك الدولي وجود علاقة بين زيادة المساواة بين الجنسين وزيادة الحدّ من الفقر والنمو الاقتصادي، مما يوحي بأنّ تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال تمكين المرأة يمثّل استراتيجيّة ذات أهميّة نوعيّة للحدّ من الفقر.[26]

المراجع

  1. "Under traditional (i.e., non-industrialized) modes of economic production, widespread poverty had been accepted as inevitable. The total output of goods and services, even if equally distributed, would still have been insufficient to give the entire population a right to an adequate standard of living by prevailing standards. With the economic productivity that resulted from industrialization, however, this ceased to be the case" موسوعة بريتانيكا, "Poverty"
  2. جيوفري باركر (2001). "Europe in crisis, 1598–1648". Wiley–Blackwell. p.11. (ردمك 0-631-22028-3) نسخة محفوظة 19 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  3. "Ending Mass Poverty" by Ian Vásquez, معهد كاتو, September 4, 2001 نسخة محفوظة 04 نوفمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  4. Krugman, Paul, and Robin Wells. Macroeconomics. 2. New York City: Worth Publishers, 2009. Print.
  5. Forgotten benefactor of humanity نسخة محفوظة 4 يناير 2010 على موقع واي باك مشين.
  6. "Ethical Man blog: Is the green movement part of the problem?". BCC. مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "Business – Land rights 'help fight poverty'". BBC News. مؤرشف من الأصل في 16 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Microfinance’s next step: deposits نسخة محفوظة 26 أغسطس 2013 على موقع واي باك مشين.
  9. Africa’s mobile banking revolution نسخة محفوظة 28 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  10. How to spread democracy نسخة محفوظة 22 أبريل 2009 على موقع واي باك مشين.
  11. "Science/Nature – Why aid does work". BBC News. مؤرشف من الأصل في 25 مايو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "News and Views from the Global South". Inter Press Service. مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. "Global inequality may be much worse than we think", The Guardian, April 8, 2016 نسخة محفوظة 13 يناير 2019 على موقع واي باك مشين.
  14. (PDF) https://web.archive.org/web/20170517111651/http://courses.arch.vt.edu/courses/wdunaway/gia5524/edward06.pdf. مؤرشف من الأصل (PDF) في 17 مايو 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); مفقود أو فارغ |title= (مساعدة)
  15. "Banco Mundial: ¿Una disminución de la pobreza en el mundo?". 17 March 2012. مؤرشف من الأصل في 8 فبراير 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. "World bank poverty figures: what do they mean?". Share The World's Resources (STWR). مؤرشف من الأصل في 16 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. (PDF) https://web.archive.org/web/20170304192828/http://www.anwarshaikhecon.org/sortable/images/docs/publications/international_trade/2007/1-Shaikh%20-%20Globalization%20and%20the%20Myths%20of%20Free%20Trade%20(Introduction).pdf. مؤرشف من الأصل (PDF) في 4 مارس 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); مفقود أو فارغ |title= (مساعدة)
  18. "Can aid bring an end to poverty?". BBC News: Africa. مؤرشف من الأصل في 2 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. Dugger, Celia W. (2 December 2007). "Ending Famine, Simply by Ignoring the Experts". مؤرشف من الأصل في 11 فبراير 2019 عبر NYTimes.com. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  20. "Market access". مؤرشف من الأصل في 25 سبتمبر 2013. اطلع عليه بتاريخ 14 يوليو 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  21. "The aid workers who really help". 8 October 2009. مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2010 عبر The Economist. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  22. Muscat, Robert J. 1994. The Fifth Tiger: A Study of Thai Development. Armonk, NY: M.E. Sharpe.
  23. Millions mark UN hand washing day نسخة محفوظة 9 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  24. Kristof, Nicholas D. (20 November 2009). "How Can We Help the World's Poor?". مؤرشف من الأصل في 9 فبراير 2019 عبر NYTimes.com. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  25. "Home". BBC News. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  26. Baldauf, Scott (23 February 2007). "Market approach recasts often-hungry Ethiopia as potential bread basket". مؤرشف من الأصل في 21 سبتمبر 2017 عبر Christian Science Monitor. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة أفريقيا
    • بوابة تنمية مستدامة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.