التعديل الثالث عشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية

ألغى التعديل الثالث عشر في دستور الولايات المتحدة الأمريكية العبودية والاسترقاق الجبري، إلا ما يُطبق منها كعقوبة على الجرائم. في الكونغرس الأمريكي، أقر مجلس الشيوخ هذا التعديل في الثامن من أبريل/نيسان عام 1864، ومجلس النواب في الحادي والثلاثين من شهر يناير/كانون الثاني عام 1865. صُدّق التعديل بعد وصول عدد الولايات الموافقة إلى الحد الكافي في السادس من ديسمبر/كانون الأول عام 1865. وفي الثامن عشر من ديسمبر عام 1865، أعلن وزير الخارجية الأميركي ويليام إتش. سيوارد تبني تلك التعديلات. كان التعديل الثالث عشر واحداً من التعديلات الثلاثة الأولى ضمن تعديلات إعادة الإعمار المُدخلة عقب الحرب الأهلية الأمريكية.

قُسّمت الولايات الأمريكية بعد الثورة إلى ولايات شرّعت العبودية وأخرى أبطلتها. كانت العبودية مباحة ضمنياً في الدستور الأصلي، كما ورد في الفقرة I البند 2 المادة 3، والمعروفة بـ “تسوية الثلاثة أخماس”، والتي أخذت بعين الاعتبار تعداد العبيد من السكان، في كل ولاية من الولايات التي تبيح العبودية، بالنسبة لمجموع السكان في الولاية بهدف توزيع المقاعد في مجلس النواب وتوزيع الضرائب المباشرة بين الولايات. منح الرئيس أبراهام لينكولن الحرية للكثير من العبيد في عام 1863 عندما صدر إعلان تحرير العبيد، لكن وضْعَهُم بعد الحرب مثّل إشكالية كبيرة. في الثامن من أبريل نيسان عام 1864، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي تعديلاً لإلغاء العبودية. وبعد مناورة تشريعية من إدارة لينكولن وجلسة تصويت غير ناجحة، أقر مجلس النواب التعديل أيضاً في الحادي والثلاثين من عام 1865. صادقت أغلب الولايات الشمالية على هذا الإجراء بسرعة، بالإضافة إلى عدد كافٍ من الولايات الحدودية حتى وفاة لينكولن، فجاءت الموافقة من الرئيس أندرو جونسون، والذي شجّع الولايات الجنوبية –التي تحسّنت بفضل إعادة الإعمار –كألاباما ونورث كارولاينا وجورجيا على الموافقة. وهكذا وصل عدد الولايات المؤيدة إلى 27، فتمّ إقرار التعديل قبل نهاية العام 1865.

ألغى التعديل العبودية رسمياً في كامل الولايات المتحدة، لكن بعض العوامل أدت إلى تعرّض بعض الأمريكيين السود إلى العمالة الجبرية، وتحديداً في الجنوب الأمريكي، ومن هذه العوامل: “قوانين السود” وجماعات تفوّق البيض والعنف الناجم عنها والتطبيق الانتقائي للقوانين. وعلى عكس تعديلات إعادة الإعمار الأخرى، لم يُستشهد بالتعديل الثالث عشر إلا نادراً في القضايا الأخيرة، لكنه استُخدم لمحاربة العمالة الجبرية (أو السُخرة) والاضطهاد على الأساس العرقي. يتيح التعديل الثالث عشر للكونغرس إقرار تشريعاتٍ لمحاربة الاتجار بالجنس والأشكال الأخرى للعبودية.

العبودية في الولايات المتحدة

كانت العبودية موجودة وحاضرة في المستعمرات الثلاث عشرة البريطانية في أمريكا الشمالية. ولم تندرج كلمات كالعبودية أو العبد في دستور الولايات المتحدة قبل التعديل الثالث عشر، لكنه احتوى على عددٍ من البنود التي تتعلق بالأفراد غير الأحرار. خصصت تسوية الثلاث أخماس، الفقرة I البند 2 المادة 3 من الدستور، التمثيل في مجلسي الشيوخ والنواب ليصبح على أساس “العدد الكامل للأفراد الأحرار” و”ثلاثة أخماس عدد جميع الأفراد”.[1] كانت هذه المادة بمثابة تسوية بين سُكان الجنوب الذي رغبوا بإدراج العبيد ضمن مصطلح “أفراد” من أجل التمثيل النيابي، وسكان الشمال الذين رفضوا هذه المطالب لأنها تمنح الجنوب الكثير من السلطة، وذلك لأن التمثيل في الكونغرس الجديد سيكون مبنياً على أساس التعداد لا على مبدأ “صوت واحد لولاية واحدة” الذي كان قائماً في المؤتمر القاري سابقاً. وفقاً لأحكام العبد المُلاحق، الفقرة الرابعة، البند 2، المادة 3، فلا يصبح العبد العامل في ولاية ما حراً إذا هرب إلى ولاية أخرى. سمحت الفقرة الأولى، البند 9، المادة 1 للكونغرس بإقرار تشريعٍ يحرّم “استيراد الأفراد”، ولكن الموافقة لم تأت حتى عام 1808.[2] ولكن وفقاً للتعديل الخامس، “لا يُحرم أي شخصٍ من حقه في الحياة والحرية والملكية بدون أمر قضائي واجب النفاذ”، اعتُبر العبيد ملكية خاصة وفق القانون.[3]

بين عامي 1777 و1804، وتأثراً بفلسفة إعلان الاستقلال، دعت الولايات الشمالية إلى الإلغاء الفوري أو التدريجي للعبودية. كان معظم العبيد في الولايات الشمالية يعملون خدماً في المنازل، ولم تقم أي ولاية شمالية بتطبيق هذا القرار، واستمر تعداد السكان من العبيد في الشمال بالنمو، حيث وصل لنحو 4 ملايين نسمة في العام 1861. برزت حركة مناهضة للعبودية في الشمال ترأستها شخصيات مثل ويليام لويد غاريسون، ودعت إلى إلغاء العبودية في وإزالة التوترات بين الشمال والجنوب.[4]

التأثير

ظهر تأثير إلغاء العبودية بشكل سريع. وعندما دخل التعديل الثالث عشر حيّز التنفيذ، اتسع مجال إعلان تحرير العبيد الذي وضعه لينكولن ليشمل الأمة بأكملها. أُعتق معظم العبيد في ولاية كنتاكي، لكن بقي نحو 65 ألف إلى 100 ألف شخصٍ بانتظار تحريرهم بشكل قانوني عندما يسري مفعول التعديل في الثامن عشر من ديسمبر. في دالاوير، حيث هرب عددٌ كبير من العبيد خلال الحرب، أصبح 900 شخص أحراراً بشكل قانوني.[5]

ألغى التعديل الثالث عشر مادة العبد المُلاحق وتسوية الثلاث أخماس، بالإضافة طبعاً إلى إبطال العبودية وحظر الخدمة غير الطوعية، عدا العقوبات المفروضة على مرتكبي الجرائم. في الدستور السابق، كان سكان الولاية يندرجون تحت “الأفراد الأحرار” وثلاث أخماس “الأفراد الآخرين” (كالعبيد مثلاً) وسكان أميريكا الأصليين المعفيين من الضرائب. تطلب هذا البند إحصاء تعداد ثلث أخماس العبيد في الولاية لأسبابٍ تتعلق بتوزيع المقاعد في مجلس النواب والضرائب في الولايات. أدت هذه التسوية إلى تزايد القوة السياسية للولايات التي تحوي عبيداً جرّاء ازدياد حصتهم من المقاعد في مجلس النواب، وبالتالي حصتهم في المجمع الانتخابي (حيث يرتبط تأثير الولاية على انتخاب الرئيس بحجم تمثيلها النيابي في الكونغرس).[6]

ازداد قلق الجمهوريين في الكونغرس من احتمال تزايد تمثيل الولايات الجنوبية الديموقراطية جراء هذا التعديل، حتى عندما كان التعديل ضمن عملية التصديق. حيث سيتم احتساب أصوات العبيد المُحررين بشكل كاملٍ بدلاً من احتسابها وفقاً لتسوية الثلاث أخماس، وبالتالي ستزداد سلطة الولايات الجنوبية بشكل كبيرٍ في مجلس النواب القائم أساساً على أصوات الناخبين. كان الجمهوريون يأملون بوضع حدٍّ لهذا الأمر عن طريق الحصول على أصوات السكان السود المُحررون جديداً.

التغير السياسي والاقتصادي في الجنوب

سمح التعديل بالعمل القسري إذا كان على شكل عقوبةٍ تُفرض على المجرمين، لذا ردت الولايات الجنوبية على ما وصفه المؤرخ دوغلاس آ. بلاكمون “مجموعة من القوانين الهادفة بشكل أساسي إلى تجريم حياة السود”. عُرفت تلك القوانين، التي تم إقرارها أو تحديثها بعد إعتاق العبيد، باسم “قوانين السود”. كانت ولاية مسيسيبي أول ولاية تُقر تلك القوانين. فرض القانون في مسيسيبي على العمال السود توقيع عقود مع المزارعين البيض في الأول من يناير/كانون الثاني من كل عام، أو سيواجهون عقوبة التشرد. وقد يتعرض السود للعمل القسري جرّاء ارتكاب جرائم كالسرقة الطفيفة واستخدام لغة بذيئة أو بيع القطن بعد الغروب. أقرت الولايات قوانيناً جديدة وصارمة بخصوص التشرد وطبقتها على السود غير الخاضعين لحماية البيض. تم بيع هؤلاء المدانين لاحقاً إلى المزارع والمعامل ومعسكرات الخشب والمعادن والمناجم.[7][8]

المراجع

  1. Jean Allain (2012). The Legal Understanding of Slavery: From the Historical to the Contemporary. Oxford University Press. صفحة 117. ISBN 9780199660469. مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Jean Allain (2012). The Legal Understanding of Slavery: From the Historical to the Contemporary. Oxford University Press. صفحات 119–120. ISBN 9780199660469. مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Tsesis, The Thirteenth Amendment and American Freedom (2004), p. 14.
  4. التعديل الثالث عشر في دستور الولايات المتحدة الأمريكية, pp. 20–22
  5. التعديل الثالث عشر في دستور الولايات المتحدة الأمريكية, p. 123
  6. التعديل الثالث عشر في دستور الولايات المتحدة الأمريكية, p. 59
  7. Leonard L. Richards, Who Freed the Slaves?: The Fight over the Thirteenth Amendment (2015) excerpt نسخة محفوظة 4 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  8. "James Ashley". Ohio History Central. Ohio Historical Society. مؤرشف من الأصل في 5 مارس 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة التاريخ
    • بوابة القانون
    • بوابة الولايات المتحدة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.