نظرية مؤامرة منشأ الإيدز من اللقاح الفموي لشلل الأطفال

تفترض نظرية مؤامرة منشأ الإيدز من اللقاح الفموي لشلل الأطفال أن جائحة الإيدز أتت من اللقاح الحي لشلل الأطفال الذي حُضّر في وسط أنسجة الشامبانزي وأُعطي إلى ما يقارب مليون أفريقي بين عامي 1957 و1960 في حملة تطعيم أو تلقيح جموعي تجريبي.

تناقض البيانات التحليلية في البيولوجيا الجزيئية ودراسات علم الوراثة العرقي فرضية منشأ الإيدز من اللقاح الفموي لشلل الأطفال، بناءً على ذلك هناك إجماع علمي فيما يخص الفرضية أنها غير ثبتة.[1][2][3][4] وصفت دورية  نيتشر الفرضية على أنها «مدحوضة».[5]

خلفية حول لقاحات شلل الأطفال

استُخدم لقاحان حول العالم للتغلب على شلل الأطفال. يُعد لقاح شلل الأطفال الأول الذي طوّره جوناس سولك لقاح شلل أطفال غير مفعّل (IPV)، يحوي على مزيج من ثلاث سلالات حادة ومثارة من الفيروسة السنجابية (فيروس شلل الأطفال)، نُمّيت في مزرعة أحد أنماط نسج كلية القرد (خط خلية فيرو)، وعولجت بالفورمالين لجعلها غير معدية. أما اللقاح الثاني، اللقاح الفموي لشلل الأطفال (OPV)، هو لقاح مهون حي، أنتج من خلال تمرير الفيروس في خط خلوي غير بشري عند درجة حرارة تحت وظيفية. ينتج عن تمرير الفيروس طفرات في الجينوم الفيروسي، فتعوّق قدرة الفيروس على إعداء النسج العصبية. [6]

استُخدم كلا اللقاحين على مدى عقود لتحفيز مناعة تجاه الفيروس ومن أجل وقف انتشار العدوى. من ناحية أخرى، للقاح الفموي لشلل الأطفال العديد من المنافع، لأن اللقاح يُطبق في السبيل الهضمي، لذا يحاكي على وجه قريب العدوى الطبيعية، ويؤمن اللقاح الفموي لشلل الأطفال مناعة طويلة الأمد، ويُحفّز إنتاج الأجسام المضادة المعدّلة للفيروس في البلعوم والأحشاء.[7] لذا لا يمنع اللقاح الفموي لشلل الأطفال المرض فحسب، وإنما عند إعطائه بالجرعات الكافية، بإمكانه أن يوقف وقوع الوباء المهدد. تتضمن المنافع الأخرى للقاح الفموي لشلل الأطفال سهولة الإعطاء والكلفة المنخفضة وملاءمته لحملات التطعيم أو التلقيح الجموعي.

اللقاح الفموي لشلل الأطفال

طوّرت العديد من المجموعات اللقاح الفموي لشلل الأطفال في أواخر خمسينيات القرن الماضي، من بينها المجموعات التي قادها كل من ألبرت سابين وهيلاري كوبروفسكي وهيرالد ريا كوكس. وُثّق استخدام سلالة الفيروسة السنجانبية من النمط الأول التي تُدعى SM في عام 1954. وثق كوبروفسكي استخدام شكل أقل خباثة من السلالة SM عام 1957. كان اسم سلالة اللقاح «تشات» نسبةً إلى «تشارلتون» وهو اسم طفل تبرع بعينات حاملة للفيروسات السلفية. اختُبرت لقاحات كل من سابين وكوبروفسكي وكوكس سريريًا على الملايين من الأفراد ووُجد أنها آمنة وفعالة. وبسبب ظهور تأثيرات جانبية أقل في التجارب على القردة عند اختبار لقاح سابين في مطالع ستينيات القرن العشرين، رُخّص لقاحه في الولايات المتحدة الأمريكية ودعمته منظمة الصحة العالمية. [8]

بين عامي 1957 و1960، أُعطي لقاح كوبروفسكي لما يقارب مليون شخص على الأراضي البلجيكية، التي هي حاليًا جمهورية الكونغو الديمقراطية وراوندا وبوروندي.[9] في عام 1960، كتب كوبروفسكي في الصحيفة البريطانية الطبية:

«توسعت تجارب الكونغو البلجيكية بشكل واسع. تقوم العديد من حملات التلقيح المتزايدة في العديد من مقاطعات الكونغو البلجيكية برفع عدد الأفراد المتلقين للقاح وزيادتهم إلى الملايين».

نشر أيضًا كوبروفسكي ومجموعته سلسلة من التقارير التفصيلية حول تلقيح 76,000 طفل دون خمس السنوات (بالإضافة إلى البالغين الأوروبيين) في منطقة ليوبولدفيل (كينشاسا حاليًا) في كونغو البلجيكية بين عامي 1958 و1960. بدأت هذه التقارير بنظرة عامة إلى جانب مراجعة لأمان اللقاح وفعاليته،[10][11] ثم تقرير متابع على مدار 21 شهر وتقرير نهائي.[12]

تطور الفرضية

في عام 1987، تواصل بلين إلسوود مع الصحفي توم كورتيز بشأن «القصة القنبلة» حول اللقاح الفموي لشلل الأطفال ومرض الإيدز. نشر كورتيز مقالًا حول الفرضية في مجلة رولينغ ستون في عام 1992.[13] قاضى هيلاري كوبروفسكي المجلة والصحفي توم كورتيز ردًّا على ذلك بدعوى التشهير. نشرت المجلة توضيحًا أشاد بكوبروفسكي ومفاده:

«يرغب محررو مجلة رولينغ ستون التوضيح أنهم لم يقصدوا قط في هذه المقالة اقتراح وجود أي دليل علمي، بل وليس لديهم أي دليل علمي أن الدكتور كوبروفسكي، العالم البارز، كان في الواقع مسؤولًا عن إدخال الإيدز إلى المجتمع الإنساني أو أنه والد الإيدز»

فُرض على مجلة رولينغ ستون دفع دولار أمريكي واحد على الأضرار، في حين تكبّدت 500,000 دولار أمريكي كرسوم قانونية للدفاع عن القضية.[14]

اعتقد بعض العلماء، بشكل بارز عالم الأحياء دبليو. دي. هاملتون، أن الفرضية بحاجة إلى سلسلة من التحريات، إلا أنهم لم يلقَوا إلا القليل من الدعم من المجتمع العلمي.

استفاض الصحفي إدوارد هوبر بشرح الفرضية في كتابه النهر الذي نُشر عام 1999. ثم توسع هوبر أكثر في ادعاءاته ضمن اجتماع عقد في الجمعية الملكية بلندن عام 2000، إلا أن هذه الادعاءات دحضتها لاحقًا مجموعة من العلماء الذين حضروا الاجتماع.[15] في عام 2001، رد كوبروفسكي لاحقًا بإنشاء دحض مفصل للنقاط المذكورة في الكتاب والحوار الذي دار في الجمعية الملكية.[16] في عام 2004، عُرض منشأ الإيدز، وثائقي فرنسي داعم لفرضية اللقاح الفموي لشلل الأطفال، على العديد من المحطات التلفزيونية حول العالم. [17]

في عام 2003، نشر هوبر تصريحات إضافية دعمت فرضيته في مقال في مجلة لندن ريفيو أوف بوكس. وشمل ذلك روايات من مقابلة مع جاك كانياما، هو فنيّ في مخبر فيروسات في ستانليفيل (المختبر الطبي في ستانليفيل (LMS)) المسؤول عن اختبار لقاح «تشات» وإجراء المجموعة الأولى من عمليات التلقيح، حيث أشار إلى مراقبة بول أوسترريث إنتاج دفعات من اللقاح «تشات». علاوة على ذلك، يُقال إن فيليب إيليبي، فني في مختبر الأحياء الدقيقة، قد ذكر أن مزارع الأنسجة أُنتجت من شمبانزي ليندي. نفى أوسترريث هذه الادعاءات وذكر أن هذا العمل لم يكن ممكنًا في هذا المختبر،[18][19] قائلًا:

« لم أحاول في أي وقت من الأوقات إنتاج مزارع الخلايا من أنسجة الشمبانزي. بالإضافة إلى ذلك، أود أن أقول بشكل قاطع إنه لم يُنتج أي لقاح لشلل الأطفال أو بالإمكان إنتاجه في ستانليفيل، نظرًا إلى أن الوسائل لم تكن كافية تمامًا لإنتاج أو مراقبة اللقاح»

المراجع

  1. Origin of Human Immunodeficiency Virus (HIV/AIDS) مراكز مكافحة الأمراض واتقائها website, Accessed 30 January 2007 نسخة محفوظة 2008-03-07 على موقع واي باك مشين.
  2. Cohen J (2001). "AIDS origins. Disputed AIDS theory dies its final death". Science. 292 (5517): 615a–615. doi:10.1126/science.292.5517.615a. PMID 11330303. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Birmingham K (2000). "Results make a monkey of OPV-AIDS theory". Nat Med. 6 (10): 1067. doi:10.1038/80356. PMID 11017114. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Hillis DM (2000). "AIDS. Origins of HIV". Science. 288 (5472): 1757–1759. doi:10.1126/science.288.5472.1757. PMID 10877695. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. "Origin of AIDS: contaminated polio vaccine theory refuted". Nature. 428 (6985): 820. 2004. doi:10.1038/428820a. PMID 15103367. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. "Vaccine-derived polioviruses and the endgame strategy for global polio eradication". Annu Rev Microbiol. 59 (1): 587–635. 2005. doi:10.1146/annurev.micro.58.030603.123625. PMID 16153180. مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Pearce J (2004). "Salk and Sabin: poliomyelitis immunisation". J Neurol Neurosurg Psychiatry. 75 (11): 1552. doi:10.1136/jnnp.2003.028530. PMC 1738787. PMID 15489385. مؤرشف من الأصل في 11 يوليو 2009. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Furesz J (2006). "Developments in the production and quality control of poliovirus vaccines – Historical perspectives". Biologicals. 34 (2): 87–90. doi:10.1016/j.biologicals.2006.02.008. PMID 16621594. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Plotkin SA; Modlin, J. F.; Plotkin, S. A. (2001). "CHAT oral polio vaccine was not the source of human immunodeficiency virus type 1 group M for humans". Clin. Infect. Dis. 32 (7): 1068–1084. doi:10.1086/319612. PMID 11264036. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. "Vaccination with the CHAT strain of type 1 attenuated poliomyelitis virus in Leopoldville. Belgian Congo 2. Studies of the safety and efficacy of vaccination" (PDF). Bull World Health Organ. 22 (3–4): 215–34. 1960. PMID 14433516. مؤرشف من الأصل (PDF) في 6 فبراير 2012. اطلع عليه بتاريخ 30 يناير 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Koprowski H (July 1960). "Historical aspects of the development of live virus vaccine in poliomyelitis". Br Med J. 2 (5192): 85–91. doi:10.1136/bmj.2.5192.85. PMC 2096806. PMID 14410975. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "Vaccination with the CHAT strain of type 1 attenuated poliomyelitis virus in Leopoldville, Congo 3. Safety and efficacy during the first 21 months of study" (PDF). Bull World Health Organ. 24 (6): 785–92. 1961. PMC 2555526. PMID 13736381. مؤرشف من الأصل (PDF) في 6 فبراير 2012. اطلع عليه بتاريخ 30 يناير 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Curtis, Tom (19 March 1992). "The Origin of AIDS: A startling new theory attempts to answer the question, 'Was it an act of God or an act of man?" (626). رولينغ ستون. صفحات 54–9, 61, 106, 108. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Martin B (August 2003). "Investigating the origin of AIDS: some ethical dimensions". J Med Ethics. 29 (4): 253–256. doi:10.1136/jme.29.4.253. PMC 1733782. PMID 12930866. مؤرشف من الأصل في 16 نوفمبر 2006. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. "Postscript relating to new allegations made by Edward Hooper at The Royal Society Discussion Meeting on 11 September 2000". Philos. Trans. R. Soc. Lond. B Biol. Sci. 356 (1410): 825–829. 2001. doi:10.1098/rstb.2001.0875. PMC 1088472. PMID 11405926. مؤرشف من الأصل في 01 مايو 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)[وصلة مكسورة]
  16. Koprowski H (2001). "Hypotheses and facts". Philos. Trans. R. Soc. Lond. B Biol. Sci. 356 (1410): 831–833. doi:10.1098/rstb.2001.0869. PMC 1088473. PMID 11405927. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. "Les origines du SIDA". مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Osterrieth P (May 2004). "Oral polio vaccine: fact versus fiction". Vaccine. 22 (15–16): 1831–1835. doi:10.1016/j.vaccine.2004.01.028. PMID 15121291. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. Osterrieth PM (June 2001). "Vaccine could not have been prepared in Stanleyville". Philos. Trans. R. Soc. Lond. B Biol. Sci. 356 (1410): 839. doi:10.1098/rstb.2001.0872. PMC 1088475. PMID 11405929. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة أفريقيا
    • بوابة طب
    • بوابة علم الفيروسات
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.