معركة كوبنهاغن (1801)

معركة كوبنهاغن (بالدنماركية: Slaget på Reden) هي معركة بحرية، واجه فيها الأسطول البريطاني قوة كبيرة من القوات البحرية الدنماركية-النرويجية المتمركزة بالقرب من كوبنهاغن في 2 أبريل 1801.

لوحة بريشة نيكولاس بوكاك

عندما حاولت السفن البريطانية دخول الميناء، شكل الأسطول الدنماركي المتمركز في مدخل المدينة حواجز. استخدم الدنماركيون السفن الأقدم التي لم تعد صالحة للإبحار في البحر كحواجز. دافعت الدنمارك عن العاصمة من خلال هذه السفن والمعاقل على جانبي مدخل الميناء، كاستيليت، وتكرونر، ولينيتن (التي ما تزال جميعها موجودة) بالإضافة إلى كوينتوس، وسيكستس، وستريكرز.[1] دخل البريطانيون بالفعل أوريسند مع قوة بحرية في أغسطس عام 1800 في محاولة ثانية من قبلهم لتخويف الدنمارك وإجبارها على توقيع تحالف مع بريطانيا. بالتالي يصبح لبريطانيا أسطول البحرية الدنماركية كاملًا والأسطول التجاري، وبذلك لا تقع في أيدي الفرنسيين. لكن لم يدرك البريطانيون أن القوات البحرية الملكية الدنماركية الحديثة والعديد من السفن التجارية مخبأة جيدًا في مضيق روسكليدا.[1]

الخلفية

جاءت المعركة نتيجة إخفاقات متعددة للدبلوماسية في النصف الأخير من القرن الثامن عشر. الميزة الرئيسية لبريطانيا على فرنسا هي التفوق البحري خلال الحروب الثورية الفرنسية في بداية عام 1801. فتشت البحرية الملكية السفن المحايدة التي تتاجر مع الموانئ الفرنسية، واستولت على حمولاتها إذ اعتبِرت أنها تتاجر مع فرنسا. كانت مصلحة بريطانيا ضمان تفوقها البحري وجميع المزايا التجارية التي تنتج عنه.[2] نظم القيصر الروسي بافل، الذي كان حليفًا لبريطانيا، عصبة الحياد المسلح التي ضمت كلًا من الدنمارك والسويد وبروسيا وروسيا، لفرض التجارة الحرة مع فرنسا. نظر البريطانيون إلى العصبة على أنها تهديد خطير وتصب في مصلحة فرنسا. كانت العصبة معادية للحصار البريطاني، ووفقًا للبريطانيين هدد وجودها إمدادات الأخشاب والأسواق البحرية من الدول الاسكندنافية.

جمعت الحكومة البريطانية في أوائل عام 1801 أسطولًا قبالة غريت يارموث في طرق يارموث،[3] بهدف حل العصبة. كان على البريطانيين التصرف قبل أن يذوب بحر البلطيق وينطلق الأسطول الروسي من قواعده في كرنشتات وريفال (الآن تالين). إذا انضم الأسطول الروسي إلى الأسطولين السويدي والدنماركي، ستشكل الأساطيل المدمجة قوةً هائلةً تصل إلى 123 سفينة خط. قاد الأسطول البريطاني الأميرال هايد باركر، وفي المرتبة الثانية نائب الأميرال هوراشيو نيلسون.

أرسل نيلسون، المحبط من التأخير، خطابًا إلى الكابتن توماس تروبريدج، وهو صديق ولورد الأميرالية المفوض. دفع هذا إيرل سانت فنسنت (اللورد الأول للأميرالية)[4] لإرسال مذكرة خاصة، والتي أسفرت عن إبحار الأسطول من يارموث في 12 مارس.[5] أرسِلت الأوامر إلى باركر للذهاب إلى كوبنهاغن وفصل الدنمارك عن العصبة من خلال «تسوية سلمية أو عن طريق القتال الفعلي»، ليتبع هذا «هجوم فوري وقوي» على الروس في ريفال ثم كرنشتات.[6] وصل الأسطول البريطاني إلى سكاجن في 19 مارس، حيث قابلوا الدبلوماسي البريطاني، نيكولاس فانسيتارت،[7] الذي أخبرهم أن الدنماركيين رفضوا الإنذار النهائي.

على الرغم من أن الأميرال أصدر تعليمات إلى باركر بإلغاء العصبة، بالقوة إذا لزم الأمر، لكن باركر كان شخصًا حذرًا وتحرك ببطء. أراد محاصرة بحر البلطيق على الرغم من خطر الجمع بين الأساطيل وأراد نيلسون أن يتجاهل الدنمارك والسويد، اللتين كانتا شريكتين معارضتين في التحالف، وبدلًا من ذلك أبحرا إلى بحر البلطيق لمحاربة الروس.[5] تمكن نيلسون في النهاية من إقناع السيد هايد بمهاجمة الأسطول الدنماركي المتمركز قبالة كوبنهاغن. لم يصل الدعم البحري الموعود للدنماركيين من كارلسكرونا في السويد، ربما بسبب الرياح المعاكسة. لم يتمكن البروسيون أيضًا من المساعدة إذ كان لديهم فقط الحد الأدنى من القوات البحرية. في 30 مارس مرت القوات البريطانية عبر المضيق بين الدنمارك والسويد، حيث أبحرت بالقرب من الساحل السويدي لتضع نفسها بعيدًا عن المدافع الدنماركية، لحسن حظ البريطانيين، ظلت المدفعيات السويدية صامتة.[7]

سمح تأخُر باركر في الإبحار للدنماركيين بإعداد مواقعهم جيدًا مما صَعّب مهاجمة الأسطول الدنماركي. لم تكن معظم السفن الدنماركية مؤهلة للبحر ولكنها رست على طول الشاطئ وهي سفن قديمة لم تعد صالحة للخدمة في البحر، ولكنها مسلحة بقوة، باعتبارها خطًا من المدفعيات العائمة قبالة الساحل الشرقي لجزيرة أماجر، أمام المدينة في قناة الملك. سُلحت الحصون البحرية للطرف الشمالي للخط المنتهي في تري كرونر (التيجان الثلاثة، والدنمارك، والنرويج، والسويد، في إشارة إلى اتحاد كالمار) بـ 68 بندقيةً (تساوي ضعف جانب سفينة الخط). إلى الشمال من الحصن، عند مدخل ميناء كوبنهاغن، خدعوا البريطانيين فوضعوا سفينتي خط، وبارجة كبيرة، ومركببن، بالإضافة إلى سفينتين ثقيلتين. غطت المدفعيات المياه بين الخط الدنماركي والشاطئ، بالإضافة إلى المياه الضحلة الكبيرة والأرض الوسطى، وضيقت القناة. لم يكن لدى البريطانيين أي خرائط أو طيارون موثوقون، لذلك أمضى الكابتن توماس هاردي معظم ليلة 31 مارس وهو يسبر الأغوار في القناة حتى الخط الدنماركي. ومع ذلك، لم تتمكن السفن البريطانية من تحديد موقع الجزء الأعمق من القناة على النحو الصحيح وبقيت بعيدة باتجاه البحر.[5]

المعركة

الاستعدادات

مخطط يوضح مجريات المعركة

أعطى باركر نيلسون اثنتي عشرة سفينة خطية ذات غاطسات ضحلة، وجميع السفن الأصغر في الأسطول. بقي باركر إلى الشمال الشرقي من المعركة مع السفن الأثقل -التي لم تسمح لها غاطساتها العميقة بدخول القناة بأمان- فحُجب نيلسون عن التدخل الخارجي المحتمل وتحرك نحو كوبنهاغن لإشراك الدفاعات الشمالية. لهذا السبب نقل نيلسون قيادته من سفينة إتش إم إس سانت جورج الكبيرة ذات 98 بندقية إلى سفينة إتش إم إس إلفنت الضحلة ذات 74 بندقية.

في 30 مارس، أبحر نيلسون وزميله الثاني في القيادة والأميرال توماس غريفز برفقة الكابتن دوميت والقائد الأعلى للقوات، في القارب الشراعي (لارك) المستخدم لاستكشاف الدفاعات الدنماركية في كوبنهاغن.[8] اكتشفوا أن الدفاعات قوية وقضوا المساء في مناقشة الخطة. المدفعيات الثابتة لها ميزة كبيرة على المدفع الذي تحمله السفن بسبب الثبات الأكبر والبنادق الأكبر،[5] ويمكن للدانماركيين تحصين سفنهم خلال المعركة. من ناحية أخرى، سفنهم عبارة عن مجموعة متنوعة، كثيرٌ منها صغير، ما أعطاها الأفضلية لتكون خارج مدى تصويب قوة نيلسون بالكامل.

اقتضت خطة نلسون بأن تقترب السفن البريطانية من الطرف الجنوبي الأضعف للدفاعات الدانماركية في خط مواز للدفاع الدنماركي. ومع رسو السفينة الأولى إلى جانب السفينة الدنماركية، تشتبك مع تلك السفينة. يمر الجزء المتبقي من الخط خارج الاشتباك إلى أن ترسو السفينة البريطانية التالية إلى جانب السفينة الدانماركية التالية، وهكذا. تهاجم الفرقاطة إتش إم إس ديزيريه، إلى جانب مراكب صغيرة مسلحة، الخط الدنماركي من الجنوب، وقوة من فرقاطات بقيادة الكابتن إدوارد ريو من السفينة إتش إم إس أمازون، تهاجم الطرف الشمالي من الخط. تهبط القوات وتهاجم قلعة تري كرونر بمجرد أن يغلب الأسطول خط السفن الدنماركي.[9] تتمركز سفن قاذفات القنابل خارج الخط البريطاني وتقصف الدنماركيين.  إذا لم يقدر البريطانيون على إخضاع الدفاعات الشمالية الأقوى، فتدمير السفن الجنوبية سيكون كافيًا للسماح لسفن قاذفات القنابل بالاقتراب إلى داخل نطاق المدينة وإجبارهم على المفاوضات لمنع قصف المدينة.

سير الأحداث

اختار نيلسون طريقه في المياه الضحلة مع الريح الجنوبية في 2 أبريل. لكن هربت سفينة إتش إم إس أغاميمنون قبل دخول القناة، ولم تشارك في المعركة. بعد ذلك، توغلت كل من إتش إم إس راسل وإتش إم إس بيلونا في الأرض الوسطى، ما حد بشكل كبير من دورهما في المعركة. سارع فقدان ثلاث سفن مطلوبة إلى تغيير المسار وأضعف الطرف الشمالي للقوة.

مراجع

  1. part "Det danske søforsvar" at نسخة محفوظة 10 نوفمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. Pocock, p. 229
  3. "Norfolk Record Office Information Leaflet 20 Key dates in the history of Great Yarmouth". www.archives.norfolk.gov.uk. Norfolk County Council, Records Office. مؤرشف من الأصل في 12 أكتوبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 09 أكتوبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Pocock, p. 231
  5. Roger.
  6. Pocock, p. 232
  7. Pocock, p. 233
  8. James (1837), Vol. 3, pp. 65–66
  9. Pocock, p. 235

    وصلات خارجية

    • بوابة الحرب
    • بوابة السياسة
    • بوابة المملكة المتحدة
    • بوابة الدنمارك
    • بوابة النرويج
    • بوابة الإمبراطورية الفرنسية الأولى
    • بوابة القرن 19
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.