ظل ناقص

يشير مصطلح الظل الناقص[1] أو شبه الظل[1] (penumbra) في علم الأمراض والتشريح إلى المنطقة المحيطة بحدث إقفاري مثل السكتة الدماغية الإقفارية أو الخُثارية أو الصمية. وعقب الحادث مباشرة، يتدفق الدم ومن ثم ينخفض النقل الموضعي للأكسجين مما يؤدي إلى نقص التأكسج في الخلايا القريبة من موقع الأذى الأصلي. وهذا بدوره قد يؤدي إلى موت الخلايا وتضخيم التلف الأصلي الناتج عن السداد، إلا أن منطقة الظل الناقص قد تبقى قادرة على الحياة لساعات عديدة من وقوع الحادثة الإقفارية نتيجة لوجود الشرايين الجانبية التي تعد مصدر إمداد لمنطقة الظل الناقص.

بعد بداية السكتة الدماغية وبمضي الوقت تأخذ منطقة الظل الناقص في الانحسار;[2] ولذا يهتم الأطباء في قسم الطوارئ اهتمامًا بالغًا بحماية الظل الناقص عن طريق زيادة نقل الأكسجين وتسليمه للخلايا في منطقة الخطر، مما يحد من مخاطر الموت الخلوي. ووجود الظل الناقص يدل ضمنًا على إمكانية عمل علاج إنقاذي للخلايا. وهناك ترابط وثيق بين مدى الشفاء العصبي التلقائي وحجم الظل الناقص الذي يُفلت من السداد وعلى هذا فإن إنقاذ الظل الناقص من شأنه أن يحسن من النتيجة السريرية.[2]

ومن تعريفات الظل الناقص التي تحظى بقبول واسع هو أنه نسيج مُقْفِر من المحتمل تعرضه للاحتشاء ولكنه لا يُصاب على نحو لا عكوسي وليس مستهدفًا في العلاجات الوجيزة." [3] ويشير التعريف الأصلي للظل الناقص إلى أنه المناطق الموجودة في الدماغ التي تلفت ولم تمت بعد ولا يزال هناك أمل في إنقاذ نسيج الدماغ بالعلاج الملائم.[4]

والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني هو المعيار الذهبي في التصوير، ولكن تركز الأبحاث الحديثة على تقنيات التصوير المتطور بالرنين المغناطيسي لأن التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني ليس متوفرًا على نطاق واسع ولا يمكن الوصول إليه بسرعة. ويمكن أيضًا الاستدلال على منطقة الظل الناقص على أساس تكامل ثلاثة عوامل. وهذه العوامل هي: موقع انسداد الأوعية ومدى قلة حجم الدم (المنطقة المصابة بنقص التروية المحيطة بالظل الناقص ولكن لا يُخشى عليها من السداد (الاحتشاء) [2]) في تلك اللحظة وعدم التوافق بين هذا العيب في التروية الدموية ومنطقة الدماغ المصابة بالسداد[5]

تدفق الدم

تظهر منطقة الظل الناقص عادة عندما يقل تدفق الدم عن 20 مل/100 جم/دقيقة.[6] وفي هذه النقطة يختفي الاتصال الكهربي بين العصبونات. تبقى الخلايا في هذه المنطقة على قيد الحياة ولكن تُثبّط المضخات الأيضية وينخفض التنفس الخلوي إلا أن العصبونات قد تبدأ في إزالة الاستقطاب من جديد.[6] ولا تحتشي مناطق الدماغ عمومًا إلا إذا نزل تدفق الدم إلى 10 أو 12 مل/100 جم/دقيقة.[6] وعندئذ يفتقد إطلاق الغلوتومات إلى النظام وتُثبط مضخات الأيون ويتوقف أيضًا تخليق ثلاثي فوسفات الأدينوسين (ATP) الأمر الذي يؤدي إلى تمزق العمليات الجوانيَّة وحدوث الوفاة العصبونية.[6]

البحوث العلمية

كانت البحوث في عقدها الأول تركز على الجانب الفسيولوجي لأنسجة الظل الناقص بعد السكتة الدماغية ووضع خرائط معدل جريان الدم في الدماغ وقياس استهلاك الأوكسجين والجلوكوز وذلك للتعرف أكثر على هذه المناطق. وما إن هل العقد الثاني حتى اكتٌشفت آلية موت الخلايا العصبية. وبتشريح السبل الكيميائية الحيوية بات علم الظل الناقص من مجالات البيولوجيا الجزيئية سريعة التطور. وخطت بحوث العقد الثالث خطوات واسعة حيث أمكن باستخدام فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) تحديد أنسجة المخ التي ينقص تدفق الدم فيها وكان من السهل الكشف عن أجزاء النسيج المقفر التي لم تمت بعد عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI). وجاءت هذه الصور لتكشف الدماغ لكي يتسنى رؤية المناطق التي يمكن إنقاذها من الأنسجة - الظل الناقص. ودخلت البحوث اليوم في عقدها الرابع، الأمر الذي يثير تساؤل الباحثين عن سبب عدم تقدم الظل الناقص خطوة واحدة حيث لم تكتشف أي وسيلة حماية عصبية. قد يحتاج النهوض بالعلاج السريري العَيوش إلى تشريح أعمق للظل الناقص إذ لا تزال البحوث تحاول إدراك الاستجابة المعقدة للسكتة الدماغية والمناطق الانتقالية بين الإصابة والتصليح.[4]

تأتي مناطق الظل الناقص بتبعات كبيرة على المرضى فيما يتعلق باستعادة قدراتهم الحركية. ولإنقاذ هذه الباحات على أفضل وجه، يقدم العاملون في مجال الرعاية الصحية - في الغالب - مضاد تخثر يعمل على إذابة الانسدادات في المناطق المصابة التي هي سبب نقص تدفق الدم. وينبغي بذل أقصى جهد لإنقاذ مناطق الظل الناقص، حيث أثبتت الدراسات البحثية وجود ارتباط وثيق بين حجم أنسجة الظل الناقص الناجية والشفاء العصبي التلقائي.[7]

المراجع

  1. قاموس المورد، البعلبكي، بيروت، لبنان.
  2. Guadagno, J., Calautti, C., & Baron, J. (2003). Progress in imaging stroke: emerging clinical applications. British Medical Bulletin, 65 (1), 145-157.
  3. Fisher M, Ginsberg M (2004). "Current Concepts of the Ischemic Penumbra". Stroke. 32: 2657. doi:10.1161/01.STR.0000143217.53892.18. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Eng H Lo. (2008). "A New Penumbra: Transitioning from injury into repair after stroke". Nature Medicine. 14 (5): 497–500. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Rowley, H. (2001). The four p's of acute stroke imaging: parenchyma, pipes, perfusion, and penumbra. American Journal of Neuroradiology , 22, 599-601.
  6. Hakim (Date). "The penumbra: The therapeutic window". Neurology. 31 (3): 44–6. مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2014. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  7. Herholz, K. (2000). "Functional Imaging Correlates of Recovery After Stroke in Humans". Journal of Cerebral Blood Flow and Medicine. 20: 619–631. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)

    انظر أيضًا

    • بوابة طب
    • بوابة علوم عصبية
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.