صناعة السينما

صناعة السينما أو صناعة الأفلام كما تُعرَف أيضاً باسم صناعة الصور المتحركة (كرتون) هي مصطلحات تستخدم للإشارة إلى المؤسسات التجارية والتقنية التي تدخل في عملية إنتاج الأفلام ويشتمل ذلك على شركات الإنتاج واستديوهات الأفلام والتصوير السينمائي وتحريك الصور ومهرجانات الأفلام والتوزيع والممثلين والمخرجين وغير ذلك من المدخلات. وتعد هوليوود أقدم وأضخم صناعة سينما في العالم.[1]

صورة فوتوغرافية لأفراد طاقم عمل إنتاج سينمائي تعود لخمسينيات القرن العشرين

تاريخ السينما

ظل الإنسان منذ القدَم يَحْلم بتصوير الأشياء في حالة حركة إلى أن جاءت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر الميلادي ببعض الاختراعات الصناعية، التي أدَّت في النهاية إلى تقديم مجموعة من الصور على شريط وعرضها بطريقة تجعلها تبدو متحركة.

أشهر المحاولات المُبَكِّرة في هذا الصدد محاولة المصور الإنجليزي الأصل إدوارد ماي بردج في عامي 1877 و1878 ، بتقديم مجموعة من الصور لحصان يجري وذلك عن طريق استخدام 12 ثم 24 آلة تصوير من مواقع ثابتة؛ لتصوير الحصان وهو يجري. وقد أدى نجاح تلك التجربة إلى تشجيع عدد من المخترعين في أمريكا، وإنجلترا، وفرنسا على السير في الاتجاه نفسه، وهكذا جاء أول عرض للصور المتحركة عام 1893 حينما قدَّم أديسون جهاز عرض الصور المتحركة، وهو صندوق أسود تَمُر داخلهُ مجموعة من الصور غير المكبرة ويشاهدها متفرج واحد من خلال ثـقب لمدة تسعين ثانية. وسرعان ماتم استبدال أجهزة عرض بهذا الصندوق، تقوم بتكبير الصور وعرضها على الشاشة أمام أكثر من متفرج في الوقت نفسه.

وسرعان ما انتشرت العروض السينمائية في المدن الأمريكية الكبرى، ثم بدأت قوافل العروض المتنقلة في حمل تلك العروض إلى المدن الصغيرة والقرى. وفي نهايات القرن التاسع عشر الميلادي بدأت تظهر دور العرض التي أُقِيمَت خِصِّيصًا لعرض الأفلام السينمائية.

كانت السينما في أيامها الأولى تركز على تقديم إعادة تمثيل الأحداث المهمة والتجسيد الحي للقصص الشعبية، لكن التطوّرات كانت تمهِّد بسرعة للتحوُّل إلى تقديم الأفلام الروائية. وهكذا قدَّم إدوين بورتر، أول عمل روائي في تاريخ السينما عام 1903، وهو سرقة القطار الكبرى وهو فيلم روائي مدتُهُ 11 دقيقة جاء حدثًا مثيرًا في تاريخ السينما.

انطلاقة هوليوود

في السنوات الأولى لصناعة السينما كان عدد كبير من المدن الأمريكية يقوم بإنتاج الأفلام السينمائية، لكن بمرور الوقت ومع تطور صناعة السينما، بدأ المنتجون يتجهون أكثر وأكثر إلى جنوبي كاليفورنيا حيث المناخ الملائم للتصوير طوال العام. وقبل نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م، كانت بعض الشركات المنتجة قد أقامت لنفسها عددًا من أماكن التصوير (الاستديوهات) حول منطقة هوليوود في لوس أنجلوس. ثم حدثت بعض التطورات الدولية التي أدَّت إلى انفراد تلك المنطقة بالسيطرة على صناعة السينما في العالم وارتباط ذلك الفن الجديد باسم هوليوود. ومن أبرز تلك التطورات أن الحرب العالمية الأولى قَضَت على المنافسة الأوروبية القوية للسينما الأمريكية، فقد ركزت حكومتا إيطاليا وفرنسا جهودهما للقتال وسَحَبَتا دعمهما المادي لصناعة السينما في هاتين الدولتين، وهكذا انفردت هوليوود بالساحة وبدأ المخرجون والمنتجون ينفقون بِبَذَخ لتقديم المناظر والملابس المبهرة لتنفرد هوليوود بقمة صناعة السينما بلا منازع.

لكن ذلك لا يعني انفراد هوليوود المطلق بصناعة السينما في العالم، فسرعان ماعادت أوروبا لمنافسة الولايات المتحدة في صناعة السينما، وبخاصة فيما يتعلق بتطبيق بعض الأساليب الفنية الجديدة على فن السينما كالتعبيرية، وهكذا ظهرت التعبيرية في السينما الألمانية لتركِّز على الواقع النفسي، وليس مجرد الواقع الظاهري أو الخارجي. وفي الاتحاد السوفييتي (السابق) ابتداءً من عام 1922م، بدأت حركة سينمائية نشطة كان أبرز مُخْرجيها سيرجي آيزنشتين الذي رفع السينما السوفييتية الصامتة بفيلمه بوتمكين في عام 1925م، إلى مصاف السينما العالمية.

السينما الناطقة

حتى منتصف العشرينيات من القرن العشرين كانت السينما صامتة، إذ كانت الأفلام تؤدَّى بمصاحَبة الموسيقى الحية، أو حتى الحوار المباشر، ثم المقدمات والنهايات (التترات) المطبوعة على الشريط فيما بعد.

وبحلول عام 1927، كانت جهود المخترعين قد آتت ثمارها. وهكذا تم في هذا العام تقديم أول فيلم ناطق وهو مغني الجاز الذي تم فيه تحقيق التزامن بين الشريط السينمائي وأسطوانة الصوت المسجلة. وبحلول عام 1929، أصبحت عملية تسجيل الصوت على شريط الصورة عملية شائعة، وهكذا انتهت السينما الصامتة إلى الأبد.

في السنوات التي سبقت بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939، حدثت بعض التطورات على الساحتين الأمريكية والدولية. في هوليوود شَهدَت الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي دخول لونين من الأفلام الروائية إلى الساحة بتركيز واضح، وهما الفيلم الغنائي الاستعراضي وفيلم العصابات. وفي الوقت نفسه فإن ظهور أنظمة القهر السياسي في الاتحاد السوفييتي (سابقًا) وألمانيا النازية أدَّت إلى هجرة عدد كبير من المبدعين من أوروبا إلى الولايات المتحدة، مما أضاف دماءً جديدة إلى الحركة السينمائية في هوليوود.

وفي سنوات الحرب العالمية الثانية، خاصة بعد أن دخلتها أمريكا عام 1941؛ تفرَّغَت السينما الأمريكية للمساهمة في المجهود الحربي عن طريق تقديم الأفلام الحربية الوثائقية والأفلام الروائية التي تشحذ الهِمَم والعَزَائم.

وقد أدت الحرب إلى اتجاه المخرجين والكُتَّاب لمناقشة آثارها الاجتماعية، فيما سمي بواقعية مابعد الحرب، أو الواقعية الجديدة، وهي واقعية دفعت بالمخرجين إلى تصوير المناظر في مواقعها الطبيعية، وإلى استخدام الممثلين غير المحترفين. ومن أشهر مخرجي ذلك الاتجاه روبرتو روسيليني وفيتوريو دي سيكا.

في الوقت نفسه شهدت الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي في الولايات المتحدة الأمريكية تراجعًا واضحًا في صناعة السينما؛ وذلك بسبب المنافسة التي قدمها الوافد الجديد، وهو التلفاز. إلى درجة أنْ انخفض إنتاج هوليوود من 550 فيلمًا في العام قبل الحرب إلى 250 فيلمًا في الخمسينيات من القرن العشرين.

مصادر

مراجع

  1. The earliest documented account of an exhibition of projected motion pictures in the United States was in June 1894 in ريتشموند (إنديانا) by تشارلز فرانسيس جينكينز
    • بوابة سينما
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.