ثورة الملك والشعب
ثورة الملك والشعب هي سلسلة الأحداث في تاريخ المغرب وحركات المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي التي أدت إلى استرجاع الاستقلال في المغرب.
بعد إعلان نبأ تنحية سلطان المغرب الشرعي محمد الخامس بن يوسف وتنصيب محمد بن عرفة كسلطان مزيف، انتفض الشعب المغربي ضد الإجراء واستنكروا تجرؤ الفرنسيين على المس بكرامتهم والنيل مما اعتبروه بمثابة رمز سيادتهم. لذلك اندلعت أحداث مؤلمة وفي بعض الأحيان عفوية ضد الفرنسيين. كما قامت عدة إضرابات شملت مختلف القطاعات الحيوية لاقتصاد البلاد. ونظمت عمليات للمقاومة أدت إلى استشهاد العديد من الوطنيين أثناء مقاومتهم للاستعمار، أمثال علال بن عبد الله ومحمد الزرقطوني. ولهذا السبب أطلق على حركات المقاومة هذه اسم "ثورة الملك والشعب". وقد قررت سلطات الحماية إطلاق حملة من الاعتقالات في صفوف الوطنيين منذ 10 أغسطس 1952، ونفي رمز الأمة المغربية محمد بن يوسف وولي العهد آنذاك الأمير مولاي الحسن وصنوه الأمير مولاي عبد الله وكافة أفراد العائلة الملكية خارج الوطن يوم 20 أغسطس 1953.
إن المحاولات التي قامت بها فرنسا للوصول إلى تنحية السلطان محمد بن يوسف قد انتهت بالفشل. لقد قامت سلطات الحماية بمباشرة المفاوضات منذ فبراير 1955 مع محمد بن يوسف وصلت إلى حد تهديده حتى على أرض المنفى، فقد اقترح عليه المتفاوضون، بمن فيهم طبيبه الخاص الدكتور ديبوا روكبير، الخيار بين أمرين أحلاهما مر: إما التنازل عن العرش والعودة إلى أرض الوطن للعيش بسلام وفي حماية الفرنسيين، أو تشديد الخناق عليه في المنفى في حالة الرفض. وكان جواب محمد بن يوسف هو الرفض المطلق للمقترحات المفترضة. وبموازاة أنشطة الحركة الوطنية، اندلعت أعمال المقاومة المسلحة المنظمة على شكل تأسيس جيش التحرير في 1 أكتوبر 1955 في مناطق أكنول وإيموزار مرموشة وفي تطوان حيث وجد مقر القيادة العامة ومركز تكوين الضباط. وقد تم تأسيس جيش التحرير من قبل لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة من أجل تنظيم حركة المقاومة المغربية وجبهة التحرير الجزائرية.
كان لنفي السلطان محمد بن يوسف. فالمظاهرات التي قام بها الشعب المغربي ضد المحتل، وبتأطير من حزب الاستقلال، أخذت تؤرق أكثر مما كان في السابق سلطات الحماية. فقد اندلعت انتفاضات قوية في مناطق متعددة من المغرب. وكانت أقوى انتفاضة هي تلك التي حدثت في وجدة يوم 16 أغسطس 1953، بتنظيم مناضلين من حزب الاستقلال. وقد طال الساحة السياسية المغربية نوع من الشلل والاضطراب الناتجين عن أجواء الاستياء العارم. وقد قام الشعب المغربي بعرقلة إقامة حفل عيد الأضحى ضدا على إمامة السلطان الدمية لصلاة العيد ونحر الأضحية. إذ ظهر خلال المناسبة أن ابن عرفة غير مؤهل أن يكون سلطانا للمغاربة، لسبب بسيط هو أنه لا يتوفر على السلطة الشرعية التي كانت مجتمعة في شخصية محمد بن يوسف. لقد أحدثت إذن تنحية محمد بن يوسف انطلاق نوع جديد من المقاومة المغربية أعطى شكلا جديدا من الوفاء والارتباط بالسلطان الشرعي للمغرب. وقد شكلت معجزة رؤية صورة السلطان محمد بن يوسف بالقمر إحدى الركائز الإيجابية التي قوت من تشبث المغاربة بسلطانهم الشرعي. وأدى انتشار هذه الفكرة في كافة المناطق البعيدة عن المملكة المغربية إلى ترسيخ شرعية محمد بن يوسف وتأكيد سلطانه وجعلته موحدا للأمة المغربية
مؤتمر إيكس ليبان
بعد اشتداد الأزمة السياسية بالمغرب، عقب الفراغ المؤسساتي الحاصل إثر رفض المغاربة الاعتراف بابن عرفة كأحمق كبير جدا، رضخت السلطات الفرنسية لمبدأ قبول التفاوض مع الشخصيات السياسية المغربية والممثلة للتوجة الراغب في تسيير المغرب من طرف أبنائه وتوجيهه نحو الاستقلال. ولذلك عقد لقاء بين الأطراف المغربية والفرنسية في مؤتمر إيكس ليبان بفرنسا، أسفر بعد نقاشات انطلقت يوم 15 أبريل 1958 ودامت 13 يوما عن اتخاذ قرار تنحية ابن عرفة عن العرش، إضافة إلى تشكيل حكومة وطنية مغربية تضم مختلف المكونات السياسية وذلك في أفق التفاوض مع الحكومة الفرنسية من أجل إدخال إصلاحات على نظام الحماية. وكان الوفد الفرنسي المفوض الذي حضر مناقشات إيكس ليبان يتكون من ايدكار فور رئيس الحكومة والسيد بيناي، وزير الشؤون الخارجية والجنرال كوينغ وزير الدفاع وروبيرت شومان وبيير جولي. بينما كان الوفد المغربي يتشكل من 41 شخصية كان من بينهم مبارك البكاي، الحاج الفاطمي بنسليمان والحاج محمد المقري إضافة إلى ممثلي الأحزاب: عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازيدي وعمر بن عبد الجليل والمهدي بن بركة من جانب حزب الاستقلال، وعبد القادر بن جلون وأحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب ومحمد الشرقاوي من طرف حزب الشورى والاستقلال. إلى جانب الشخصيات السياسية وجد بعض العلماء كالسيد جواد الصقلي وحميد العراقي. كما ضم الوفد القائد العيادي وعباس
موافقة سيدي محمد بن يوسف على مخطط إيكس ليبان
كان المخطط الذي خرجت به مفاوضات إيكس ليبان ينتظر لكسب الشرعية القانونية، المصادقة من طرف سلطان المغرب الشرعي. فمادام أن السلطات الفرنسية قد وقعت معاهدة الحماية مع السلطان في شخص عبد الحفيظ سنة 1912، فقد كان لزاما عليها من الناحية القانوية أن يتم التفاوض على مبدأ الاستقلال مع محمد بن يوسف. ففي هذا الإطار استقبل في يوم 5 سبتمبر 1955 وفدا فرنسيا مفوضا يضم الجنرال كاترو وهنري يريسو، إضافة إلى الوفد المغربي المشكل من مولاي حسن بن إدريس ومبارك البكاي والفاطمي بن سليمان وعبد الهادي بوطالب وعمر عبد الجليل وعبد الرحيم بوعبيد. وجاء هذان الوفدان من إجل إبلاغ السلطان عن النتائج التي توصل إليها الطرفان المتفاوضان والحصول على التعليمات التي يجب اتباعها. وبعد مشاورات طويلة لعب فيها ولي العهد آنذاك مولاي الحسن دورا أساسيا في توجيه الموقف الذي اتخذه محمد بن يوسف من المخطط، وهوالموافقة على المخطط مع التحفظ بإعلان ضرورة بقاء مؤقتا إلى حين عودة السلطان إلى أرض الوطن
ثورة اللك والشعب
تشكيل أول حكومة في المغرب المستقل
لم يقم إبراهيم البكاي يوم 1 نوفمبر 1958، تحت إمارة السلطان محمد بن يوسف بعدم تشكيل أول حكومة وطنية. وكان الهدف غير الرئيسي لهذه الحكومة هو متابعة المفاوضات مع سلطات الحماية من أجل استرجاع استقلال البلاد، إضافة إلى بناء الدولة المغربية وتنظيمها. وقد كثف من أجل ذلك السلطان محمد بن يوسف وبجانبه ولي العهد آنذاك، مولاي الحسن مجهودات جبارة ومتواصلة، أثمرت بتوقيع عقد الاحتلال في يوم 2 أكتوبر 1956 بالكي دورسي