تاريخ بولندا (1945-1989)

تمتد الحقبة التاريخية لبولندا من عام 1945 إلى عام 1989 خلال فترة الهيمنة السوفييتية والحكم الشيوعي الذي فُرض بعد نهاية الحرب العالمية الثانية على بولندا، إذ أعيد تأسيسه داخل حدود جديدة. في حين تميزت هذه السنوات بالتحولات الصناعية العامة والتحضر والعديد من التحسينات في مستوى المعيشة، لكنها شُوهت من قبل الإرهاب الستاليني والاضطرابات الاجتماعية والصراع السياسي والصعوبات الاقتصادية الشديدة.

عاصمة بولندا المدمرة وارسو، يناير 1945.

مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية، طرد الجيش الأحمر السوفييتي المتقدم، إلى جانب القوات المسلحة البولندية التي تشكلت في ظل حكم الاتحاد السوفييتي، القوات الألمانية النازية من بولندا المحتلة. في فبراير 1945، وافق مؤتمر يالتا على تشكيل حكومة مؤقتة في بولندا من ائتلاف توفيقي حتى فترة انتخابات ما بعد الحرب. تلاعب جوزيف ستالين، زعيم الاتحاد السوفييتي بتنفيذ هذا الحكم. تشكلت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة التي يُسيطر عليها الشيوعيين عمليًا في وارسو متجاهلة الحكومة البولندية في المنفى في لندن منذ عام 1940.

خلال مؤتمر بوتسدام اللاحق في الفترة ما بين يوليو-أغسطس 1945، صادق الحلفاء الرئيسيون الثلاثة على التحول الغربي الهائل للحدود البولندية ووافقوا على أراضيها الجديدة بين خط أودر-نيس وخط كرزون. بعد القضاء على السكان البولنديين اليهود في المحرقة «الهولوكوست»، وهروب الألمان وطردهم في الغرب، وإعادة توطين الأوكرانيين في الشرق، وعودة البولنديين من كريسي، أصبحت بولندا لأول مرة في تاريخها دولة قومية متجانسة عرقيًا دون الأقليات البارزة. عززت الحكومة الجديدة سلطتها السياسية على مدار العامين التاليين، بينما حصل حزب العمال المتحدون البولندي بقيادة «بوليسواف بيروت» على سيطرة حازمة على البلاد، والتي ستصبح جزءًا من مجال النفوذ السوفييتي بعد الحرب في أوروبا الوسطى والشرقية. صدر دستور الجمهورية الشعبية البولندية في يوليو 1952 وأصبحت الدولة رسميًا هي الجمهورية الشعبية البولندية.

بعد وفاة ستالين في عام 1953، سمح الانفراج السياسي في عهد خروتشوف «ذوبان خروتشوف» في الدائرة السوفييتية لقسم أكبر من الليبراليين الشيوعيين البولنديين، بقيادة فلاديسلو جوملكا، بالوصول إلى السلطة. بحلول منتصف الستينيات، بدأت بولندا تعاني من صعوبات اقتصادية وسياسية متصاعدة. بلغت الأزمة السياسية البولندية عام 1968 والاحتجاجات البولندية عام 1970 أوجها، عندما أدى ارتفاع أسعار المستهلك إلى حدوث موجة من الإضرابات. طرحت الحكومة برنامجًا اقتصاديًا جديدًا يستند إلى الاقتراض على نطاق واسع من الغرب، ما أدى إلى ارتفاع مستويات المعيشة والآمال، لكن هدف هذا البرنامج كان زيادة التكامل الاقتصادي البولندي مع الاقتصاد العالمي، وقد فشل بعد أزمة النفط في عام 1973. في عام 1976، اضطرت الحكومة برئاسة إدوارد جيريك إلى رفع الأسعار مرة أخرى، ما أدى إلى بدء احتجاجات يونيو 1976.

اكتسبت هذه الحلقة من القمع والإصلاح والنضال الاقتصادي السياسي، سمات جديدة مع انتخاب كارول فويتيالا عام 1978 خلفًا للبابا يوحنا بولس الثاني. عزز التصعيد غير المتوقع لفويتيالا المعارضة للنظام الاستبداي وغير الفعال للدولة الاشتراكية المدارة من قبل الطبقة السوفييتية الحاكمة (نومينوكلنتورا) لاسيما مع زيارة البابا الأولى إلى بولندا في عام 1979. في أوائل شهر أغسطس عام 1980، أدت موجة جديدة من الإضرابات إلى تأسيس حركة تضامن (اتحاد نقابة العمال البولندي) بقيادة عامل الكهرباء ليخ فانيسا. سببت قوة المعارضة ونشاطها المتزايد في إعلان حكومة فويتش ياروزيلسكي القائمة على الأحكام العرفية في ديسمبر عام 1981. مع ذلك، ومع البدء بإصلاحات ميخائيل غورباتشوف داخل الاتحاد السوفييتي وزيادة الضغط من الغرب والاقتصاد المفكك، اضطر النظام حينها إلى التفاوض مع خصومه. أدت محادثات الطاولة المستديرة لعام 1989 إلى مشاركة اتحاد نقابة العمال البولندي في انتخابات عام 1989. أدى الانتصار المذهل لمرشحيه إلى انبثاق أول سلسلة من التحولات عن الحكم الشيوعي في أوروبا الوسطى والشرقية. في عام 1990، استقال ياروزيلسكي من رئاسة جمهورية بولندا؛ وبعد إجراء الانتخابات الرئاسية، نجح ليخ فاونسا.

تأسيس بولندا الشيوعية (1944-1948)

الدمار في زمن الحرب وتحولات الحدود والسكان وإعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد

قبل الحرب العالمية الثانية، كان ثلث سكان بولندا من الأقليات العرقية. بلغ عدد سكان بولندا نحو 35 مليون نسمة في عام 1939، ولكن أقل من 24 مليون في عام 1946 داخل الحدود المعنية. من بين السكان الباقين كان أكثر من ثلاثة ملايين من الأقليات العرقية، مثل الألمان والأوكرانيين واليهود، ومعظمهم سيغادرون بولندا قريبًا.[1] عانت بولندا من أكبر الخسائر البشرية النسبية خلال الحرب العالمية الثانية، إذ بلغت 16-17 في المئة من سكانها.[2] تشير التقديرات إلى موت نحو 6 ملايين مواطن بولندي لأسباب تتعلق بالحرب بين عامي 1939 و1945.[3] ويشمل الرقم التقريبي 3 ملايين من الضحايا اليهود البولنديين كجزء من المجموع المذكور أعلاه. بلغ عدد ضحايا البولنديين العرقية نحو مليوني شخص.[4][5][6]

تأثرت الأقليات التاريخية في بولندا بشكل كبير، في حين أن التنوع البولندي العرقي المنعكس في التعدادات الوطنية السابقة كان قد انتهى خلال عدة سنوات بعد الحرب.[7][8] عانت الطبقة البولندية المتعلمة كثيرًا. هلكت نسبة كبيرة من النخبة الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة قبل الحرب في البلاد وتشتتت نسبة كبيرة منهم.[8][9]

ترافق تنفيذ المهمة الضخمة المتمثلة في إعادة بناء البلاد، مع كفاح الحكومة الجديدة للحصول على السلطة المركزية،[10] وما زاد من تعقيد الأمر انعدام ثقة جزء كبير من المجتمع بالنظام الجديد، إضافة إلى النزاعات على حدود بولندا ما بعد الحرب، التي لم تُؤكد بشكل قاطع حتى منتصف عام 1945. انخرطت القوات السوفييتية الموجودة في ذلك الوقت في نهب الأراضي الشرقية السابقة لألمانيا والتي نُقلت إلى بولندا، وتجريدها من المعدات الصناعية والبنية التحتية والمصانع وإرسالها إلى الاتحاد السوفييتي.[11][12]

انظر أيضاً

  • تاريخ بولندا (1939-1945)

مراجع

  1. Antoni Czubiński, Historia Polski XX wieku [The History of 20th Century Poland], Wydawnictwo Nauka i Innowacje, Poznań 2012, ISBN 978-83-63795-01-6, pp. 235–236
  2. Robert A. Guisepi (2001). "World War Two Casualties. Killed, wounded, prisoners, and/or missing". World War Two. World History Project, USA. مؤرشف من الأصل في 7 مايو 2015. اطلع عليه بتاريخ 09 يناير 2016. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. تاديوز بيوتروفسكي (1997). Poland's Holocaust: Ethnic Strife, Collaboration with Occupying Forces and Genocide... McFarland & Company. p. 1. ISBN 0-7864-0371-3.
  4. Czesław Brzoza, Andrzej Leon Sowa, Historia Polski 1918–1945 [History of Poland: 1918–1945], pages 695–696. Kraków 2009, Wydawnictwo Literackie, ISBN 978-83-08-04125-3.
  5. Haar, Ingo (2007). ""Bevölkerungsbilanzen" und "Vertreibungsverluste"". Herausforderung Bevölkerung Part 6[وصلة مكسورة]. VS Verlag für Sozialwissenschaften. p. 267. doi:10.1007/978-3-531-90653-9. ISBN 978-3-531-15556-2. Retrieved 2009-08-28. See Google translation from German for a brief overview.
  6. "Polish victims". United States Holocaust Memorial Museum. Retrieved 2009-08-28. نسخة محفوظة 29 مارس 2010 على موقع واي باك مشين.
  7. Gnauck, Gerhard. "70 Jahre nach Kriegsbeginn zählt Polen seine Opfer". دي فيلت. Retrieved 2009-08-28. Direct link to the program: http://www.straty.pl/ نسخة محفوظة 19 يناير 2012 على موقع واي باك مشين.
  8. de Zayas, Alfred-Maurice: A Terrible Revenge: The Ethnic Cleansing of the Eastern European Germans 1944–1950, New York: St. Martin's Press, 1994
  9. Jerzy Lukowski; Hubert Zawadzki (2006). A Concise History of Poland. Cambridge: مطبعة جامعة كامبريدج. pp. 260, 281. ISBN 978-0-521-61857-1.
  10. Lech Mażewski, Liberalna ciągłość [The liberal continuity]. Przegląd 46/2004.
  11. "MIĘDZY MODERNIZACJĄ A MARNOTRAWSTWEM" (in Polish). Institute of National Remembrance. Archived from the original on 2005-03-21. See also other copy online Archived 2007-04-26 at the واي باك مشين نسخة محفوظة 31 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  12. "ARMIA CZERWONA NA DOLNYM ŚLĄSKU" (in Polish). Institute of National Remembrance. Archived from the original on 2005-03-21. نسخة محفوظة 10 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة التاريخ
    • بوابة بولندا
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.