تاريخ أوكرانيا

لعبت أوكرانيا في عصر ما قبل التاريخ وكجزء من السهب البنطي، دورًا هامًا في تعميق التواصل الثقافي الأوراسي، من ضمنها المساهمة في انتشار كل من العصر النحاسي والعصر البرونزي والتوسع الهندي الأوروبي واستئناس الخيول.[1][2][3]

كانت أوكرانيا جزءًا من منطقة سيكثيا في العصور القديمة والتي استوطنها الغيتيون، وكانت منطقة للتوسع السلافي المبكر خلال موسم الهجرة، ودخلت التاريخ بشكل لائق بعد تأسيس دولة روس الكييفية، والتي برزت كدولة قوية في العصور الوسطى إلا أنها تفككت في القرن الثاني عشر. بعد منتصف القرن الرابع عشر، سيطرت ثلاث قوى رئيسية على حكم المناطق الأوكرانية:[4]

  1. القبيلة الذهبية
  2. دوقية ليتوانيا الكبرى ومملكة بولندا، وقعت هذه الأراضي تحت حكم المملكة البولندية وبعدها تحت حكم الكومنلوث البولندي الليتواني (ابتداءً من سنة 1569)
  3. خانية القرم (ابتداءً من القرن الخامس عشر)

وافق الهيتمان بوهدان خمل نيتس كيي على توقيع اتفاقية بيريسلاف في يناير من عام 1954، وذلك بعد الثورة التي قام بها القوقازيون ضد الكومنولث البولندي الليتواني في عام 1648. لا تزال طبيعة العلاقة المتكونة وفقًا لهذه الاتفاقية بين دولة هتمانات القوزاق وبين روسيا محل جدل علمي. دفعت هذه الاتفاقية لاندلاع الحرب الروسية البولندية (1654-1667) والتي عُرفت أيضًا باسم حرب أوكرانيا.[5] وكنتيجة لهذه الحرب، وُقعت معاهدة السلام الأبدي في عام 1686، والتي نصت على ضم الجزء الشرقي من أوكرانيا (شرق نهر دنيبر) إلى الحكم الروسي،[6] ودُفع مبلغ قدره 146000 روبلًا للحكومة البولندية كتعويض لخسارتها الضفة اليسرى من أوكرانيا[7] واتفق الطرفان على عدم توقيع اتفاقية منفصلة مع الإمبراطورية العثمانية.[7] جوبهت الاتفاقية برفض شديد من قبل بولندا ولم يُصادق عليها من قبل السيم (البرلمان الخاص بالكومنولث البولندي الليتواني) حتى عام 1710 وطُعن في المشروعية القانونية لقرار تصديقه. وفقًا لجاسيك ستاسيفسكي، لم تُؤكد الاتفاقية بقرار من السيم حتى انعقاد مؤتمر السيم في عام 1764.[8][9]

بعد تقسيم بولندا (1772-1795) وغزو روسيا لخانية القرم، سيطرت كل من الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية النمساوية على كل الأراضي التي تشكل أوكرانيا الحالية، واستمرت هذه السيطرة لمدة مئة عام.

اندلعت مجموعة من الحروب الفوضية في الفترة التي تلت الثورات الروسية في عام 1917. انبثقت جمهورية أوكرانيا الشعبية بعد حرب الاستقلال الأوكرانية التي استمرت للمدة بين 1917 و1921. تلا ذلك اندلاع الحرب الأوكرانية السوفيتية (1917-1921)، والتي فرض فيها الجيش الأحمر البلشفي سيطرته المطلقة في نهايات عام 1919.[10] أسس الأوكرانيون البلشفيون، والذين دحروا الحكومة الوطنية في مدينة كييف، جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية، والتي كانت من إحدى الجمهوريات المؤسِسة للاتحاد السوفيتي في 30 ديسمبر من عام 1922. سمحت السياسة الأولية، التي انتهجها الاتحاد السوفيتي تجاه اللغة والثقافة الأوكرانية، باستخدام الأوكرانية كلغة رسمية للإدارة والمدارس. تغيرت السياسة السوفيتية في ثلاثينيات القرن العشرين متجهة نحو سياسة الترويس. عانى ملايين من الناس في عامي 1932 و1933، وخاصة الفلاحين، من مجاعة مميتة في أوكرانيا والتي عُرفت باسم هولودومور. تشير موسوعة بريتانيكا إلى موت ما يقارب 6 إلى 8 ملايين شخص من الجوع في الاتحاد السوفيتي خلال هذه الفترة، و4 إلى 5 ملايين من هؤلاء هم من الأوكرانيين.[11] نُصّب نيكيتا خروتشوف كزعيم للحزب الشيوعي الأوكراني في عام 1938.

توسعت الأراضي المسيطر عليها من قبل جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية نحو الغرب، وذلك بعد احتلال الجيش النازي الألماني والاتحاد السوفيتي لبولندا في سبتمبر من عام 1939. سيطرت دول المحور على أوكرانيا للفترة بين 1941 و1944. حارب جيش التمرد الأوكراني خلال الحرب العالمية الثانية ضد كل من ألمانيا والاتحاد السوفيتي لتحقيق الاستقلال لأوكرانيا.[12] أصبحت جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية واحدة من الدول المؤسسة للاتحاد السوفيتي. بعد موت ستالين، ساهم خروتشوف بصفته زعيمًا للحزب الشيوعي في تطوير وازدهار أوكرانيا. بالرغم من هذا، فقد استمر القمع الممارس ضد كل من الشعراء والمؤرخين وغيرهم من المثقفين في أوكرانيا وفي جميع دول الاتحاد السوفيتي. توسعت الجمهورية الأوكرانية نحو الجنوب وذلك بعد انضام شبه جزيرة القرم لأوكرانيا في عام 1954.

أصبحت أوكرانيا مستقلة مرة أخرى بعد انحلال الاتحاد السوفيتي في عام 1991. دفع هذا التغيير لبداية مرحلة من التحول نحو الاقتصاد الحر، والذي عانت خلاله أوكرانيا من ثمان سنوات من الركود الاقتصادي.[13] ولكن بالنتيجة، شهد الاقتصاد زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي. تأثرت أوكرانيا بالأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 مما تسبب في انخفاضٍ شديد في الاقتصاد. انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% من ربيع عام 2008 إلى ربيع عام 2009، ومن ثم استقر مجددًا. [14]

بدأت الأزمة الأوكرانية المطولة في 21 نوفمبر من عام 2013، عندما ألغى الرئيس فيكتور يانوكوفيتش تحضيرات تطبيق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي. تسبب هذا القرار في احتجاجات واسعة من قبل الأشخاص الموالين للاتحاد الأوروبي، وعرفت هذه الاضطرابات بالميدان الأوروبي. وبعد عدة شهور من هذه المظاهرات، تمكن المتظاهرون من الإطاحة بيانوكوفيتش في 22 فبراير من عام 2014. وبعد الإطاحة به، عمت الاضطرابات مناطق شرقية وغربية واسعة في أوكرانيا من قبل أشخاص داعمين للنظام الروسي، وهي المناطق التي يستمد منها يانوكوفيتش أغلب دعمه. غزت روسيا جمهورية القرم ذاتية الحكم مما أدى لضمها لروسيا في 18 مارس من عام 2014. تصاعدت الاضطرابات في كل من مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين وأدت لحدوث حرب بين حكومة ما بعد الثورة الأوكرانية والمتمردين المؤيدين لروسيا. أثرت الأزمة الأوكرانية بشكل سلبي جدًا على الاقتصاد الأوكراني.

ما قبل التاريخ

سُجل استيطان أوكرانيا من قبل مجموعة من جنس الهومو في وقت بعيد من حقبة ما قبل التاريخ. يرتبط وجود النياندرتال بمواقع مولدوفا الأثرية (43,000-45,000 سنة قبل الميلاد) والتي تحتوي على بقايا عظام تعود لحيوان الماموث. نُقبت مستوطنات الحضارة الغرافيتية ودُرست من قبل العلماء، والتي تعود لما يقارب 32,000 سنة قبل الميلاد في كهف بوران-كايا في جبال القرم.[15][16]

قبل ما يقارب 10,000 سنة، أفرغ أطول أنهار العالم مياهه الثلجية في نهر الدون والبحر الأسود. عند قدوم الربيع في مدينة جوبي وذوبان الأنهار الجليدية، جرى هذا النهر من هناك وعلى طول نهر ينسي، إلا أنه صُد بعد ذلك بفعل الأنهار الجليدية الشمالية. وجرى لنحو 10,000 كم من البحيرة الجليدية لغرب سيبيريا؛ إذ كان أطول من أي نهر نعرفه في أيامنا هذه.[17]

ازدهرت حضارة كيوكوتيني-تريبيليان خلال العصور الحجرية الحديثة خلال السنوات 4500-3000 قبل الميلاد. قطن سكان العصر النحاسي التابعين لحضارة كيوكوتيني-تريبيليان في الجزء الغربي، أما حضارة سريدني ستوغ فقد قطنت الجزء الشرقي الأقصى، متبوعين بكل من حضارة اليامنا في العصر البرونزي القديم (الكورغان)، وحضارة الكاتاكومب والذين عاشوا في الألفية الثالثة.

التاريخ الحديث

أوكرانيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر

برزت أوكرانيا على أنها دولة، والأوكرايين كمواطنين، مدعومة بالنهضة الوطنية الأوكرانية في منتصف القرن الثامن عشر، وذلك في أعقاب الثورة الفلاحية في 1768/1769 والتقسيم الذي طال الكومنلوث البولندي الليتواني. سقطت مملكة غاليسيا بأيدي الإمبراطورية النمساوية، في حين استحوذت الإمبراطورية الروسية على ما تبقى من أوكرانيا.[18]

انظر أيضًا

المراجع

  1. Matossian Shaping World History p. 43
  2. "What We Theorize – When and Where Did Domestication Occur". International Museum of the Horse. مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 12 ديسمبر 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)(Citation does not exist anymore)
  3. "Horsey-aeology, Binary Black Holes, Tracking Red Tides, Fish Re-evolution, Walk Like a Man, Fact or Fiction". Quirks and Quarks Podcast with Bob Macdonald. CBC Radio. 7 March 2009. مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2014. اطلع عليه بتاريخ 18 سبتمبر 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)(Link does not exist anymore)
  4. "Ukraine :: History – Britannica Online Encyclopedia". Britannica.com. مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2014. اطلع عليه بتاريخ 31 أكتوبر 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Kroll, Piotr (2008). Od ugody hadziackiej do Cudnowa. Kozaczyzna między Rzecząpospolitą a Moskwą w latach 1658-1660. doi:10.31338/uw.9788323518808. ISBN 9788323518808. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Riasanovsky, Nicholas V. (1963). A History of Russia. Oxford University Press. صفحة 199. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Jerzy Jan Lerski; Piotr Wróbel; Richard J. Kozicki (1996). Historical dictionary of Poland, 966-1945. Greenwood Publishing Group. صفحة 183. ISBN 978-0-313-26007-0. مؤرشف من الأصل في 4 يوليو 2014. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Norman Davies (1982). God's Playground, a History of Poland: The origins to 1795. Columbia University Press. صفحة 406. ISBN 978-0-231-05351-8. مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. أوغينيوز رومر, O wschodniej granicy Polski z przed 1772 r., w: Księga Pamiątkowa ku czci Oswalda Balzera, t. II, Lwów 1925, s. [355].
  10. Riasanovsky (1963), p. 537.
  11. "Ukraine – The famine of 1932–33". Encyclopædia Britannica. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2008. اطلع عليه بتاريخ 26 يونيو 2008. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "Activities of the Member States – Ukraine". United Nations. مؤرشف من الأصل في 29 يناير 2019. اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. "Macroeconomic Indicators". البنك الوطني الأوكراني. مؤرشف من الأصل في 21 أكتوبر 2007. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Inozmi, "Ukraine – macroeconomic economic situation". June 2009. نسخة محفوظة 22 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
  15. Prat, Sandrine; Péan, Stéphane C.; Crépin, Laurent; Drucker, Dorothée G.; Puaud, Simon J.; Valladas, Hélène; Lázničková-Galetová, Martina; van der Plicht, Johannes; et al. (17 June 2011). "The Oldest Anatomically Modern Humans from Far Southeast Europe: Direct Dating, Culture and Behavior". plosone. doi:10.1371/journal.pone.0020834. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Carpenter, Jennifer (20 June 2011). "Early human fossils unearthed in Ukraine". BBC. مؤرشف من الأصل في 7 نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 21 يونيو 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. "Azerbaijan: Land of Fire and Flood – Ancient Mariners and a Deluged Landscape - Graham Hancock Official Website". مؤرشف من الأصل في 31 مايو 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Paul Kubicek, The History of Ukraine (2008) p 79

    وصلات خارجية

    • بوابة أوكرانيا
    • بوابة أوروبا
    • بوابة تاريخ أوروبا
    • بوابة التاريخ
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.