المجاعة الكبرى 1876–1878

المجاعة الكبرى بين عامي 1876 و1878 هي مجاعة أصابت الهند في فترة حكم الراج البريطاني. بدأت في عام 1876 بعد جفاف شديد أدى إلى فشل المحاصيل في هضبة ديكان. أثرت على جنوب وجنوب غرب الهند –أي رئاسات مدراس وبومباي التي تديرها بريطانيا، وبالتحديد ولايات ميسور وحيدر آباد- على مدى سنتين. أثرت المجاعة في عام 1877 على المناطق الواقعة شمالًا، بما في ذلك أجزاء من المقاطعات الوسطى والشمالية الغربية، ومنطقة صغيرة في البونجاب.[1] أثرت المجاعة بشكل كبير على مساحة 670 ألف كيلومتر مربع (257 ألف ميل) وسببت محنةً لمجموع سكان بلغ 58,500,000. قُدّر معدل الوفيات الزائدة في المجاعة ضمن نطاق حده الأدنى 5.6 مليون حالة وفاة، وحدّه الأعلى 9.6 مليون حالة وفاة، وبلغ التقدير الديموغرافي الحديث الدقيق نحو 8.2 مليون حالة وفاة. تُعرف المجاعة أيضًا باسم مجاعة جنوب الهند 1876-1878 ومجاعة مدراس في عام 1877.[2][3]

الأحداث السابقة

جزئيًا، قد يكون سبب المجاعة الكبرى هو جفاف شديد أدى إلى فشل المحاصيل في هضبة ديكان. كان ذلك الجفاف جزءًا من عيّنة أكبر من جفاف وفشل للمحاصيل على امتداد الهند والصين وأمريكا الجنوبية وأجزاء من أفريقيا، وناتج عن تداخل بين ظاهرة إل نينو المناخية وظاهرة ثنائية قطب المحيط الهندي (أو النينو الهندي)، مما أدى إلى حالات وفاة بين 19 و50 مليون شخص.[4]

استمر تصدير الحكومة الاستعمارية المنتظم للحبوب؛ وخلال المجاعة أشرف نائب الملك اللورد روبرت بولوير-ليتون على التصدير إلى إنجلترا برقم قياسي بلغ 6.4 مليون قنطار (320 ألف طن) من القمح، مما جعل المنطقة أكثر عرضة للخطر. لعبت زراعة المحاصيل النقدية البديلة، بالإضافة إلى تسليع الحبوب، دورًا هامًا في الأحداث.[5][6]

حدثت المجاعة في وقت كانت تحاول فيه الحكومة الاستعمارية تخفيض النفقات على الرفاهية. جرى العمل في وقت سابق على تجنب معدل وفيات شديد خلال مجاعة بيهار في الفترة بين عامي 1873-1874 من خلال استيراد الأرز من بورما.[7] انتُقدت حكومة بنغال ونائب الحاكم السير ريتشارد تيمبل على الإنفاق المفرط على الإغاثة الخيرية. أصر تيمبل، مفوّض الحكومة الهندية للمجاعة في حينها، الذي كان حساسًا تجاه أي اتهامات بالإسراف، ليس فقط على سياسة عدم التدخل بالنسبة لتجارة الحبوب، بل أيضًا على اتباع معايير أكثر صرامة فيما يتعلق بشروط المساعدات وبحصص مساعدات أقل. قُدّم نوعان من المساعدات: «أعمال إغاثة» للرجال والنساء والأطفال العاملين، وإغاثة مجانية (أو خيرية) للأطفال الصغار، وكبار السن والفقراء.[8]

المجاعة والإغاثة

أدى الإصرار على شروط أكثر صرامة لاستحقاق المساعدات إلى إضرابات من قبل «عمال الإغاثة» في رئاسة بومباي. خفّض تمبل أجر يوم العمل الشاق في معسكرات الإغاثة في مدراس وبومباي في يناير، 1877 – كان يتضمن «أجر تمبل» 450 غرام من الحبوب (1 رطل) إضافةً إلى آنة هندية واحدة لكل رجل، ومبلغ أقل منه لامرأة أو طفل عامل، عن «يوم طويل من العمل الشاق بدون فيء أو راحة». كان السبب المنطقي وراء تخفيض الأجر، الذي كان يتماشى مع الاعتقاد السائد في ذلك الوقت، هو أن أي دفع زائد قد يؤدي إلى «اعتمادية» (أو «فساد أخلاقي» في الاستخدام المعاصر) بين السكان المتضررين من المجاعة.[9]

عارض بعض المسؤولين اقتراحات تيمبل، ومن ضمنهم ويليام ديغبي والطبيب دبليو. آر. كورنيش، مفوض الصحة لرئاسة مدراس. ناقش كورنيش من أجل أجر لا يقل عن 680 غرام (1.5 رطل) من الحبوب بالإضافة إلى مكملات من الخضراوات والبروتين، لا سيما إن كان الأفراد يقومون بعمل شاق في أعمال الإغاثة. من ناحية ثانية، دعم ليتون تيمبل، الذي قال إنه «يجب أن يخضع كل شيءٍ للاعتبارات المالية المتعلقة بصرف أقل مبلغ من المال».[10]

في شهر مارس 1877، زادت حكومة المقاطعة في مدراس الحصة لتصل إلى نصف اقتراحات كورنيش، أي 570 غرام (1.25 رطل) من الحبوب و43 غرام (1.5 أونصة) من البروتين على شكل دال(طبق من البقليات). في غضون ذلك الوقت، استسلم عدد كبير من الناس للمجاعة. في أجزاء أخرى من الهند، مثل المقاطعات المتحدة، حيث كانت الإغاثة ضئيلة، كان معدل الوفيات مرتفعًا. في النصف الثاني من عام 1878، قتل وباء الملاريا عددًا أكبر ممن كانوا ضعيفين مسبقًا نتيجة سوء التغذية.[11]

بحلول عام 1877، أعلن تمبل أنه «سيطر على المجاعة». أشار ديغبي إلى أنه «نادرًا ما نستطيع القول إنه بإمكاننا السيطرة على مجاعة بصورة كافية لترك ربع القتلى».[12]

أنفقت الحكومة في الهند بالمجمل 8 1/30 مليون روبية في إغاثة 700 مليون وحدة (وحدة= إغاثة شخص واحد ليوم واحد) في الهند البريطانية، إضافة إلى إنفاق 7.2 مليون روبية أخرى في إغاثة 72 مليون وحدة في ولايات ميسور وحيدر آباد. الإيرادات (ضرائب) المدفوعة على مبلغ 6 ملايين روبية إما لم تُفرض أو أُجّلت حتى السنة التالية، وبلغ مجموع التبرعات الخيرية من بريطانيا العظمى ومستعمراتها نحو 8.4 مليون روبية. مع ذلك، كانت هذه التكلفة صغيرة جدًا بالنسبة للفرد الواحد؛ على سبيل المثال، كانت النفقات التي تكبدتها رئاسة بومباي أقل من خُمس النفقات المتكبدة في مجاعة بيهار بين عامي 1873-1874، وبالتالي أثرت على منطقة أصغر ولم تدم طويلًا.

المراجع

  1. Dyson, Tim (2018). A Population History of India: From the First Modern People to the Present Day. Oxford University Press. صفحات 137–. ISBN 978-0-19-882905-8. مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة) Quote: "Estimating the number of people who died as a result of a famine is not straightforward. Assumptions are required, and often they are not specified in detail and can be influenced by political considerations. However, for the 1876‒78 famine, towards the low end of the range Visaria and Visaria mention official estimates for British administered provinces which suggest that there were about 5.6 million ‘excess’ deaths. Towards the high end of the range, the campaigner William Digby—who witnessed the crisis in Madras Presidency—put the figure at 9.4 million for India. Between these numbers, a careful estimate by Arup Maharatna is that there were around 8.2 million deaths. (p. 137)"
  2. Imperial Gazetteer of India vol. III 1907، صفحة 488
  3. Fieldhouse 1996، صفحة 132 Quote: "In the later nineteenth century, there was a series of disastrous crop failures in India leading not only to starvation but to epidemics. Most were regional, but the death toll could be huge. Thus, to take only some of the worst famines for which the death rate is known, some 800,000 died in the North West Provinces, Punjab, and Rajasthan in 1837–38; perhaps 2 million in the same region in 1860–61; nearly a million in different areas in 1866–67; 4.3 million in widely spread areas in 1876–78, an additional 1.2 million in the North West Provinces and Kashmir in 1877–78; and, worst of all, over 5 million in a famine that affected a large population of India in 1896–97. In 1899–1900 more than a million were thought to have died, conditions being worse because of the shortage of food following the famines only two years earlier. Thereafter the only major loss of life through famine was in 1943 under exceptional wartime conditions.(p. 132)"
  4. Marshall, Michael. "A freak 1870s climate event caused drought across three continents". New Scientist. مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Mike Davis, 2001. Late Victorian Holocausts: El Nino Famines and the Making of the Third World. Verso, London.
  6. S. Guha, Environment and Ethnicity in India, 1200-1991 2006. p.116
  7. Imperial Gazetteer of India vol. III 1907، صفحة 488, Hall-Matthews 1996، صفحات 217–219
  8. Imperial Gazetteer of India vol. III 1907، صفحات 477–483
  9. Hall-Matthews 2008، صفحة 5
  10. Arnold 1994، صفحات 7–8
  11. Mike Davis, Late Victorian Holocausts, El Niño Famines and the Making of the Third World, Verso, 2001; calories for Buchenwald diet: 1750; Temple wage: 1627. Both involved hard labour (p.39); Temple's remark on financial considerations p.40
  12. Imperial Gazetteer of India vol. III 1907، صفحة 489
    • بوابة الإمبراطورية البريطانية
    • بوابة الهند
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.