الفقر في الولايات المتحدة

يشير مصطلح الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأشخاص الذين يفتقرون إلى الدخل الكافي أو الممتلكات المادية اللازمة للوفاء باحتياجاتهم. على الرغم من كون الولايات المتحدة دولة ثرية نسبيًا وفقًا للمعايير الدولية،[1] لطالما كان الفقر موجودًا باستمرار في جميع أنحاء الولايات المتحدة، رغم الجهود المبذولة للتخفيف منه مثل تشريعات عصر الصفقة الجديدة خلال فترة الكساد الكبير، والحرب الوطنية على الفقر في 1960، وجهود التخفيف من حدة الفقر خلال الركود الكبير في 2008.

معدلات الفقر من 1959 حتى 2015 في الولايات المتحدة.

تستخدم الحكومة الفيدرالية الأمريكية إجراءين لقياس الفقر: عتبات الفقر التي حددها مكتب تعداد الولايات المتحدة والتي تستخدم للأغراض الإحصائية، وإرشادات الفقر الصادرة عن وزارة الصحة والخدمات البشرية، والتي تُستخدم لأغراض إدارية.[2] تتكون عتبات الفقر التي تُعرف الفقر على أنه نقص في السلع والخدمات التي عادة ما يعتبرها أفراد المجتمع العاديين أمرًا مسلمًا به، من مستويات الدخل.[3] بينما تعد إرشادات الفقر إرشادات أبسط تُستخدم لتحديد الأهلية للحصول على المعونة من البرامج الفيدرالية مثل هيد ستارت (الأسبقية) وطوابع الطعام.[4]

انخفضت النسبة المئوية للأمريكيين الذين يعيشون في فقر وفقًا لتقييم أجراه مكتب تعداد الولايات المتحدة في عام 2018 إلى أدنى مستوياتها منذ كساد عام 2008 وبلغت 11.8% (~ 38.1 مليون شخص). [5]

خلفية تاريخية

العصر التقدمي

نشأ الاهتمام العام بكيفية حدوث الفقر حتى في وقت التقدم الاقتصادي في القرن التاسع عشر بفضل كتاب هنري جورج الصادر في عام 1873 «التقدم والفقر» بالتزامن مع صعود الحركة التقدمية. بدأ المسح الاجتماعي التقدمي الأمريكي بنشر خرائط وأوراق هال هاوس في عام 1895. تضمنت هذه الدراسة مقالات وخرائط جمعتها فلورنس كيلي وزملاؤها العاملين في هال هاوس وموظفو وزارة العمل بالولايات المتحدة.[6] وركزت على دراسة ظروف الأحياء الفقيرة في شيكاغو، وكان منها أربع خرائط مرمزة بالألوان حسب الجنسية ومستوى الدخل، والتي استندت إلى العمل الرائد السابق لتشارلز بوث «الحياة والعمل للناس في لندن».[7]

وثّق مُصلح اجتماعي آخر اسمه جاكوب ريس الظروف المعيشية لمساكن نيويورك والأحياء الفقيرة في عمله الصادر فيعام 1890 «كيف يعيش النصف الآخر». [8]

الكساد الكبير

تتألف مجموعة كبيرة من المعرضين للفقر بشكل خاص من المزارعين بالعمولة الفقراء والمزارعين المستأجرين في الجنوب. يشكل هؤلاء المزارعون نحو ربع سكان الجنوب، وأكثر من ثلث هؤلاء من الأفارقة الأمريكيين.[9] يشير المؤرخ جيمس ت. باترسون إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم «الفقراء القدامى»، على عكس «الفقراء الجدد» الذين ظهروا بعد بداية الكساد الكبير.[10]

لم تقدم الحكومة أي تأمين ضد البطالة أثناء فترة الكساد، وبالتالي أصبح الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في حالة فقر مباشرة.[11] عاش الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم أو منازلهم في مدن الصفيح أو هوفرفيل. صُممت العديد من برامج الصفقة الجديدة لزيادة فرص العمل والحد من الفقر. ركزت إدارة الإغاثة الطارئة الفيدرالية على وجه التحديد على خلق فرص عمل للتخفيف من حدة الفقر. كانت الوظائف أكثر تكلفة من المدفوعات النقدية المباشرة (التي تسمى «الإعانات الحكومية»)، ولكنها كانت أكثر إفادة من الناحية النفسية للعاطلين عن العمل الذين أرادوا أي نوع من العمل لرفع روحهم المعنوية.[12] وشملت مبادرات الصفقة الجديدة الأخرى التي تهدف إلى خلق فرص العمل والرفاه سلك الخدمة المدنية وإدارة الأشغال العامة. كما كانت مؤسسة الضمان الاجتماعي من أكبر العوامل التي ساعدت على الحد من الفقر. [13]

الحرب على الفقر

ساعد بعض العوامل على بدء الحرب الوطنية على الفقر في الستينيات. ففي عام 1962، ساعد كتاب مايكل هارينغتون «أمريكا الأخرى» على زيادة النقاش العام والوعي بقضية الفقر. اشتملت الحرب على الفقر على توسيع دور الحكومة الفيدرالية في التعليم والرعاية الصحية كاستراتيجيات للحد من الفقر، وأدار مكتب الفرص الاقتصادية المنشأ حديثًا وقتها العديد من برامجها. تزامنت الحرب على الفقر مع نسخ إحصائية أكثر منهجية ودقة لدراسة الفقر. ولم يُتبني المقياس الإحصائي الأمريكي «الرسمي» للفقر إلا في عام 1969. [14]

القرن الحادي والعشرين

ساعد الكساد الكبير على زيادة مستويات الفقر مرة أخرى في القرن الحادي والعشرين. اعتبارًا من عام 2009 ، اقترب عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر من مستويات الستينيات التي أدت إلى الحرب الوطنية على الفقر.[15] تُظهر بيانات تعداد عام 2010 أن نصف السكان يعتبرون من الفقراء أو ذوي الدخل المنخفض،[16][17] حيث يعيش واحد من كل خمسة آلاف فرد من جيل الألفية في فقر. يفترض المساهمون الأكاديميون في دليل روتليدج للفقر في الولايات المتحدة ظهور أشكال جديدة ومتطرفة من الفقر في الولايات المتحدة نتيجة لسياسات التكيف الهيكلي النيوليبرالي والعولمة التي جعلت المجتمعات المهمشة اقتصاديًا تمتلك «فائضًا من السكان» الفقراء الذين يجب السيطرة عليهم وعقابهم.[18]

أكدت العديد من الهيئات الدولية على قضايا الفقر التي تواجهها الولايات المتحدة. صنف تقرير لليونيسف لعام 2013 الولايات المتحدة كثاني أعلى معدل لفقر الأطفال النسبي في الدول المتقدمة.[19] وبداية من يونيو 2016، حذر صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة من أن معدل الفقر المرتفع يجب معالجته على وجه السرعة من خلال رفع الحد الأدنى للأجور وتقديم إجازة أمومة مدفوعة الأجر للنساء لتشجيعهن على دخول سوق العمل.[20] في ديسمبر 2017، أجرى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، تحقيقًا لمدة أسبوعين حول آثار الفقر الشامل في الولايات المتحدة، وأدان بشدة «الثروة الخاصة والبؤس العام»، معلنًا أن ولاية ألاباما تمتلك «أسوأ معدل فقر في العالم المتقدم».[21] صدر تقرير ألستون في مايو 2018 وأبرز التقرير أن 40 مليون شخص يعيشون في فقر، وأن أكثر من خمسة ملايين يعيشون «في ظروف العالم الثالث». [22]

قياس الفقر

تستخدم الحكومة الفيدرالية الأمريكية العديد من الآليات لقياس الفقر. يصدر مكتب التعداد عتبات الفقر والتي تُستخدم عمومًا لأغراض إحصائية؛[23] مثل تقدير عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر على مستوى الدولة سنويًا وتصنيفهم حسب نوع الإقامة والعرق وغير ذلك من العوامل الاجتماعية والاقتصادية و الخصائص الديموغرافية. كما تُصدر وزارة الصحة والخدمات الإنسانية إرشادات الفقر لأغراض إدارية؛ مثل تحديد ما إذا كان شخص أو أسرة ما مؤهلة للحصول على المعونة من خلال برامج اتحادية مختلفة.[24] تُحدث عتبات الفقر وإرشادات الفقر بشكل سنوي. بدأ مكتب التعداد في الآونة الأخيرة في استخدام مقياس الفقر التكميلي كإحصائية إضافية لقياس الفقر وإكمال الآليات المستخدمة بالفعل.

عتبات الفقر

نبعت عتبات الفقر من العمل الذي قامت به مولي أورشانسكي الاقتصادية الأمريكية التي تعمل في إدارة الضمان الاجتماعي. قدمت أورشانسكي عتبات الفقر في مقال في نشرة الضمان الاجتماعي لعام 1963 بعنوان «أطفال الفقراء».[25]

استندت عتبات أورشانسكي على العمل الذي قامت به مع خطة الغذاء الاقتصادي أثناء عملها في وزارة الزراعة الأمريكية. وفقًا لمسح وزارة الزراعة الأمريكية لعام 1955 لاستهلاك الغذاء المنزلي، أنفقت العائلات المكونة من ثلاثة أشخاص أو أكثر ثلث دخلها بعد الضرائب على الطعام. تُحدد عتبات الفقر بالنسبة لهذه الأسر بقيمة ثلاثة أضعاف تكلفة خطة الغذاء الاقتصادي. استُخدمت إجراءات مختلفة لحساب عتبات الفقر للأسر المكونة من شخصين والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم.

مصادر

  1. Zweig, Michael (2004). What's Class Got to do With It? : Society in the U.S.A. in the Twenty-first Century. ILR Press. ISBN 978-0-8014-8899-3. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. "2018 Poverty Guidelines". Aspe.hhs.gov. February 7, 2018. مؤرشف من الأصل في 08 فبراير 2018. اطلع عليه بتاريخ 07 فبراير 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Schwartz, J. E. (2005). Freedom Reclaimed: Rediscovering the Vision of the United States. Baltimore: Johns Hopkins University Press. ISBN 978-0-8018-7981-4. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. "What Are Poverty Thresholds And Poverty Guidelines? – INSTITUTE FOR RESEARCH ON POVERTY – UW–Madison". www.irp.wisc.edu. مؤرشف من الأصل في 16 فبراير 2020. اطلع عليه بتاريخ 10 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. [https://www.forbes.com/sites/niallmccarthy/2019/09/13/us-poverty-levels-fall-to-pre-recession-low-infographic/ U.S. Poverty Levels Fall To Pre-Recession Low [Infographic]], فوربس "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 10 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 7 مايو 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  6. "Hull House Maps and Papers". florencekelley.northwestern.edu (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 6 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 11 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. O'Connor, Alice (2001). Poverty Knowledge: Social Science, Social Policy, and the Poor in Twentieth-Century U.S. History (باللغة الإنجليزية). Princeton University Press. ISBN 978-0-691-10255-9. مؤرشف من الأصل في 16 فبراير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. "Riis, Jacob". Social Welfare History Project (باللغة الإنجليزية). 2011-01-10. مؤرشف من الأصل في 1 مايو 2020. اطلع عليه بتاريخ 11 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. "Great Depression: American Social Policy". Social Welfare History Project (باللغة الإنجليزية). 2011-01-20. مؤرشف من الأصل في 9 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 11 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. PATTERSON, James T. (2009-06-30). America’s Struggle against Poverty in the Twentieth Century (باللغة الإنجليزية). Harvard University Press. ISBN 978-0-674-04194-3. مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. "Economics & Poverty". depts.washington.edu. مؤرشف من الأصل في 31 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 10 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "::: Federal Emergency Relief Administration (FERA) Photographs of King County, 1933-1935 :::". content.lib.washington.edu. مؤرشف من الأصل في 21 مارس 2019. اطلع عليه بتاريخ 10 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Poverty in 13 states is worse than we thought Washington Post November 8, 2013 نسخة محفوظة 26 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  14. Gabe, Thomas (January 29, 2015). "Poverty in the United States: 2013" (PDF). Congressional Research Service. مؤرشف من الأصل (PDF) في 12 نوفمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. "US poverty on track to post record gain in 2009". Associated Press. April 13, 2009. مؤرشف من الأصل في 19 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 20 مايو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Jana Kasperkevic (December 26, 2014). One in five millennials lives in poverty, report finds. الغارديان. Retrieved December 26, 2014. نسخة محفوظة 31 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  17. Census data: Half of U.S. poor or low income. سي بي إس نيوز, December 15, 2011. Retrieved February 10, 2014. نسخة محفوظة 28 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  18. Haymes, Stephen N.; de Haymes, María V.; Miller, Reuben J., المحررون (2015). The Routledge Handbook of Poverty in the United States. London and New York: روتليدج. صفحات 2-4, 346. ISBN 978-0-41-567344-0. مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. Fisher, Max (April 15, 2013). Map: How 35 countries compare on child poverty (the U.S. is ranked 34th). واشنطن بوست. Retrieved February 16, 2014. See also: Child well-being in rich countries: A comparative overview. يونيسف office of Research. p. 7. نسخة محفوظة 30 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  20. IMF warns the US over high poverty. BBC, June 22, 2016. نسخة محفوظة 10 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  21. Alston, Philp (December 15, 2017). "Statement on Visit to the USA, by Professor Philip Alston, United Nations Special Rapporteur on extreme poverty and human rights". المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. مؤرشف من الأصل في 7 أبريل 2020. اطلع عليه بتاريخ 24 ديسمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  22. ""Contempt for the poor in US drives cruel policies," says UN expert". OHCHR. June 4, 2018. مؤرشف من الأصل في 24 أبريل 2020. اطلع عليه بتاريخ June 5, 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  23. "How the Census Bureau Measures Poverty". census.gov. مكتب تعداد الولايات المتحدة. مؤرشف من الأصل في يوليو 11, 2010. اطلع عليه بتاريخ سبتمبر 16, 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  24. "2015 POVERTY GUIDELINES". hhs.gov. وزارة الصحة والخدمات البشرية. مؤرشف من الأصل في 22 أبريل 2020. اطلع عليه بتاريخ September 3, 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  25. Orshansky, Mollie. "Children of the Poor" (PDF). Social Security Bulletin. July 1963. مؤرشف من الأصل (PDF) في 31 أكتوبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)

    وصلات خارجية

    • بوابة عمارة
    • بوابة علاقات دولية
    • بوابة علم العملات
    • بوابة علم الاجتماع
    • بوابة تنمية مستدامة
    • بوابة الأمم المتحدة
    • بوابة الاقتصاد
    • بوابة الولايات المتحدة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.