التاريخ المعاصر

يُعتبر التاريخ المعاصر، في علم تأريخ اللغة الإنكليزية، فرعًا من التاريخ الحديث، والذي يصف الفترة التاريخية من عام 1945 وحتى الوقت الحالي.[1] يُعتبر التاريخ المعاصر إما فرعًا من الحقبة الحديثة المتأخرة، أو أحد الفروع الثلاث الرئيسية من التاريخ الحديث، جنبًا إلى جنب مع الحقبة الحديثة المبكرة والحقبة الحديثة المتأخرة. وُضع مصطلح «التاريخ الحديث» موضع الاستخدام على الأقل منذ بدايات القرن التاسع عشر.[2]

يُحكم التاريخ المعاصر سياسيًا بالحرب الباردة (1945-1991) بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي لُمست تأثيراتها عبر جميع أرجاء العالم. انتهت المواجهة، التي تجلت بشكل أساسي عن طريق القتال بحروب الوكالة وعبر التدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبلدان الصغيرة، بشكل نهائي مع تفكك الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو عام 1991، وذلك عقب ثورة عام 1989. مكنت المراحل الأخيرة من الحرب وما تلاها من إضفاء الطابع الديمقراطي على معظم أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. في الشرق الأوسط، حُكمت الفترة التي تلت عام 1945 بالصراع الذي تضمن دولة إسرائيل الحديثة وصعود السياسيات النفطية، بالإضافة إلى نمو الإسلاموية بعد الثمانينيات من القرن العشرين. ظهرت أولى المنظمات العالمية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، في فترة ما بعد عام 1945، في حين انهارت الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية في أفريقيا وآٍسيا، واختفت نهائيًا عام 1975. ظهرت الثقافة المضادة، وغيرت الثورة الجنسية العلاقات الاجتماعية في المجتمعات الغربية بين الستينيات والثمانينيات من القرن العشرين، وتجسدت من خلال احتجاجات عام 1968. ارتفعت معايير المعيشة بحدة في العالم المتطور نتيجة الاتساع الاقتصادي ما بعد الحرب العالمية الثانية، في حين انبثقت بعض الاقتصادات الكبرى في العالم مثل اليابان وألمانيا الغربية. انتشرت ثقافة الولايات المتحدة، خصوصًا الاستهلاكية، على نطاق واسع. بحلول الستينيات من القرن العشرين، بدأت معظم البلدان الغربية عملية إزالة المصانع. أدت العولمة إلى ظهور مراكز صناعية جديدة، مثل اليابان وتايوان، وفي وقت لاحق الصين؛ التي صدرت السلع الاستهلاكية إلى البلدان المتقدمة.

منذ بداية التحول بعد عام 1945: طُورت رحلات الفضاء والتكنلوجيا النووية والليزر وتكنلوجيا أنصاف النواقل جنبًا إلى جنب مع علم الأحياء الجزيئي وعلم الوراثة وفيزياء الجسيمات ونظرية النموذج المعياري ونظرية الحقل الكمومي. في ذات الوقت، صُنعت الحواسيب الأولى، وتُبعت بالإنترنت وبداية عصر المعلومات.

أدت التكنولوجيا النووية إلى ظهور عصر الخمسينيات في النطاق الزمني العلمي قبل الحالي، ما جعل عصر ما بعد الحداثة هو العصر الأول من «ما بعد الحاضر».

الحقبة الحديثة

شهد العالم في النصف الأول من القرن العشرين سلسلة من الكوارث، تمثلت بالحربين العالمتين الأولى والثانية. مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الأولى، كان هناك سلسلة من الثورات الروسية والحرب المدنية الروسية. في فترة ما بين الحربين، في العشرينيات من القرن العشرين، شهد العالم ازدهارًا كبيرًا، إذ إن معظم العالم شهد تقدمًا تكنلوجيًا، لكن هذا الازدهار اضمحل سريعًا مع الكساد العظيم. في هذه الفترة، تشكلت عصبة الأمم لتتعامل مع القضايا العالمية، لكنها فشلت في كسب الدعم الكافي من قِبل القوى المسيطرة في العالم، وقادت سلسلة من الأزمات العالم من جديد نحو حقبة جديدة من العنف.

ما بعد عام 1945

تضمنت الأحداث الجديرة بالملاحظة خلال الفترة الحديثة من التاريخ الشامل حربين عالميتين وحرب باردة، تميزت بالتنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

بدأت الحرب الباردة عام 1947 واستمرت حتى 1991. كان عصر الفضاء متزامنًا مع ذلك الوقت، ومشتملًا على الأنشطة المتعلقة بسباق واكتشاف الفضاء والتكنلوجيا الفضائية والتطور الثقافي المتأثر بهذه الأحداث. تعتبر تسمية السلام الأمريكي شائعة على المفهوم التاريخي للسلام الليبرالي النسبي في العالم الغربي، والناتجة عن غلبة القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

عصر المعلومات والحواسيب

يعد عصر المعلومات، أو عصر الحواسيب، فكرة أن العصر الحالي سوف يتسم بقدرة الأفراد على نقل المعلومات بحريّة، والحصول على إمكانية الوصول الفوري إلى المعرفة التي كان من الصعب أو حتى من المستحيل أن توجد سابقُا. ترتبط الفكرة بشدة بمفهوم العصر الرقمي أو الثورة الرقمية، وتحمل تداعيات الانتقال من الصناعة التقليدية التي جلبتها الثورة الصناعية من خلال بناء المصانع، إلى الاقتصاد المبني حول التلاعب البارع بالمعلومات. من الراجح عمومًا أن الفترة بدأت في النصف الأخير من القرن العشرين، على الرغم من اختلاف التاريخ المحدد. بدأ استخدام المصطلح في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، ولا يزال يُستخدم في الوقت الحالي مع توفر الإنترنت.[3]

الإرهاب والحرب

كانت التطورات السياسية الرئيسية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بالنسبة للولايات المتحدة والشرق الأوسط تدور حول الإرهاب الحديث والحرب على الإرهاب وحرب أفغانستان وحرب العراق.

كانت هجمات 11 سبتمبر، التي وُصفت كـ «نقطة تحول» في العصر الحديث، سلسلة من الهجمات الانتحارية المنسقة من قِبل القاعدة ضد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001. في ذلك الصباح، خطف 19 إرهابيًا من القاعدة أربع طائرات ركاب تجارية. صدم الخاطفون عن سابق إصرار اثنتين من الطائرات في البرجين التوءمين بمركز التجارة العالمي في نيويورك ما أسفر عن مقتل جميع من كان على متن الطائرتين والعديد من الأشخاص الذين يعملون في البرجين. انهار البرجان خلال ساعتين، وتدمرت أبنية مجاورة ولحق الضرر بأبنية أخرى. صدم الخاطفون الطائرة الثالثة في البنتاغون (مقر وزارة الدفاع) في أرلينغتون بولاية فرجينيا، خارج العاصمة واشنطن. تحطمت الطائرة الرابعة في حقل بالقرب من شانكسفيل في مقاطعة سومرست الريفية في ولاية بنسلفانيا، وذلك بعد محاولة بعض ركابها وطاقم الطائرة استعادة السيطرة على الطائرة، والتي أعاد الخاطفون توجيهها نحو العاصمة واشنطن. تضمنت الهجمات الإرهابية الكبرى بعد 11 سبتمبر حصار مسرح موسكو وتفجيرات إسطنبول 2003 وتفجيرات قطارات مدريد وأزمة الرهائن في مدرسة بيسلان وتفجيرات لندن 2005 وتفجيرات نيودلهي 2005 وحصار فندق مومباي 2008.[4]

الركود الكبير

في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان هناك ارتفاع عالمي في أسعار السلع والمنازل، الأمر الذي يمثل نهاية كساد السلع بين عامي 1980 و2000. سُوّقت الأوراق المالية المدعومة برهان عقاري في الولايات المتحدة، والتي كانت تنطوي على مخاطر يصعب تحديدها، حول العالم وأدى الاتساع الائتماني ذو القاعدة الواسعة لتغذية فقاعة المضاربة العالمية في العقارات والأسهم. تأثر الوضع المالي أيضًا بزيادة حادة في أسعار النفط والغذاء. تسبب انهيار فقاعة الإسكان الأمريكية في انخفاض سريع لقيمة الأوراق المالية المرتبطة بتسعير العقارات، ومن ثم إلحاق الضرر بالمؤسسات المالية.[5][6]

اندلع الركود أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهو الركود الاقتصادي الحاد الذي بدأ في الولايات المتحدة عام 2007، نتيجة الأزمة المالية الحديثة. رُبطت الأزمة المالية الحديثة بممارسات الإقراض السابقة من قِبل المؤسسات المالية واتجاه توريق القروض الأمريكية. كشف ظهور خسائر قروض الرهن العقاري عن قروض محفوفة بالمخاطر وأسعار ممتلكات مبالغ فيها.[7]

التحديات والمشاكل

يواجه العالم عدة قضايا في الحقبة المعاصرة. أولًا، تركزت الثروة في أيدي دول مجموعة الثمانية والدول الصناعية الغربية، بالإضافة إلى العديد من الدول الآسيوية ودول أوبيك. امتلك أغنى 1% من أثرياء العالم البالغين 40% من الممتلكات العالمية عام 2000، وامتلك أغنى 10% من أثرياء العالم البالغين 85% من إجمالي ثروات العالم. يملك النصف السفلي من سكان العالم البالغين بالكاد 1% من الثروة العالمية. وجدت دراسة أن أغنى 2% يملكون أكثر من نصف ممتلكات الإسكان العالمية. على الرغم من ذلك، يتغير التوزيع بسرعة كبيرة باتجاه تركيز أكبر للثروة.[8]

مصادر

  1. Brivati, Brian (1996). "Introduction". In Brivati, Brian; Buxton, Julia; Seldon, Anthony (المحررون). The contemporary history handbook (الطبعة 1st). Manchester: Manchester University Press. صفحة xvi. ISBN 9780719048364. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. For example, Edinburgh review, Volume 12 (1808) p. 480 (cf., There is this general distinction between contemporary history and all other history, —that the former is a witness, the latter a judge. The opinions of a contemporary author on the events which he records, are only then authority, when the impression made on a bystander happens to be a material part of the case; nor is this any exception to the maxim, that his business is to testify, not to lecture. On facts, however, he is paramount evidence; and that, not only in the age immediately succeeding him, but also, which is generally forgotten, to the latest times. The modern historian, who consults original authorities through the-medium of some later predecessor, descends from the character of a judge to that of a faithful reporter of decisions.) "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 2 يناير 2014. اطلع عليه بتاريخ 3 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  3. Steven Levitsky, Lucan A. Way. Competitive Authoritarianism: Hybrid Regimes After the Cold War. 2010. Pg 3.
  4. "Core Characteristics of Web 2.0 Services". مؤرشف من الأصل في 7 سبتمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. "Jarvis, Jonathan. Crisis of Credit". crisisofcredit.com نسخة محفوظة 3 يونيو 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. This American Life. "NPR-The Giant Pool of Money-April 2009". Pri.org. مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2010. اطلع عليه بتاريخ 01 مايو 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Mishkin, Fredric S. (15 May 2008). How Should We Respond to Asset Price Bubbles? (Speech). مؤرشف من الأصل في 18 يوليو 2019. اطلع عليه بتاريخ 18 أبريل 2009. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. The rich really do own the world 5 December 2006 نسخة محفوظة 11 ديسمبر 2006 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
    • بوابة أوروبا
    • بوابة التاريخ
    • بوابة تاريخ العلوم
    • بوابة عصور حديثة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.