التاريخ التطوري للنباتات

لقد نتج عن تطور النباتات مجموعة كبيرة من الأشكال المعقدة، بدءًا من الحصائر الطحلبية البدائية، ومرورًا بالطحالب الخضراء البحرية وغير البحرية متعددة الخلايا والنباتات اللا وعائية البرية والسراخس والنباتات الذئبية، حتى الأشكال المعقدة من كاسيات البذور وعاريات البذور الموجودة في يومنا هذا. في حين أن العديد من الأشكال الأولى لا تزال تزدهر كما هو الحال في الطحالب الحمراء والخضراء البحرية، فإن الأشكال التي ظهرت مؤخرًا قد حلت مكان تلك النباتات التي كانت سائدة في البيئة سابقًا، مثل انتشار النباتات المزهرة في البيئات البرية بدلًا من نباتات عاريات البذور. هناك أدلة على أن البكتريا الزرقاء وحقيقيات النوى متعددة الخلايا تعيش في المياه العذبة على الأرض منذ مليار سنة، وأن الكائنات الحية الدقيقة متعددة الخلايا موجودة على الأرض منذ عصر ما قبل الكامبري، قبل حوالي 850 مليون سنة.[1]:498

ظهر دليل على وجود نباتات الأرض الجنينية لأول مرة في منتصف العصر الأوردوفيشي (منذ حوالي 470 مليون سنة)، وبحلول منتصف عصر الديفون (قبل 390 مليون سنة)، كانت العديد من الميزات المتعارف عليها في النباتات البرية اليوم موجودة، بما في ذلك الجذور والأوراق.[2] في أواخر العصر الديفوني (حوالي 370 مليون سنة)، كانت بعض أنواع النباتات مثل السرخس العتيق تحتوي على نسيج وعائي ثانوي ينتج الخشب وشكل غابات من الأشجار الطويلة.[3]

لم تصب معظم مجموعات النباتات بأذى جراء حادثة انقراض العصر البرمي الثلاثي على الرغم من تغير هياكل البناء؛ ربما يكون هذا قد أوضح ظهور النباتات المزهرة في العصر الترياسي (منذ 200 مليون سنة تقريبًا)، وتنوعها لاحقًا في العصر الطباشيري والعصر الباليوجيني. كانت النباتات النجيلية هي أحدث مجموعة رئيسية من النباتات والتي تطورت حتى أصبحت مهمة في منتصف العصر الباليوجيني منذ حوالي 40 مليون سنة.[4] طورت النباتات النجيلية –وكذلك العديد من النباتات الأخرى- آليات جديدة لعملية التمثيل الغذائي من أجل البقاء على قيد الحياة في ظروف انخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون، والجفاف في المناطق الاستوائية على مدى السنوات ال 10 السابقة.

تطور شكل النباتات

الأوراق

الأوراق هي الأعضاء الرئيسية لعملية التمثيل الضوئي بالنسبة للنباتات الحديثة، حيث أنه من شبه المؤكد أن ظهور الأوراق كان بسبب انخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي خلال الفترة الديفونية، فهي تزيد من كفاءة التقاط ثاني أكسيد الكربون من أجل عملية البناء الضوئي.[5][6] تطورت الأوراق أكثر من مرة؛ وبناءً على بنيتها،[7] فقد صنفت إلى نوعين: 1) ورقة دقيقة (ميكروفيل)، والتي تفتقر إلى التهوية المعقدة، وربما تكون نشأت على شكل امتدادات شوكية؛ 2) ورقة كبيرة (ميجافيل)، وفقًا لنظرية تيلر والتر زيمرمان، فقد تطورت الأوراق الكبيرة من النباتات التي أظهرت بنية متفرعة ثلاثية الأبعاد، وذلك من خلال ثلاث تحولات:

  1. التجاوز، مما أدى إلى وضع جانبي نموذجي للأوراق
  2. التخطيط، والذي يتضمن تشكيل بنية مستوية
  3. الاندماج، والتي توحد الفروع المستوية وتؤدي إلى تشكيل الصفيحة النسيجية الورقية المناسبة

كل هذه الخطوات حدثت عدة مرات أثناء تطور الأوراق اليوم.[8]

يُعتقد على نطاق واسع أن نظرية التيلوم مدعومة جيدًا بالأدلة الأحفورية. ومع ذلك، فقد تساءل وولفجانج هاجمان عنها لأسباب مورفولوجية وإيكولوجية واقترح نظرية بديلة.وفقًا لنظرية التيلوم، فإن النباتات الأرضية البدائية لديها نظام تفرعي ثلاثي الأبعاد لمحاور متناظرة شعاعيًا، بينما اقترح هاجيمان العكس، حيث افترض أن النباتات البدائية التي تطورت إلى النباتات الوعائية كانت مسطحة، وتشبه الأوراق، وبدون محاور، وتشبه إلى حد ما السرخس البري. اقترح رولف ساتلر وجهة نظر شاملة موجهة نحو العملية والتي تترك مجالًا محدودًا لكل من نظرية التيلوم وهاجيمان، كما يأخد في الاعتبار التواصل الكامل بين الهياكل الظهرية (المسطحة) والشعاعية (الأسطوانية) التي يمكن العثور عليها في الحفريات والنباتات الأرضية الحية. يدعم هذا الرأي من خلال البحوث في علم الوراثة الجزيئي.[9]

بالنسبة لنظرية التيلوم، اقتُرح أنه قبل تطور الأوراق، كانت الهياكل اللازمة للتمثيل الضوئي في النباتات موجودة على السيقان. من المحتمل أن الأوراق الكبيرة أصبحت مألوفة بعد حوالي 40 سنة من انتشار النباتات البسيطة الخالية من الأوراق على الأرض في العصر الديفوني المبكر. تم ربط هذا الانتشار بانخفاض تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في العصر الباليوزي المتأخر المرتبط بارتفاع كثافة الثغور على سطح الورقة. هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة معدلات النتح وتبادل الغازات، ولكن –بشكل خاص- قد تسخن الأوراق الكبيرة ذات العدد القليل من الثغور إلى درجات حرارة قاتلة في ضوء الشمس الكامل، ولكن مع زيادة كثافة الثغور فإنه يتم التبريد بشكل أفضل.[10]

عوامل تؤثر على بنية الورقة

العوامل الفيزيائية والفيسيولوجية المختلفة مثل شدة الضوء والرطوبة ودرجة الحرارة وسرعة الرياح وما إلى ذلك أثرت على تطور الأوراق وحجمها، حيث نادرًا ما تحتوي الأشجار العالية على أوراق كبيرة لأنها تتضرر من الرياح الشديدة. وبالمثل، فإن الأشجار التي تنمو في التايغا والمناطق ذات المناخ المعتدل يكون لها أوراق مدببة حيث يُحتمل أنها تمنع تكوّن الجليد وتقلل من فقد الماء بسبب النتح.[11]

على المستوى الوراثي، أظهرت الدراسات التنموية أن قمع جينات KNOX مطلوب لبدء عملية تكوّن الأوراق، ويحدث هذا عن طريق جينات العوامل الأخرى التي لديها دور محفظ في تحديد أوراق الشجر البدائية هم الهرمونات النباتية: الأكسين، والجبرلين، والسيتوكينين التي تشفر عوامل النسخ.[12]

يمكن لترتيب الأوراق على جسم النبات أن يحصد الضوء إلى الحد الأقصى وقد يكون متينًا وراثيًا. ومع ذلك، تعد طفرة في جين واحد فقط يسمى ABPHYL كافية لتغيير الافتراق الزاوي للأوراق، مما يعني أن التعديل التحولي لموضع واحد على الجينوم يكفي لإحداث التنوع.[13]

الجذور

الجذور مهمة للنبات لسببين رئيسيين: أولًا، أنها توفر أساس ثابت تحت الأرض، ثانيًا، فهي توفر مصدرًا مهمًا للمياه والمواد المغذية من التربة؛ فالجذور سمحت للنباتات أن تنمو أطول وأسرع. كان لتطور الجذور عواقب على نطاق عالمي عن طريق تشتت التربة وتعزيز حمضها (عن طريق امتصاص المواد الغذائية مثل النترات والفوسفات)، وحقن مركبات الكربون في عمق التربة مع آثار كبيرة على المناخ. قد تكون هذه الآثار عميقة لدرجة أنها أدت إلى انقراض جماعي.[14]

بينما توجد آثار للانطباعات الشبيهة بالجذور في التربة الأحفورية في العصر السيلوري المتأخر، تظهر حفريات الجسم أقدم النباتات التي تخلو من الجذور. كان للعديد منها فروع ممتدة على الأرض، مع وجود محاور منتصبة منتشرة هنا وهناك، وبعضها ليست لها تأثير على الثغور.[15]

المراجع

  1. Stewart, W.N.; Rothwell, G.W. (1993). Paleobotany and the evolution of plants (الطبعة 2). Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-23315-6. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Strother, Paul K.; Battison, Leila; Brasier, Martin D.; Wellman, Charles H. (2011). "Earth's earliest non-marine eukaryotes". Nature. 473 (7348): 505–509. Bibcode:2011Natur.473..505S. doi:10.1038/nature09943. PMID 21490597. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Knauth, L. Paul; Kennedy, Martin J. (2009). "The late Precambrian greening of the Earth". Nature. 460 (7256): 728–732. Bibcode:2009Natur.460..728K. doi:10.1038/nature08213. PMID 19587681. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Rothwell, G. W.; Scheckler, S. E.; Gillespie, W. H. (1989). "Elkinsia gen. nov., a Late Devonian gymnosperm with cupulate ovules". Botanical Gazette. 150 (2): 170–189. doi:10.1086/337763. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Kenrick, Paul (2001). "Turning over a new leaf". Nature. 410 (6826): 309–310. Bibcode:2001Natur.410..309K. doi:10.1038/35066649. PMID 11268183. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Evolution of leaf-form in land plants linked to atmospheric قالب:CO2 decline in the Late Palaeozoic era. Nature (باللغة الإنجليزية). 410. 2001. doi:10.1038/35066546. PMID 11268207. 287–394 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Crane, P.R.; Kenrick, P. (1997). "Diverted development of reproductive organs: A source of morphological innovation in land plants". Plant Systematics and Evolution. 206 (1): 161–174. doi:10.1007/BF00987946. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Piazza, P.; et al. (2005). "Evolution of leaf developmental mechanisms". New Phytol. 167 (3): 693–710. doi:10.1111/j.1469-8137.2005.01466.x. PMID 16101907. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Taylor, T.N.; Hass, H.; Kerp, H.; Krings, M.; Hanlin, R.T. (2005). "Perithecial ascomycetes from the 400 million year old Rhynie chert: an example of ancestral polymorphism". Mycologia. 97 (1): 269–285. doi:10.3852/mycologia.97.1.269. hdl:1808/16786. PMID 16389979. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Taylor, T.N.; Taylor, E.L. (1993). "The biology and evolution of fossil plants". الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  11. Brown V; et al. (1991). "Herbivory and the Evolution of Leaf Size and Shape". Philosophical Transactions of the Royal Society B. 333 (1267): 265–272. doi:10.1098/rstb.1991.0076. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Harrison C. J.; et al. (2005). "Independent recruitment of a conserved developmental mechanism during leaf evolution". Nature. 434 (7032): 509–514. Bibcode:2005Natur.434..509H. doi:10.1038/nature03410. PMID 15791256. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Jackson D.; Hake S. (1999). "Control of Phyllotaxy in Maize by the ABPHYL1 Gene". Development. 126 (2): 315–323. PMID 9847245. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Mora, C.I.; Driese, S.G.; Colarusso, L.A. (1996). "Middle to Late Paleozoic Atmospheric CO2 Levels from Soil Carbonate and Organic Matter". Science. 271 (5252): 1105–1107. Bibcode:1996Sci...271.1105M. doi:10.1126/science.271.5252.1105. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. Algeo, T.J.; Berner, R.A.; Maynard, J.B.; Scheckler, S.E.; Archives, G.S.A.T. (1995). "Late Devonian Oceanic Anoxic Events and Biotic Crises: "Rooted" in the Evolution of Vascular Land Plants?". GSA Today. 5 (3). مؤرشف من الأصل في 01 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة علوم الأرض
    • بوابة علم الأحياء القديمة
    • بوابة علم الأحياء التطوري
    • بوابة علم النبات
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.