الإرهاب المحلي

الإرهاب المحلي هو شكل من أشكال الإرهاب يكون فيه الضحايا «من داخل بلد ما أو يستهدف مجرم من نفس الجنسية». يوجد العديد من التعاريف للإرهاب، لكن لم يُقبل أحدها عالميًا. سنة 2003 عَرفت وزارة الخارجية الأميركية الإرهاب «أنه عنف مُدبر ذو دوافع سياسية، يُرتكب ضد أهداف مدنية بواسطة مجاميع عرقية أو عملاء سريين، وعادةً ما يكون الغرض منه التأثير في جمهور ما». لا توجد جريمة جنائية اتحادية مُصنفة إرهابًا محليًا.[1]

التعريف

رغم وجود العديد من التعاريف الممكنة للإرهاب المحلي، فإنه يُعرف عمومًا بأنه إرهاب يستهدف فيه الجناة بلدانهم. يعرف إندرز الإرهاب الأهلي بكونه «محلي النشأة يكون فيه المستهدف والجناة جميعهم من نفس البلاد».[2] مصطلح «الإرهاب المحلي» يرتبط بالإرهاب الجهادي ضد بلدان الغرب. وصف ويلنر ودوبلوز الإرهاب المحلي بأنه «غربيين متطرفين ومنظمين بصورة مستقلة مع مساعدات توجيهية بسيطة من الشبكات العابرة للقومية، تنشأ داخل الوطن أو البلد المضيف وتستهدف مواطنيهم».[3] في تقرير قدمه مركز أبحاث الكونغرس بعنوان «الإرهاب الجهادي الأمريكي: مكافحة تهديد معقد»، يصف هذا التقرير «الإرهاب المحلي» بأنه نشاط إرهابي يرتكبه داخل الولايات المتحدة أو خارجها مواطنون أمريكيون أو مقيمون شرعيون دائمون أو زوار متطرفون إلى حد بعيد داخل الولايات المتحدة.[4]

في ضوء قانون باتريوت الصادر سنة 2001، يُعرف الإرهاب الأهلي بأنه:

  • أ- نشاطات تتضمن أفعالًا خطرة على حياة الإنسان، تمثل انتهاكًا لقانون الجرائم في الولايات المتحدة أو أي ولاية أمريكية.
  • ب- فعل يهدف إلى:
  1. إرهاب أو إكراه السكان المدنيين.
  2. التأثير في سياسات الحكومة بالترهيب أو الإكراه.
  3. التأثير في أداء الحكومة بواسطة عمليات الدمار الشامل والاغتيالات وعمليات الخطف.
  • ج- حدث يحدث داخل النطاق الإقليمي للسلطة القضائية في الولايات المتحدة.

وُضع هذا التعريف لوضع التحقيقات القانونية قيد التنفيذ. في حين يُعد الإرهاب الدولي -الأعمال الإرهابية العابرة للحدود الوطنية- جريمة في القانون الاتحادي، مع أنه لا توجد جريمة جنائية اتحادية تشير إلى «الإرهاب المحلي». تُوجَّه التهم إلى أعمال «الإرهاب المحلي» تحت أسماء قانونية معينة، مثل قتل العملاء الفدراليين أو محاولة استخدام المتفجرات لنسف مبنى تجاري.[5][6]

وقائع ودراسات

الإرهاب المحلي ليس ظاهرة جديدة على العالم. يجادل المحللون الأمنيون أنه بعد نهاية الحرب الباردة، أصبحت النزاعات العسكرية تتضمن بتزايد جهات فاعلة عنيفة غير دولية تشن حروبًا غير متكافئة، يمثل الإرهاب جزءًا منها. كشفت الولايات المتحدة عن عدد من المخططات الإرهابية التي قمعتها بنجاح الاستخبارات الداخلية وقوات الأمن. بدأت الولايات المتحدة تأخذ في الحسبان التهديد الناجم عن الإرهاب المحلي، ويتضح ذلك في حجم الكتابات حول هذا الموضوع في السنوات الأخيرة، وازدياد عدد المواقع الإرهابية منذ نشر أبو مصعب الزرقاوي في العراق مقاطع مصورة تُظهر قطع الرؤوس سنة 2003. في وثيقة نشرها مكتب التحقيقات الفدرالية في يوليو 2009، قُدر عدد المواقع والمنتديات التي تدعم تلك النشاطات بنحو 15 ألف، 10 آلاف منها يعمل بنشاط. 80% من هذه المواقع تنشط على خوادم أمريكية.[7][8][9]

وفقًا لدراسة قدمها مركز خدمات الكونغرس البحثية بعنوان «الإرهاب الجهادي الأمريكي: المحاربة ضد خطر معقد»، نفذت الجهات القانونية من مايو 2009 إلى نوفمبر 2010 اعتقالات مرتبطة بـ 22 مؤامرة إرهابية محلية مستوحاة من الجهاديين بواسطة مواطنين أمريكيين أو مقيمين شرعيين في الولايات المتحدة. وتلك زيادة ملحوظة مقارنةً بالمخططات الـ 21 التي ضُبطت خلال 7 سنوات بعد أحداث 11 سبتمبر. في حين حدث هجومان بين مايو 2009 ونوفمبر 2010 أنتجا 14 ضحية. يُظهر هذا الارتفاع أن بعض الأمريكيين عُرضة للأيديولوجيات التي تدعم هذا النمط العنيف من الجهاد.[10]

تقريبًا يرتبط ربع هذه المخططات بجماعات إرهابية دولية كبيرة، ويشغل الأمريكيين بتزايد أدوارًا قيادية وعملية عالية المستوى في هذه الجماعات الإرهابية، خصوصًا تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة بها. وصف مايكل هايدن المدير السابق في الاستخبارات الأمريكية الإرهاب المحلي بأنه التهديد الأخطر الذي يواجه المواطنين الأمريكيين. وكذلك تعد المملكة المتحدة الإرهاب محلي المنشأ تهديدًا كبيرًا. في 6 يونيو 2011 أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إستراتيجية واسعة المدى لمنع المواطنين البريطانيين من التحول إلى التطرف خلال المرحلة الجامعية. تهدف الاستراتيجية إلى منع دعاة التطرف من دخول الجامعات.[11][12][13][14]

في يوليو 2019 صرح رئيس مكتب التحقيقات الفدرالية كريستوفر راي في جلسة استماع للجنة القضائية في مجلس الشيوخ، أن الوكالة نفذت نحو 100 اعتقال مرتبط بالإرهاب المحلي منذ أكتوبر 2018، ارتبط أكثر المعتقلين بطريقة ما بقضية تفوق البيض. وصرّح أيضًا «المكتب يلاحق الإرهاب المحلي بقوة، مستخدمًا مصادر مكافحة الإرهاب ومصادر التحقيقات الجنائية، ويتعاون تعاونًا وثيقًا مع الشركاء الحكوميين والمحليين»، لكنهم يركزون على العنف ذاته لا أسسه الأيديولوجية. ووقع عدد مماثل من الاعتقالات لحالات إرهاب دولية. إن فكرة تفوّق البيض تمثل تهديدًا بارزًا ومنتشرًا في الولايات المتحدة.[15]

إرهاب الذئاب المنفردة

يوصف الإرهاب المحلي عادةً بإرهاب الذئاب المنفردة. يعرِّف عالم الاجتماع رامون سبايجي إرهاب الذئاب المنفردة بأنه عمل إرهابي، يرتكبه شخص واحد بنفسه دون ارتباط بمنظمة ما. منذ أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، ارتبط إرهاب الذئاب المنفردة أساسًا في الولايات المتحدة بتفوق البيض والأصولية الاسلامية وأعداء الدولة المتطرفين مثل تشارلز وايتمان وتيموثي مكفاي ودايلان روف. يتشارك العديد من إرهابيي الذئاب المنفردة في سمة مشتركة هي رغبتهم في الانضمام إلى جماعة ما لكنهم يواجَهون بالرفض.[16][17]

في كتابهما الصادر سنة 2007 بعنوان «مطاردة الإرهابيين الأمريكيين» وصف نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية تيري تورجي والعميلة الخاصة السابقة كاثلين باكيت، 6 معايير لتعريف إرهابي الذئاب المنفردة:[18]

  1. تنظم العمل الإرهابي مجموعة قليلة أو شخص واحد دون العمل مع مجموعة منظمة.
  2. يرغب الفرد في القيام بأعمال عنف مميتة لتحقيق مراده.
  3. غايتهم الأساسية ذات نطاق أيديولوجي أو سياسي أو ديني.
  4. يرغبون في تحقيق أضرار جانبية واسعة النطاق.
  5. لا ينوون الانتحار إلا أن يتطلب الأمر.
  6. يقترفون الجرائم لإيصال رسالة ما إلى العامة، أو أن يكون العمل ذاته هو الرسالة.

الراديكالية

لا يوجد طريق محدد للعنف. كان الإرهابيون المحليون من المتسربين من المدارس الثانوية وخريجو جامعات وأعضاء من القوات العسكرية، ويمتد الأمر إلى مجال الاقتصاد. يقترح مات كوفرترب في دراسة منشورة حديثًا في «مجلة السياسات والعلاقات الدولية» البريطانية أن الإرهاب المحلي هو نتاج انعدام امكانيات المشاركة السياسية الهادفة. بعض الإرهابيين المحليين درسوا خارج البلاد وتأثروا بالفكر الإسلامي المتطرف. في حين وجد البعض الآخر إلهامهم من الإنترنت. يشير مقال منشور في «مجلة علم الاجتماع» البريطانية إلى أن التمييز في معاملة الأقليات، خصوصًا عزل مساكن المسلمين في البلدان الأوروبية مثل إنكلترا وألمانيا وفرنسا، قد يساهم في تطرف المسلمين الذين يعيشون في هذه البلدان.[19][20]

كتب مارك سيجمان في كتابه بعنوان «الجهاد بلا قيادة: شبكات الإرهاب في القرن الحادي والعشرين»: خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن التطرف نحو الإرهاب ليس نتيجة الفقر ومختلف أشكال غسيل الأدمغة والشباب والجهل وقلة التعليم والتوظيف وانعدام المسؤولية الاجتماعية والإجرامية أو المرض العقلي. ويقول إن الوسطاء والأئمة المتحدثين بالإنكليزية مثل أنور العولقي -توفي سنة 2011- الذي يمكن إيجادهم عادًة بمنتديات على الإنترنت، يؤمّنون أدوارًا أساسية بعمليات التطرف. تدعم الشبكات الاجتماعية على الإنترنت المتوفرة في المنتديات المعتقدات المتطرفة للفرد.[21]

أنظمة السجون أيضًا مصدر للقلق بوصفها مكانًا لتجنيد الجهاديين، يوجد نحو 30 مدان سابق ممن كانوا حاضرين في مخيمات التدريب في اليمن، اتجهوا إلى التطرف في السجن. وفقًا لورقة بحثية قدمها بيتر بيرجن وبروس هوفمان في سبتمبر 2010 لمركز السياسات بين الحزبية، فإن الثابت الوحيد هو كراهية بلدهم الأم أو البلد المتبنى ودرجة خطيرة من القابلية للتطويع والحماس الديني الذي يبرر ويشرع العنف ويحث الأفراد المتأثرين بسرعة وربما بسهولة نحو أعمال مميتة.

انظر أيضًا

مراجع

  1. Gary M. Jackson, Predicting Malicious Behavior: Tools and Techniques for Ensuring Global Security (John Wiley & Sons, 2012), p. 235.
  2. Enders, Walter, Todd Sandler, and Khusrav Gaibulloev (2011). "Domestic versus transnational terrorism: Data, decomposition, and dynamics". Journal of Peace Research (الطبعة 3). 48 (3): 319–337. doi:10.1177/0022343311398926. S2CID 37430122. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. "Wilner, Alex S., and Claire-Jehanne Dubouloz. "Homegrown terrorism and transformative learning: an interdisciplinary approach to understanding radicalization." Global Change, Peace & Security 22.1 (2010): 33–51". الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  4. "p. 1. – Jerome P. Bjelopera and Mark A. Randol, American Jihadist Terrorism: Combatting a Complex Threat, (Washington, DC: Congressional Research Service, December 7, 2010)" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 27 سبتمبر 2020. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. قالب:Usc
  6. Greg Myre (August 14, 2017). "Why The Government Can't Bring Terrorism Charges In Charlottesville". مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "Non-State Conflict and the Transformation of War". E-International Relations. مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. https://fas.org/irp/nic/nonstate_actors_2007.pdf
  9. "Jason Ryan, Pierre Thomas, and Xorje Olivares, "American-bred Terrorism Causing Alarm for Law Enforcement," ABC News.com July 22, 2010". Abcnews.go.com. July 22, 2010. مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. "Toni Johnson, "Threat of Homegrown Islamist Terrorism," Council on Foreign Relations, December 10, 2010". Cfr.org. مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. "Peter Bergen and Bruce Hoffman, "Assessing the Terrorist Threat," Bipartisan Policy Center, September 10, 2010" (PDF). مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Brian Michael Jenkins, "Terrorist Radicalization in the United States Since September 11, 2001," RAND Corporation, 2010 نسخة محفوظة 8 ديسمبر 2012 على موقع واي باك مشين.
  13. Yager, Jordy (July 25, 2010). "Jordy Yager, "Former intel chief: Homegrown terrorism is a 'devil of a problem,'" The Hill, July 25, 2010". Thehill.com. مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. "Brendan Carlin and Abul Taher, "Cameron plans to crack down on home-grown terrorism," gulfnews.com, June 6, 2011". Gulfnews.com. June 6, 2011. مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. Chalfant, Morgan (July 23, 2019) "FBI's Wray says most domestic terrorism arrests this year involve white supremacy" ذا هل نسخة محفوظة 2020-09-27 على موقع واي باك مشين.
  16. Spaaij, Ramón (2010). "The enigma of lone wolf terrorism: An assessment". Studies in Conflict & Terrorism. 33 (9): 854–870. doi:10.1080/1057610X.2010.501426. S2CID 143549592. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. Springer, Nathan R. (2009). "Patterns of radicalization: Identifying the markers and warning signs of domestic lone wolf terrorists in our midst". Naval Postgraduate School (Thesis). مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Turchie, Terry D.; Puckett, Kathleen M. (January 1, 2007). Hunting the American Terrorist: The FBI's War on Homegrown Terror (باللغة الإنجليزية). History Publishing Company. ISBN 9781933909349. مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. "Associated Press, "Congressional Panel on Homegrown Terrorism Divided on Discussion," March 10, 2011". Tennessean.com. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  20. Hekmatpour, Peyman; Burns, Thomas J. (2019). "Perception of Western governments' hostility to Islam among European Muslims before and after ISIS: the important roles of residential segregation and education". The British Journal of Sociology (باللغة الإنجليزية). 70 (5): 2133–2165. doi:10.1111/1468-4446.12673. ISSN 1468-4446. PMID 31004347. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  21. Marc Sageman, Leaderless Jihad: Terror Networks in the Twenty-First Century, (Philadelphia, PA: University Of Pennsylvania Press, 2008)
    • بوابة إرهاب
    • بوابة القانون
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.