الإبطالية في الولايات المتحدة

الإبطال في هذا السياق يشير إلى إبطال الاسترقاق كممارسة شرعية قانونيا، والإبطالية في الولايات المتحدة كانت الحركة قبل وخلال الحرب الأهلية الأميركية لإنهاء ممارسة الاسترقاق في الولايات المتحدة. في الأمريكتين وأوروبا الغربية، الإبطالية كانت حركة لإنهاء تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي وتحرير العبيد. في القرن السابع عشر، أدان كويكرز وإنجيليون إنجليزٌ الاسترقاقَ كعملية غير مسيحية. آنذاك، معظم العبيد كانوا أفارقة، ولكن ألاف الأميركيين الأصليين استرقوا كذلك. في القرن الثامن عشر، نُقِل ما يصل إلى 6 ميلايين أفريقي إلى الأميركتين عبيدا، وثُلثٌ منهم على الأقل على سفن بريطانية إلى أميركا الشمالية. الإبطالية كانت جزءا من رسالة الصحوة الكبرى الأولى في المستعمرات الثلاث عشرة خلال عقدي 1730 و1740.

حَصّالَة لجمعية ماساتشوستس المعادية للاسترقاق، حوالي عام 1850

وفي نفس الفترة، مفكرو عصر التنوير العقلانيون انتقدوا ممارسة الاسترقاق لأنها تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان. وكان عضو من البرلمان البريطاني، جيمس أوجلثورب، مِن أوائل مَن أفصح القضية التنويرية ضد الاسترقاق. وكمؤسس مستعمرة جورجيا (التي صارت ولاية جورجيا)، أوجلثورب منع الاسترقاق على أساس إنساني. مع أن الأحاسيس ضد الاسترقاق كانت شائعة بحلول القرن الثامن عشر، إلا أن المستعمرات والدول الناشئة، وعلى نحو لافت للنظر في جنوب الولايات المتحدة، استمرت في استخدام الاسترقاق وتمسكت تقاليده.

أثناء الثورة الأمريكية وبعدها مباشرة، الولايات الشمالية، تحركت في اتجاه إبطال الاسترقاق، وأصدرت قوانين تبطل الاسترقاق في العقدين التاليين، ابتداءا بولاية بنسيلفانيا عام 1780، وأحيانا لم يكن إلا تحرير تدريجي. صدقت ماساتشوستس على دستور أعلن إن كل الرجال متساوون؛ وقضايا الحرية، التي كانت تتحدي الاسترقاق مبنيا على هذا المبدأ، وضعت حدا للاسترقاق في الولاية. في حالات أخرى، كحالة فرجينيا، إعلانات شبيهة فسرتها المحاكم على أنها لا تنطبق على الأفارقة. وخلال العقود التالية، بدأت الحركة الإبطالية تنمو في الولايات الشمالية، والكونغرس ضبط اتساع الاسترقاق وولايات جديدة انضمت إلى الاتحاد. منعت بريطانيا استيراد عبيد أفارقة جدد في مستعمراتها عام 1807 وأبطلت الاسترقاق في شتى أراضي الامبراطورية البريطانية عام 1833. جرّمت الولايات المتحدة تجارة العبيد الدولية عام 1808 وجعلت الاسترقاق غير دستوري عام 1865 نتيجة للحرب الأهلية الأميركية.

عرّف المؤرخ جيمس م. ماكفرسون الإبطالي بأنه "أحد كان قد حرض على إبطال الاسترقاق في ولايات المتحدة الفوري والتام بلا شروط قبل الحرب الأهلية." لم يعتبر النشطاء مثل أبراهام لينكون، الرئيس الأميركي عهد الحرب الأهلية، الذين دعوا إلى إنهاء الاسترقاق التدريجي إبطاليون.[1]

دعوات إلغاء العبودية

كانت أول جماعة أمريكية منظّمة من البيض خرجت في مظاهرة للاحتجاج على العبودية هي طائفة المينوناتية المسيحية في جيرمانتاون، بينسلفانيا. بعدها بفترة وجيزة، في أبريل 1688، كتب الكويكيرز استنكارًا من صفحتين لممارسة الاسترقاق وأرسلوه لمجالس الإدارة في كنيستهم، جميعة الأصدقاء. لم تتخذ الكنيسة أي إجراء في هذا الصدد. كانت عريضة الكويكرز ضد العبودية في جيرمانتاون في العام 1688 مناقشة مبكرة وواضحة وجزلة ضد الاسترقاق وحفزت روح المبادرة التي أدت إلى إلغاء الاسترقاق في جمعية الأصدقاء في العام 1776 وفي كمونويلث بينسيلفانيا 1780. خرج أعضاء مجلس اجتماعات تيشستر الكويكرز في أولى مظاهراتهم في العام 1711. وفي غضون عقود، خضعت تجارة العبيد برمّتها لنيران النقد والشجب، بمعارضة قادة الكويكرز مثل ويليام بورلينج، وبينجامين لاي، ورالف سانيفورد، وويليام ساوثبي، وجون وولمان.[2]

حُظرت العبودية في مقاطعة بروفينس في ولاية جورجيا بعد تأسيسها في العام 1733. رفض مؤسس المستعمرة جيمس إدوارد أوجلثورب المحاولات المتكررة من قبل التجار وتجار الأراضي المضاربين من ولاية ساوث كارولاينا لإدخال تجارة العبودية إلى المستعمرة. في العام 1739، كتب أوجلثورب إلى مجلس أمناء جورجيا يحثهم على الثبات على موقفهم: «إذا سمحنا بتجارة العبيد، فإننا نتصرف بطريقة مخالفة للمبادئ التي ارتبطنا على أساسها، والتي كان منها وضع حدّ لمعاناة البشر. في حين أنه الآن يُعرض علينا أن نسبّب البؤس للألوف من شعوب أفريقيا، من خلال السماح لبعض الرجال بشراء واستعباد فقراء أفريقيا الذين يعيشون في بلادهم بحريّة». أدى النزاع بين جورجيا وساوث كارولاينا إلى خوض أول النقاشات في البرلمان الأمريكي بخصوص مشكلة العبودية بين الأعوام 1740 و1742.[3]

ضمن الإمبراطورية البريطانية، اقتفت محاكم ولاية ماساتشوسيتس أثر محاكم إنجلترا في العام 1772 عندما أصبحت إنجلترا أول دولة في العالم تجرّم تجارة العبيد على أراضيها، تبتعها في ذلك اسكتلندا في العام 1778. بين الأعوام 1764 و1774، لجأ 17 عبدًا إلى القضاء في ماساتشوسيتس لرفع دعاوٍ على مالكيهم طلبًا للحرية. في العام 1752 بدأ بينجامين كينت، زميل جون آدامز، بتمثيل العبيد قانونيّاً في المحاكم ضد أسيادهم السابقين. في العام 1766، ربح كينت أول قضية لتحرير عبد في الولايات المتحدة الأمريكية.[4][5][6][7][8]

كانت جمعية عون الزنوج الأحرار المستعبدين بشكل غير قانوني أول جمعية أمريكية لإلغاء العبودية، وتشكّلت بشكل رئيسي من الكويكرز في 14 أبريل 1775، في فيلاديلفيا. أوقفت الجمعية عملها خلال حرب الاستقلال الأمريكية وأعادت تنظيم نفسها في العام 1784 وكان بينجامين فرانكلين أول رئيس لها. يُنسب للكويكرز في ولاية رود آيلاند المرتبطين بموزيز براون أنهم كانوا أول من حرّر العبيد في أمريكا. يُذكر بينجامين راش كقائد آخر في الحركة، مثل غيره العديد من الكويكرز. تخلى جون وولمان عن معظم أعماله التجارية في العام 1756 ليكرّس نفسه للتحشيد ضد العبودية مع غيره من الكويكرز. كتب توماس بين أحد أول المقالات المنادية بتحرير العبيد وإلغاء العبودية، تحت عنوان «العبودية الأفريقية في أمريكا» ظهر المقال في 8 مارس 1775 في ملحق بينسلفانيا جورنال وويكلي آدفيرتايزر.[9]

إلغاء الاسترقاق في الشمال

بدأت حركة إلغاء الاسترقاق عملها في نفس وقت استقلال الولايات المتحدة. أدّى الكويكرز دورًا بارزًا. كانت أول منظمة لإلغاء العبودية هي جمعية بينسلفانيا لإلغاء العبودية والتي عقدت أول اجتماعاتها في العام 1775 برئاسة بينجامين فرانكلين. تأسست جمعية نيويورك مانوميشين في العام 1785 بدعم من سياسيين كبار مثل جون ماي، وآليكاسندر هاميلتون، وآرون بور.[10]

ثمة قليلٌ من اللبس المتعلّق بالتواريخ التي تمّ بها إلغاء العبودية في الولايات الشمالية نظرًا لأن مصطلح «إلغاء العبودية» يحمل معانٍ مختلفةً في كل ولاية. صحيحٌ أنه مع بداية جمهورية فيرمونت المستقلة في العام 1777، أُقرّ قانونٌ شبيه بالقوانين المناهِضة للعبودية في جميع الولايات الواقعة شمال نهر أوهايو وخط ميسن-ديكسِن الذي فصلَ بينسلفانيا عن ميريلاند. ضمت تلك القوانين أولى قوانين إلغاء العبودية في العالم الجديد: أعلن دستور ماساتشوسيتس، الذي تمّ تبنّيه في العام 1780، أعلن أن لجميع الناس حقوق، ما يجعل العبودية غير قابلة للإنفاذ، وهو ما أدى إلى اختفائها من خلال ممارسات الأسياد والمستعبَدين.[11][12]

على أي حال، أقرّت نيويورك قانونًا في العام 1799، نادى «بالإلغاء التدريجي للعبودية». الجدير بالذكر أن ولاية نيويورك كانت تضم عدد عبيد أكثر من أي ولاية شمالية أخرى، وأن مدينة نيويورك كان بها ثاني أكبر عدد من العبيد في مدينة واحدة بعد تشارلستون في ساوث كارولاينا.[13]

ألغت ولاية نيوجيرزي العبودية في العام 1804، ولكن حتى العام 1806 وُجد عددٌ من السود الذين بقوا محتَجَزين كـ«متدرّبين دائمين».

المراجع

  1. James M. McPherson (1995). The Abolitionist Legacy: From Reconstruction to the Naacp. Princeton University Press. صفحة 4. مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, p. 183.
  3. Wilson, Thomas, The Oglethorpe Plan, pp. 128–33
  4. Adams’ Minutes of the Argument: Essex Superior Court, Salem, November 1766 نسخة محفوظة 11 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
  5. Jenny Slew: The first enslaved person to win her freedom via jury trial Meserette Kentake January 29, 2016 نسخة محفوظة 5 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. Legal Papers of John Adams, volume 2 نسخة محفوظة 29 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  7. Love of Freedom: Black Women in Colonial and Revolutionary New England By Catherine Adams, Elizabeth H. Pleck "benjamin+kent"+lawyer+boston+woman&source=bl&ots=WVu2KcWVP4&sig=ACfU3U08H_Qyf9sRXHKffyK_8Jzr0Z57Tw&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwj6laWG-I_iAhWunOAKHQmrD1sQ6AEwAXoECAcQAQ نسخة محفوظة 13 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  8. The Proceedings of the Cambridge Historical Society, Volume 40, 1964-1966 نسخة محفوظة 17 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  9. Thomas Paine; Thomas Paul Slaughter (2001). Common Sense and Related Writings. Palgrave Macmillan. صفحة 57. ISBN 9780312237042. مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Foner, Eric (2010). The Fiery Trial: Abraham Lincoln and American Slavery. New York: W. W. Norton & Company, Inc. صفحة 14. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Population of the United States in 1860, p313 Eight Census of the United States, 1860 نسخة محفوظة 17 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  12. Randall M. Miller, John David Smith, Dictionary of Afro-American Slavery, Greenwood Publishing Group, 1997, p. 471. نسخة محفوظة 22 أكتوبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  13. Seymour Drescher, Abolition: A History of Slavery and Antislavery (Cambridge University Press, 2009).
    • بوابة حقوق الإنسان
    • بوابة الولايات المتحدة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.